مِنْ تنعابِ القَطَا
سنة 2016
حينَ اكْفهرَّ الليلُ حولَ رقيّةٍ=كفُّ البراءةِ حرّكَ الكُرسِيّا
تهتّزُ في شَدوِ الوصالِ كآبةً=فتُساقِطُ الدمعَ الكميدَ جَنيّا
وتوسّطتْ سربَ القَطا في ليلةٍ=سدِفَ الأسى فيها فكانَ شقيّا
للهِ مِنْ رأسٍ حوى حُزنَ الدُّنا=واختارَ حِجرًا كي يلوذَ صبيّا
للِه مِنْ قلبٍ يموجُ بصرصرٍ=حتّى الرواسي ما قوتهُ رَسِيّا
سُبحانَ مَنْ أسرى بتنعابِ القّطا=للعرشِ إذْ عجَّ اليبابُ عَشِيّا
شَفْعٌ على وَتْرٍ يُسهِّرُ عرشَهُ=مَنْ لا ينامُ لكي تنامَ مَليّا
أوَيهتدي دربَ السَّكينةِ نازحٌ=إنْ ما هوى نجمُ السّماءِ دَميّا ؟
أو هل تُرى يرتاحُ مَنْ غَرسَ الظّما=في قلبِهِ غصنٌ يَسبُّ عليّا؟
في مريمٍ فيحاءُ حُزنٍ أُخمِدتْ=مُذْ قالَ ربُّكَ قد جَعَلْتُ سَرِيّا
إمّا القطاةُ فلا تُفارقُ كَربَها=إذْ شاءَ ربُّكَ أنْ يكونَ سَرِيّا
تتسوّلُ السّلوى فتطرقُ بابَ مَنْ=في شرعِ سفكِ الدَّمِّ باتَ نبيّا
والبابُ محكمةٌ كأنَّ قتيرَها=حدقُ الرّماحِ إذا فَرِصنَ وليَّا
إنَّ الأحايِينَ الشِّدادَ تلوكُها=كالعشبِ في فِيها النِّيَاقُ شهيّا
هي ذي تُحدِّثُ والسميعُ يُحيطُها=صورٌ تراقُ مَعَ الدّموعِ سويّا:
زَبَدٌ على ثغرٍ يحشرجُ صوتَهُ=والسهمُ يضحكُ حيثُ صارَ حَظِيّا
ما زالَ ذاكَ السهمُ يحفرُ إسمَهُ=إذْ غالَ مَنْ في المهدِ كانَ صَبِيّا
وهُناكَ حيثُ النارُ تأكلُ دارَها=سربُ القَطاةِ هبَا يخيطُ عَبيّا
قنّاصُهُ في الأرضِ أخبثُ مَنْ مشى=ما كانَ للشيطانِ كانَ مَطيّا
أمّا الأمرُّ غرامُ وجدٍ مُحكَمٍ=هو كالأصابعِ لا يطيقُ مُضِيّا
فإذا تخلّفَ إصبعٌ عَنْ راحةٍ=يرتابُ منهُ مَنْ يعيشُ أبيّا
سُبحانَ مَنْ أسرى بروحِ رقيّةٍ=إذْ لا وجودَ لِمَنْ يعيشُ ضنيّا