شعراء أهل البيت عليهم السلام - في الموت و الفناء

عــــدد الأبـيـات
48
عدد المشاهدات
7959
نــوع القصيدة
فصحى
مــشــــاركـــة مـــن
تاريخ الإضافة
06/09/2009
وقـــت الإضــافــة
01:33 صباحاً

لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشام واليَمَنِ = إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتِهِ = على الْمُقيمينَ في الأَوطانِ والسَّكَنِ لا تنهًرنّ غريبًاً حال غربته = الدهر ينهرهُ بالذل والمحنِ سَفري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَني = وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والموتُ يَطلُبُني وَلي بَقايا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها = الله يَعْلَمُها في السِّرِ والعَلَنِ مَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني = وقَدْ تَمادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي تَمُرُّ ساعاتُ أَيَّامي بِلا نَدَمٍ = ولا بُكاءٍ وَلاخَوْفٍ ولا حَزَنِ أَنَا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً = عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُني يَا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ = يَا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُها = وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيرِ وَالحَزَنِ دع عنك عزلي يا من كان يعزلنى = لو كنت تعلم ما بى كنت تعذرني دعنى اسح دموع لا انقطعا لها = فهل عسى عبرة منها تخلصنى كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحَاً = عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُني وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَيْ يُعالِجَني = وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هذا اليومَ يَنْفَعُني واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُها = مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها = وصَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا = بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ وَقامَ مَنْ كانَ حِبَّ لنّاسِ في عَجَلٍ = نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتيني يُغَسِّلُني وَقالَ يا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً = حُراً أَرِيباً لَبِيباً عَارِفاً فَطِنِ فَجاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني = مِنَ الثِّيابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحاً = وَصَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَغسلني وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني = غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ وَأَلْبَسُوني ثِياباً لا كِمامَ لها = وَصارَ زَادي حَنُوطِي حينَ حَنَّطَني وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيا فَوا أَسَفاً = عَلى رَحِيلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُني وَحَمَّلوني على الأْكتافِ أَربَعَةٌ = مِنَ الرِّجالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا = خَلْفَ الإِمَامِ فَصَلَّى ثمّ وَدَّعَني صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لها = ولا سُجودَ لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُني وَأَنْزَلوني إلى قَبري على مَهَلٍ = وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهم يُلَحِّدُني وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني = وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني فَقامَ مُحتَرِماً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً = وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفارَقَني وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا = حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هناك ولا = أَبٌ شَفيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُني فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يا أَسَفاً = عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُني وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ = مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ ما أَقولُ لهم = قَدْ هَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهِمُ = مَالِي سِوَاكَ إِلهي مَنْ يُخَلِّصُنِي فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يا أَمَلي = فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهَنِ تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا = وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لها بَدَلي = وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَنِ وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَها = وَصَارَ مَالي لهم حِلاً بِلا ثَمَنِ فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيا وَزِينَتُها = وانْظُرْ إلى فِعْلِها في الأَهْلِ والوَطَنِ وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها = هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ خُذِ القَنَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها = لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ يَا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً = يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ يَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي = فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً = عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ ثمَّ الصلاةُ على الْمُختارِ سَيِّدِنا = مَا وَصَّى البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ والحمدُ لله مُمْسِينَا وَمُصْبِحِنَا = بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْسانِ وَالمِنَنِ
Testing