بين النبوة - في رثاء الإمام الحسن عليه السلام الشيخ أحمد الوائلي
بين النبوة و الإمامة معقدُ=ينميه حيدرة و ينحب أحمدُ
يزدان بالإرث الكريم فعزمة = من حيدر و من النبوة سؤدد
و الرافدان خلائق ربيتها = و كرائم أغناك منها المحتد
فإذا سمى خلق و طابت دوحة = فالمرء بينهما السري و الأوحد
يا أيها الحسن الزكي و أنت من = هذي المصادر للروائع مورد
أ أبا محمد أيها الفرخ الذي = آواه من حجر النبوة مقعد
و شدت له الزهراء تملأ مهده = نغماً غداة تهزه و تهدهد
و رعته بالزاد الكريم عناية = لله تغدق بالكريم و ترفد
عيناه تستجلي ملامح أحمد = و بسمعه الوحي المبين يردد
و يربه المحراب و هو مطوق = عنق النبي غداة فيه يسجد
و تشد عزمته ملاحم للوغى = حمر أبوه بها الهزبر الملبد
زهت النجوم على سماك و = ليس في أفق نميت إليه إلا فرقد
ما أقبح التاريخ حين يلح في = كذب عليك و ذو المناقب يحسد
أسماك مزواجاً و هذي فرية = و روى بأنك خائف متلدد
ماذا أ أنت تخاف و الجد الذي = ينميك و الأب شعلة تتوقد
و لك المواقف و المشاهد واحد = يروي و آخر بالبطولة يشهد
فبإصبهان و يوم قسطنطينة = ماضي شباك له حديث مسند
و النهروان و أرض صفين بها = أصداء سيفك ما تزال تعربد
و أبوك حيدر و الحيادر نسلها = من سنخها وابن الحسام مهند
و عذرت فيك المرجفين لأنهم = وتروا و ذو الوتر المدمى يحقد
قالوا تنازل لابن هند و الهوى = يعمي عن القول الصواب و يبعد
ما أهون الدنيا لديك و أنت من = وكف السحابة في عطاءٍ أجود
و الحكم لولا أن تقيم عدالة = أنكى لديك من الذعاف و أنكد
و يهون كرسي لمن أقدامه = ترقى على صدر النبي و تصعد
أو يبتغي منه السيادة من له = شهد النبي و قال إنك سيد
قد قادنا للصدق فيه محمد = و مذمم من لم يقده محمد
يا من تمر به النجوم و طرفه = نحو السماء مصوب و مصعد
تتناغم الأسحار من ترديده = إياك ربي أستعين و أعبد
يتلو الكتاب فينتشي من وعده = و يهزه وقع الوعيد فيرعد
روح بآفاق السماء محلق = و يد بدين المعوزين تسدد
و سماحة وسعت بنبل جذورها = حتى لمروان و ما يتولد
خلق النجوم بدفئها و شعاعها = حتى لمنتنةِ الحضيض تزود
أنحى عليك الناكثون بغدرهم = و القاسطون المارقون تمردوا
فلدى المدائن شاهد من غدرهم = نكصوا و أنت إلى الملاحم تنهد
طعنوك و انتهبوا خباءك و الذي = رضع الخيانة لا تعف له يد
و تعهدوا بك لابن هندٍ مثخناً = تعست معاهدة و ضل تعهد
أو مثل هؤلاء تنهض فيهم = و الغدر في تاريخهم متجسد
فرجعت تمسح من جراحك و الأسى = يجتث نابتة الشموخِ و يخضد
و جرعت أشجان ابن هند و لؤمه = كالليث إذ ينقاد و هو مقيد
أزجى إليك السم و هو سلاحه = و يد الجبان بغيلة تستأسد
فتقطعت أحشاك و انطفأ السنا = و ذوت شفاه بالكتاب تغرد
و استوحش المحراب حبراً طالما = ألفاه في كبدِ الدجى يتهجد
يا ترب طيبة يا أريج محمدٍ = يا قدس عطره البقيع الغرقد
افدي صعيدك بالجنان و كيف = لا و بنو علي على صعيدك رفد
حسن و زين العابدين و باقر = و الصادق البحر الخصم المزبد
اولاء هم عدل الكتاب و من بهم = نهج النبي و شرعه يتجدد
و هم ذووا قربى النبي فويل من = قتلوا بقتلهم النبي و ألحدوا
و أبوا عليهم أن يشيد مرقد = لهمو شيد للتوافه مرقد
مهلاً فما مدح اللباب بقشره = و السيف يبني المجد و هو مجرد
لابد من يوم على أجسامهم = كمثال أهل الكهف يبني مسجد
حيتك ياروض البقيع مشاعر = قبل الجباه على ترابك تسجد
و روت ثراك عواطف جياشة = و سقت رباك مدامع لا تبرد