في ذكر مصائب أهل البيت - قم جدد الحزن
السيد هاشم الستري البحراني
قم جدد الحزن في العشرين من صفر = ففيه ردت رؤوس الآل للحفرِ
آل النبي التي حلت دماؤهم = في دين قوم جميع الكفر منه بري
يا مؤمنون احزنوا فالنار شاعلة = ترمى على عروة الإيمان بالشررِ
ضجوا لسفرتهم وابكوا لرجعتهم = لا طبتِ من رجعةٍ كانت ومن سفرِ
تذكروا مبتدأ أيام رجعتهم = وأعقبوا سوء ما لاقوا بذا الخبرِ
فسلهم هل رجعتم للجسوم وقد = تركتموها مزار الذئب والنسرِ
وسلهم عن رؤوس الآل هل نشفت = دماؤها أم لها التقطير كالمطرِ
وسل أراس حسينٌ غاب رونقه = أم نوره مخجلٌ للشمسٍ والقمرِ
وسل عن اللؤلؤ المنظوم في فمه = لعله بعد قرع غير منتشرِ
وسلهم عن جبين كان منتجعاً = من الرسول بتقبيل الرسول حري
واستحكِ عن شعرات في كريمته = فديت طلعة ذاك الشيب في الشعرِ
هل الطرواة في الوجه الوجيه له = أم غيرتها ليالي السود بالغيرِ
وقد رووا أنه لما يزيد قضى = مآرباً من بني المختار بالضررِ
دعا يزيد علي أبن الحسين إلى = مقامه في علوٍ أي مفتخرِ
وقال معتذراً يا أبن الحسين لقد = كان الذي كان أمراً صار في القدرِ
أبوك قاومني في الملك مفتخراً = يقول أني بتقديمٍ عليك حري
وكان يعلم أني لا أطيع له = لا أترك الملك لو خلدت في سقرِ
والآن إذ كان ما قد كان وازدهرت = لآل سفيان دور الفتح والظفرِ
أن كنت تهوى ديار الشام تسكنها = فانزل بها مستقراً غير محتقرِ
وأن أردت رجوعاً للمدينة سر = مؤيداً سالماً من بعد مزدجرِ
وخذ المال ما تختاره ديةً = عن الحسين وعن أخوانك الغررِ
فعند ذاك بكى السجاد منتحباً = وقال لازلتُ في ذل وفي ضررِ
لقد قتلت أبي ظلماً على ظمأً = وأخوتي وبني عمي ومفتخري
والآن تطعمني في الحال من دمهم = فيالك الويل لا بوركت من بشرِ
لقد صنعت بنا ما شئت من نكدٍ = فاعطنا رخصة من هذه الحجرِ
لعل أمضي بأهلي والحريم إلى = ديار طيبة نقضي العمر بالكدرِ
ومطلبي منك أن مر لي برأس أبي = ورؤؤس قومي أهديها إلى الحفرِ
ومر بأن يسلكوا بي في الطريق على = سمت الطفوف لأقضي بالبكا وطري
فقال إنا وهبالك الرؤوس فسر = بها لما شئت أن تدفن وأن تذرِ
هناك نادى بنعمان وقال له = أنت الأمير على تسييرهم فسرِ
واستخرج السيد السجاد نسوته = من بلدة الشام بالإكرام والسررِ
ورأس والده كانت بضاعته = من شامهم ورؤوس العزوة الغررِ
لهفي على النسوة الحزنا محملً = على النياق تشيع النعي في السفرِ
يا واردي كربلا من بعد رحلتهم = عنها إلى بقع التهتيك والشهرِ
يا زائري بقعة أطفالهم ذبحت = فيها خذوا تربها كحلا الى البصرِ
والهفتا لبنات الطهر يوم رنت = الى مصارع قتلاهن والحفرِ
رمين بالنفس من فوق النياق على = تلك القبور بصوت هائل ذعرِ
فتلك تدعو حسينا وهي لاطمة = منها الخدود ودمع العين كالمطرِ
وتلك تصرخ واجداه واأبتاه = وتلك تصرخ وايتماه في الصغرِ
فلو تروا أم كلثوم مناشدة = ولهى وتلثم ترب الطف كالعطرِ
يا دافني الرأس عند الجثة أحتفظوا = بالله لا تنثروا تربا على قمرِ
لا تدفنوا الرأس الا عند مرقده = فأنه جنّة الفردوس والزهرِ
لا تغسلوا الدم عن أطراف لحيته = خلوا عليها خضاب الشيب والكبرِ
رشوا على قبره ماء فصاحبه = معّطش بللوا احشاه بالقطرِ
لا تدفنوا الطفل الاّ عند والده = فأنه لا يطيق اليتم في الصغرِ
لا تدفنوا عنهم العباس مبتعدا = فالرأس عن جسمه حتى اليدين بري
لا تحسبوا كربلا قفراء موحشةً = أضحت تفوق رياض الخلد بالزهرِ
يا راجعين السبايا قاصدين إلى = ارض المينة ذاك المربع الخضرِ
خذوا لكم من دم الأحباب تحفتكم = وخاطبوا الجد هذي تحفة السفرِ
يا أم كلثوم قدي الجيب صارخةً = على أخيك وفوق المرقد أعتفري
قولوا لعابده ان لا يفارقه = فكربلا منزل الأحزان والضجرِ
يا كربلا أي جسم في ثراك ثوى = لو تعلمين لنلت العرش في القدرِ
لآلىء كعبة الهادي لهم صدف = لديك ما بين مكسور ومنفطرِ
شككتِ من نقط المرجان من دمهم = قلائداً نورها يعلو على الدررِ
ضممتِ أشباح أنوار فواعجباً = عن ساحة الأرض فوق العرش لم تصرِ
وطتكِ أقدامهم فأرتاح من شرف = ثراك يعطي حياة الجن والبشرِ
زاروكِ يوماً فأمسى زائروك لهم = شأن تفوق من حاج ومعتمرِ
يا مؤمنون أكثروا للحزن وانتحبوا = عليهم مدة الآصال والسحرِ
حطوا عزاه وقولوا رأس سيدنا = قد رد في العشرين من صفرِ
وابكوه يرنو شطوط الماء ومهجته = في حرة لم يطقها طاقة البشرِ
وابكوه يلثم أطفالاً ويرشفها = مودعاً ودموع العين كالمطرِ
وابكوه إذ صار مأوى النبل جثته = وصدره مركز الخطية السمرِ
وابكوه أذبل وجه الأرض من دمه = وخرَّ عن متن برج السرج كالقمرِ
وابكوه والشمر جاثٍ فوق منكبه = يخز رأساً سما عن كل مفتخرِ
قد مكن السيف في نحرٍ يهبرهُ = والسبط يفحص رجلاً حال محتضرِ
يصيح في شمر أواه واعطشا = هل شربة التقيها آخر العمرِ
وابكوه والذابل الخطى محتملاً = رأس الجلال ورأس المجد والخطرِ
وافدوا نتيجة واطي العرش تحطمه = الجياد لم يبق عضو غير منكسرِ
لا يفجع الدهر إلا من يحس به = ملجاً مرجى لدفع الضيم والضررِ
كل الثمار على الأشجار باقيةً = وليس يقطع إلا طيب الثمرِ
كل الكواكب في الأفلاك آمنةً = والكسف والخسف حظ الشمس والقمرِ
يا عترة المصطفى المختار يا عددي = ومن بدولتهم عزي ومفتخري
أنتم أولوا الفضل إذ جئتم على قدرٍ = كما أتى ربه موسى على قدرِ
يا سادتي أرتجيكم دائماً لأبي = والأم والأهل أمناً من لظى سقرِ
صلى عليكم إلهي حيث خصكم = بعصمةٍ من جميع الأثم والكدرِ