لــم تـطـلبِ الـماءَ إنَّ الـماءَ قـد
طـلبَكْ سـمـعـتُـهُ عــطـشًـا نـــاداكَ
وانـتـخـبَكْ
ومــــا مــــدَدْتَ لــــهُ كــبــدًا
تـرطِّـبُـها مُــدَّتْ يــدُ الـمـاءِ حـتّـى تـجتني
رُطـبَكْ
ولـــم يـصِـلْـكَ قـصـيـدٌ فـــي
مـدائـحِـهِ إلا جـنـى الـشـعرُ فــي أكـمـامِهِ
عِـنـبَكْ
فـلـنْ أقــولَ: "لـسـاني كــلَّ
وانـغـلقَتْ عــلـيَّ كـــلُّ الـمـعـاني هـائـبًا
صـعِـبَكْ"
ولــنْ أقــولَ: "بـياني عـلَّ أنْ يَـصِفَ
ال طــودَ الـعظيمَ ومـوسى خـرَّ إذْ
رَهِـبَكْ"
أقـــولُ: "مـــا إنْ تـنـفَّسْتُ الـقـصيدَ
إذا بـالـحـرفِ شــعَّ نـجـومًا زيَّـنَـتْ
قِـبَـبَكْ"
أقـولُ: "أنـتَ ازدهـارُ الـبوحِ مـا
نُـطِقَتْ أحـلى مِـنِ اسـمِكَ حاءٌ فاكتسَتْ
ذهبَكْ"
وكـيـفَ يـعـجزُ مَــنْ يـنحوكَ عَـنْ
كَـلِمٍ؟ ومِـــنْ كُــلامِـكَ قـــد ألـهـمـتَهُ
أدبَـــكْ؟
مــا إنْ نـظـمتُ إلـيـكَ الـصـدرَ
مـنـتشيًا حـتَـى انـبـنى عَـجُـزٌ مِــنْ عـشقهِ
كـتَبَكْ
الـشـعرُ والـنـثرُ فــي أسـمـى
مـجازِهِمَا تـجـلَّـيَا فَـزَهَـا الـمـعنى الــذي
انـتـسبَكْ
والـبـحرُ والـنـهرُ فــي أقـصـى
جـفافِهِمَا عـلـيكَ قَــدْ صـلَّـيَا واسـتَـمْطَرَا
سُـحُـبَكْ
إنّ الــظّــمـا لــغــزيـرٌ والــمــيـاهَ
بِــــلا مــاءِ الـحياةِ أفِـضْ يـا بْـنَ الـنَّدَى
قُـربَكْ
لـبَّـيْـتُـهُ طــالـمَـا لــبَّـيْـتَ نُــدْبــة
مَـــنْ نـــاداكَ، جـــلَّ الـــذي لـلـنّجدةِ
انـتـدبَكْ
وهَــبْـتَـهُ الــــرّوحَ جــــوّادًا بــــلا
مِــنـنٍ يــا أكــرمَ الـخلقِ سـبحانَ الـذي
وهـبَكْ
نـهـضْتَ تـسـقِيهِ مِـنْ صـبرٍ ومِـنْ
شِـمَمٍ فــمــاجَ حــيــنَ رآكَ الـنـهـرُ
وانـتـحـبَكْ
لامـسْـتَـهُ فـشـكـا فـــي الـبِـيـدِ
غـربـتَهُ وهــــشَّ مـبـتـسـمًا لــمّــا رأى
حَـبَـبَـكْ
أورَدْتَـــهُ الـخـيـلَ لــكـنَّ الـخـيـولَ
لــهـا قـلـبٌ كـمّا لـم يـكُنْ قـلبُ الـذي
أحَـبَكْ
شـــالَ الــجـوادُ مـشـيحًا رأسَــهُ
خـجـلًا وأنـــتَ مِـــنْ كـــرمٍ قـاسَـمْـتِهُ
نَـصَـبَكْ
ولــمْ تَـقُلْ لَـهُمُ اسْـقُوني كَـمَا فَـهِمَ
ال رواةُ زلَّ الـــذي لـلـضّـعفِ قَــدْ
نَـسَـبَكْ
ومـــا تـوسّـلـتَهُمْ أنـــتَ الـوسـيلةُ
فــي دفْـعِ الـملمَّاتِ هـل تـشكو لـهم
كُـرَبَكْ؟
كاللهِ نــاديــتَ هــــذا بَــــرْدُ
مـغـتـسـلٍ هُـبُّوا اركُـضُوا وهُـنَا طـابَ الـذي
شَـرِبَكْ
مِـــنْ كـــلِّ فـــجٍ عـمـيقٍ أقْـبَُـلوا
ولَـهًـا عَْـدوًا لـكي يُـدركوا فـي ركْـضِهِمْ
خَـبَبَكْ
لــلـهِ ســرُّهُـمُ اخـتُـصُّوا بـمـنحةِ
(كُــنْ) فـكـانَ أنْ وَجــدوا كــي يـولَـدوا
سَـبَبَكْ
يـسـوقُـهُـمْ لــبـهـاءِ الــمـوتِ
طـالـعُـهُمْ إنْ أظـلَمُوا أطْـلَعُوا رَغْـمَ الـدُّجَى
شُهُبَكْ
هُــمُ الـنَّـجِيبُونَ مــا سَــارَتْ بِـهِمْ
نُـجُبٌ لـكـنَّـهُمْ حَـمَـلُـوا مِــنْ شـوقِـهِمْ
نُـجُـبَكْ
أبْــكِــيـكَ لا شــفــقًـا أو ذلّـــــةً
أبـــــدًا لــكــنْ بــكـاءَ الـــذي يَـعْـتَـزُّ إنْ
نَــدَبَـكْ
أمــشـي بِـحُـزْنِـي مـخـتالًا أطــوفُ
بِــهِ عــلـى الــبـلادِ الــتـي أودَعْـتَـهَـا
تُــرَبَـكْ
أنـــا الــذي لــمْ أزَلْ مِــنْ ألــفِ
خـالـيةٍ مِــنَ الـسّـنِينِ أرى الـيـومَ الـذي
نَـشَبَكْ
هـــنــاكَ أوْقَْــفَــتِ الأفــــلاكُ
دَورَتَــهــا وقـــامَ ثَـــمَّ دمٌ نــحـوَ الـسّـمـا سَـكَـبَكْ
يـومًـا نَـهـبْتَ بِــهِ كــلِّ الـقـلوبِ
أسًــى وســـوَّدَتْ رقـــعُ الـتـاريـخِ مَـــنْ
نَـهَـبَكْ
مـا كـنتُ أعـلمُ أنّ الـشّمسَ تمرضُ
مِنْ خـطبٍ إلـى أنْ دنَـا العرسُ الذي
خطَبَكْ
اللهُ يــــا ســهــرًا مـــا كـــانَ
أقــصـرَهُ حـتّـى أغــارَ عـلـيكَ الـصـبحُ
واصْـطَحَبَكْ
طـافُـوا بـرأسِـكَ مـسـلوبًا ومِــنْ
عـجبٍ أن يـنفحَ الـرأسُ عـطرًا كـفَّ مَنْ
سَلَبَكْ
ولــلـعـدى أهــمَـلَـتْ عـيـنـاكَ
رحـمـتَـها شـــأنَ الـنّـبِـيِّينَ تــرثـي لـلّـذي
غَـصَـبَكْ
تـتـلو الـكتابَ عـلى الـعسّالِ كـنتَ
وَكَـمْ فـي "أمْ حَـسِبْتَ" رأتْ عَيْنُ المَلا
عَجَبَكْ
يــا أيّـهـا الـرمـحُ هــلاّ مِـلْـتَ مِــنْ
ثِـقَلٍ حـمـلـتَـهَ أم تــــراهُ حــامــلًا
قَـصَـبَـكْ؟
يــا أيّـها الـحافرُ الـمغروسُ هـل
عَـلِقَتْ مــنـهُ بـقـايا لـكـي تــروي بـهـا
عـشُـبَكْ
ويــا قـمـيصًا لــهُ الأمــلاكُ قــد
نَـشَرَتْ بـينَ الـسماواتِ مـا أبـهاكَ مَـنْ
خَضَبَكْ!
مــخــزَّقًـا بـــرمــاحٍ خِـلْـتُـهـا
طَــعَـنَـتْ وُسُـــومَ قُــبْـلاتِ طَـــهَ كـلّـمـا
جــذبـكْ
يـــا أيّــهـا الـسّـهـمُ لــمّـا زُرْتَ
كـعـبـتَنَا بـجوفِها طُـفْتَ؟ أم عـاتَبْتَ مَـنْ
جَـلبَكْ؟
ضــوءُ الـفـؤادِ هـداكَ الـدربَ خـشيةَ
أنْ يــضـلَّ نـصـلُـكَ قـلـبًـا طـالَـمَا
ارْتَـقَـبَكْ
كــي لا تــزاوَرَ عَـنْ كـهفِ الأرامـلِ
وال أيـتـامِ، نـحـوَهُمُ تـمـضي، فـقـد
حَـجَـبَكْ
يــا أيّـهـا الـعطشُ الـطاغي عـلى
جـسدٍ هــل ظــلَّ مِــنْ كَـبِدٍ تُـورِي بَِـها
لَـهَبَكْ؟
يـــا مُـشـعِلَ الـنـارِ فــي أبـيـاتِ
ثـاكـلةٍ قِفْ واسألِ النارِ مَنْ ترمِيْ وَسَلْ خَشَبَكْ
يـــا مَــنْ رَفَـعْـتِ لـهـذا الـشِّـلْوِ
قـائـلةً: "قُـربـانُـنَـا قـــلَّ خـجـلانِـينَ أنْ
نَـهِـبَـكْ"
لــقـدْ رُفِـعْـتِ دمًــا تَـبْـقَى تـخـاطِبُهُ
ال أجـيالُ: "لـبّيْكَ مـاذا فـاتَ مَـنْ
كَسَبَكْ؟"
صــنَـعْـتـنـا أمّـــــةً لـــلــذاتِ
مُــنْــكِـرةً زهـدًا، عـطاءً، لـنحذو حَـذْوَ مَـنْ
صَـحِبَكْ
نــــذودُ عَــــنْ أمّــــةٍ فِــيـهـا
ظُـلامَـتُـنا مــا ضــرَّ مـسـتبعدًا جــورًا إذا
اقـترَبَكْ؟
نـلـقـى الـنِّـصالَ فـنـرضى أنْ
نـضـمِّدَها بــجـرحِـنـا ونـــــرى تـعـذيـبَـنا
عــذِبَــكْ
نــجــيـعَـنـا شَـــرِبَـــتْ أرضٌ
تــغــرِّبُـنـا شــأنَ الـزمـانِ الــذي عـاداكَ
واغْـتَرَبَكْ
نـــقــولُ قـــولَــكَ إنْ حــانَــتْ
بـلـيَّـتُـنَا لا بـأسَ يـا عـشقُ هـذا دربُ مَـنْ
رَغِـبَكْ
لا بــأسَ يــا بـحـرُ إنَّ الـحـبَّ مِـنْ
لُـجَجٍ وَمَـــنْ يــهـابُ دُوارَ الـمَْـوِج مَــا
رَكِـبَـكْ
مُـسـتشهَدونَ ولـكـنْ فــي الـحياةِ
وَكَـمْ مُـسـتشهَدٍ لَــمْ يَـمُـتْ مـستشهِدًا
نُـوَبَكْ
مـسـتـذكرًا قـولـةَ الـكـنديِّ "إنْ
هَـدَمُـوا مـجدي بَـنَيْتُ لَـهُمْ" يسقي العِدَى
صبَبَكْ
فــي كــلِّ يــومٍ لـهُ فـي الأرضِ
تـضحيةٌ لا شــــيءَ يــرجـوهُ إلا أنّـــهُ
احْـتَـسَـبَكْ