تــراءَى هِــلالُ الـكونِ عـندَ
طُـلوعِهِ كـئـيبًا يُـعزّي فـي الـسماواتِ
أنـجُما
ونـاحتْ رِيـاحُ الـعَصفِ تَـبكِي
بحُرقةٍ فـقـلتُ لـنـفسي إنَّـما الـخيرُ
أُعـدِما
وإنّ جـبينَ الـعرشِ قـد خرَّ
فاعْرِفي لـمـاذا عـيـونُ الـكـونِ أبـدَتْ تـجهُّما
مـتـى تـسـطعُ الأنـوارُ فـوقَ
ربُـوعِنا لــمَ الـصـبحُ يـأبى بـالفضاءِ
تـقَدُّما؟
لِــمَ اسْــوَدَّ تـرنيمُ الـضّياءِ
بـحُمرَةٍ؟ فـيسكرُ مِـنْ دمـعِي الأريجُ إذا
هَمَى
سـألتُ الـهلالَ المُنطفي: أينَ
بدرُنا؟ فَـمِنْ عـشرِ أيّـامٍ سَـرَتْ مـا
تـبسّما
ومـا خـطبُ قـلبي إذْ يـغصُّ
بِـلَوعةٍ؟ وكـيـفَ كَـلامِي فـي سَـناكَ
تـلعثما؟
وكَــمْ مِـنْ سـؤالٍ يـا هـلالُ بـجُعبتي ولــنْ أنـتهي إِنْ أبـتدئْ سـائلًا:
لِـمَا؟
سـألـتُـكَ باللهِ الـعـظيمِ بــأنْ أجِــبْ حـرامٌ عليكَ الصّمتُ، فانطِقْ
لأعلَمَا
أجــابَ بـشـجوٍ خـافِـتٍ: تـلكَ
كـربلا وذا يَــومُ عـاشـوراءَ يُـحْيُونَ
بِـالسَّما
وهـذا الـحسينُ الـسِّبْطُ نَفسُ
مُحمَّدٍ فـتبكي الـسّما فـقدًا وتَـذْرِفُ
أَنـجُما
فـيا أهـلَ أَرضٍ هـل تُـقيمون
ذِكرَهُ؟ أقـيمُوا... أقـيمُوا فـي عـزائِهِ
مَـأتَما
أجــبـتُـهُ: واللهِ الـحُـسـينُ
شـهـيـدُنا نـعيشُ عـلى ذكـراهُ كـي نبذلَ
الدِّما
وإنّ حُـسـيـنًـا ذاكَ مــصــدرُ
عــزِّنـا وحــبُّـه ذا شَـــرطٌ لأُصـبـحَ
مُـسـلِما
فــلا يـنقضي حـبُّ الـحسينِ
بـنبضِنا ومـــا كـــانَ إيـحـاءُ الــولاءِ
لِـيُـكتَمَا
وعـذري بـأنْ أخـفيتُ عِـلمي
بِـشأنِهِ لـعـلّكَ تَــروي مَــا بَــدا لــكَ
مُـؤلِما
فمِنْ قمحِ عاشُوراءَ خُبزي
ومشرَبي فلا الجوعُ بي ضيفٌ ولا زارَني الظَّما
عَـزاها مُـقيمٌ فـي الـصّميمِ
ووقْـعُها يـحيلُ الـفؤادَ الـصّلبَ صخرًا
مهشَّما
فـــأيُّ حَــديـدٍ سُـــلّ بَـغْـيًـا
لـذبـحِهِ ومـــا ذابَ فـيـهِ احـتِـرامًا
وأحـجَـما
ولــكـنّـهـا واللهِ أفـــئــدةٌ
قَـــسَــتْ فـما بَـصُرَتْ نـفسٌ تَـسَرْبَلها
العَمَى
فـشِـمرٌ يَـحُزُّ الـرأسَ مُـعتَمِدًا
عـلى الـذي أغْـلَقَتْ ذلُّ الـمعاصي لَـهُ
فَمَا
أمــثــلُ حُـسـيـنٍ تُـسـتَـباحُ
دِمـــاؤُهُ ولا يـستحيلُ الـبدرُ كـالليلِ
مُـظلِما؟
ألا فـاحـتَجِبْ يــا بــدرُ لا تُـبدِ
طـلعةً وَقُــمْ واصْـبَغِ الأفـلاكَ أَسـودَ
مُـعتما
وإنْ غِـبْتَ عـنَي يـا هـلالُ فـلا
تُـطِلْ وخــلِّ الـمَرايا تـبعثُ الـنورَ
لـلحِمَى
نَـعَـمْ ذا هــلالُ الـحزنِ فـجرُ
مـحرّمٍ فــيـا لـيـتَـهُ كـــانَ الـهـلالُ
مـحـرَّما