في رثاء سيد الشهداء و مصيبة العباس (ع)
السيد جعفر الحلي
للسيد جعفر الحلي
في رثاء سيد الشهداء و مصيبة العباس (ع)
وجه الصباح علي َّ ليل ٌ مظلمُ = وربيع أيامي علي َّ محرمُ
والليل يشهد لي بأني ساهر = إن طاب للناس الرقاد فهوموا
بي قرحة لو أنها بيلملم ٍ = نسفت جوانبه وساخ يلملمُ
قلقا تقلبني الهموم بمضجعي = ويغور فكري في الزمان ويتهمُ
من لي بيوم وغى يشب ضرامه = ويشيب فود الطفل منه فيهرمُ
يلقي العجاج به الجران كأنه = ليل وأطراف الأسنة أنجمُ
فعسى أنال من الترات مواضيا = تسدى عليهن الدهور وتلحمُ
أوموتة بين الصفوف أحبها = هي دين معشري الذين تقدموا
ما خلت أن الدهر من عاداته = تروى الكلاب به ويظمى الضيغمُ
ويقدم الأموي وهو مؤخر = ويؤخر العلوي وهو مقدمُ
مثل ابن فاطمة يبيت مشردا = ويزيد في لذاته متنعمُ
يرقى منابر أحمد متأمرا = في المسلمين وليس ينكر مسلمُ
ويضيق الدنيا على ابن محمد = حتى تقاذفه الفضاء الأعظمُ
خرج الحسين من المدينة خائفا = كخروج موسى خائفا يتكتمُ
وقد انجلى عن مكة وهو ابنها = وبه تشرفت الحطيم وزمزمُ
لم يدر أين يريح بدن ركابه = فكأنما المأوى عليه محرمُ
فمضت تأم به راق نجائب = مثل النعام به تخب وترسمُ
متعطفات كالقسي موائلا = وإذا رتمت فكأنما هي أسهمُ
حفته خير عصابة مضرية = كالبدر حين تحف فيه الأنجمُ
ركب حجازيون بين رحالهم = تسري المنايا أنجدوا أو أتهموا
يحدون في هزج التلاوة عيسهم = والكل في تسبيحه يترنمُ
متقلدين صوارما هندية = من عزمهم طبعت فليس تكهمُ
بيض الصفاح كانهن صحائف = فيها الحمام معنون ومترجمُ
إن أبرقت رعدت فرائص كل ذي = بأس وأم من جوانبه الدمُ
ويقومون عواليا خطية = تتقاعد الأبطال حين تقومُ
أطرافها حمر تزين بها كما = قد زين بالكف الخضيبة معصمُ
إن هز كل منهم يزنيه = بيديه ساب كما يسيب الأرقمُ
وتقمصوا زرد الدموع كأنه = ماء به غص الصبا يتنسمُ
و لصبر أيوب الذي ادرعوا به = من نسج داود أشد وأحكمُ
نزلوا بحومة كربلا فتطلبت = منهم عوائدها الطيور الحومُ
وتباشر الوحش المثار أمامهم = أن سوف يكثر شربه والمطعمُ
طمعت أمية حين قل عديدهم = لطليقهم في الفتح أن يستسلموا
ورجوا مذلتهم فقلن رماحهم = من دون ذلك ان تنال الأنجمُ
حتى إذا اشتبك النزال وصرحت = صيد الرجال بما تجن وتكتمُ
وقع العذاب على جيوش امية = من باسل هو في الوقائع معلمُ
ما راعهم إلا تقحم ضيغم = غير ان يعجظه ويدمدمُ
عبست وجوه القوم خوف الموت وال = عباس فيهم ضاحك متبسمُ
قلب اليمين على الشمال وغاص في ال = أوساط يحصد في الرؤس ويحطمُ
وثنى ابو الفضل الفوارس نكصا = فرأوا أشد ثباتهم أن يهزموا
ما كر ذو بأس له متقدما = إلا وفر ورأسه المتقدمُ
صبغ الخيول برمحه حتى غدى = سيان أشقر لونها والأدهمُ
ماشد غضبانا على ملمومة = غلا وحل بها البلاء المبرمُ
وله إلى الأقدام سرعة هارب = فكانما هو بالتقدم يسلمُ
بطل تورث من ابيه شجاعة = فيها أنوف بني الظلالة ترغمُ
يلقي السلاح بشدة من بأسه = فالبيض تلثم والرماح تحطمُ
عرف المواعظ لا تفيد بمعشر = صمواعن النبأ الأعظيم كما عموا
فانصاع يخطب بالجماجم والكلى = فالسيف ينثر والمثقف ينظمُ
أوتشتكي العطش الفواطم عنده = وبصدر صعدته الفرات المفعمُ
لو سد ذو الأقرنين دون وروده = نسفته همته بماهو أعظمُ
ولو استقى نهر المجرة لارتقى = وطويل ذابله إليها سلمُ
حامي الضعينة اين منه ربيعة = أم أين من عليا أبيه مكدمُ
في كفه اليسرى السقاء يقله = وبكفه اليمنى الحسام المخذمُ
مثل السحابة للفواطم صوبه = ويصيب حاصبة العدو فيرجمُ
بطل إذا ركب المطهم خلته = جبلا أشم يخف فيه مطهمُ
قسما بصارمه الصقيل وإنني = في غيرصاعقة السما لا أقسمُ
لولا القضا لمحى الوجود بسيفه = والله يقضي ما يشاء ويحكمُ
حسمت يديه المرهفات وانه = وحسامه من حدهن لأحسمُ
فغدى يهيم بأن يصول فلم يطق = كالليث إذ أطرافه تتقلمُ
أمن الردى من كان يذر بطشه = أن البغاث إذا أصيب القشعمُ
وهوى بجنب العلقمي فليته = للشاربين به يداف العلقمُ
فمشى لمصرعه الحسين وطرفه = بين الخيام وبينهم متقسمُ
ألفاه محجوب الجمال كأنه = بدر بمنحطم الوشيج ملثمُ
فأكب منحنيا عليه ودمعه = صبغ البسيط كأنما هو عندمُ
قد رام يلثمث فلم يرى موضعا = لم يدمه عض السلاح فيلثمُ
نادى وقد ملأ البوادي صيحة = صم الصخور لهوله تتألم
أأخي يهنيك النعيم ولم أخل = ترضى بأن أرزى وأنت منعم
أأخي من يحمي بنات محمد = إن صرن يسترحمن من لا يرحمُ
ما خلت بعدك أن تشل سواعدي = وتكف باصرتي وظهري يقصمُ
لسواك يلطم بالأكف و هذه = بيض الضبا لك في جبيني تلطمُ
ما بي مصرعك الفضيع وهذه = إلا كما أدعوك قبل وتنعمُ
هذا حسامك من يذب به العدا = ولواك هذا من به يتقدمُ
هونت يابن أبي مصارع فتية = والجرح يكنه الذي هو آلمُ
يا مالكا صدرالشريعة إنني = لقليل في بكاك متممُ