في حضرةِ سيدّةِ الوجودِ
سنة 2016
برزتْ فوارسُ زمزمٍ للِقاها = عُرسًا فأينعَ بالوغى أُفْقَاها
غلّقتِ أبوابًا بدونَ توجسٍ = فتراوَدَتْ بيضُ الظُبى أتقاها
قالتْ لهُ: (هَيْتَ) فثارَ صقيلُهُ = فانقدَّ نحرُ البغيِ مِنْ أشقاها
بدمٍ تمزّقَ في البِطاحِ قميصُهُ =عَطِشَتْ فأصبحَ هادرًا فَسَقاها
عجبًا فكيفَ تمازجَتْ ألوانُها = ولقدْ أصابَ مَشُوبُها أنقاها
لكنّها رُسِمَتْ بريشةِ ماهرٍ = جعلَ الدماءَ تُنيرُ في أرقاها
حتّى رأيتُ الشمسَ خَجلى جنْبَها = بلْ تستضيءُ بفيضِها وسُقاها
والبدرُ غادرَ ليلَهُ مُتواريًا = لمّا تلألأَ بالهُدى شرقاها
حملتْ خطيئةَ آدمٍ في حِجْرِها = فأُسِيلَ عذبُ فراتِها بِلُقَاها
كسفينةٍ تجري ونوحٌ فوقَها = ممهورةً قِيَمًا تخطُّ بَقَاها
لا نارُ نُمْرُودَ ستمحو ذكرَها = فاللهُ مِنْ لَفْحِ الضرامِ وقاها
تَلْقَفُ ما ألقَوا بزيفِ عِصيِّهمْ = لا لا يُداني العُهرُ سِحرَ نقاها
وككعبةٍ طافَ الزمانُ برُكنِها = متكسّرًا صنمُ الغوى بتُقاها
كثبانُها بزَغتْ فَلاحَ ربيعُها = مِنْ أحمرٍ بانَ بهِ شِقَّاها
وكأنّها تدعو العيونَ لِعَبرةٍ = سالتْ على الوجناتِ من تِلْقاها
في شهقةِ النفسِ التي قد وُلِدَتْ = وللحُسينِ بخِنْصِرٍ رقّاها
تلكَ هي الطفُّ وما أدراكَ ما = فيها تموجُ مِنَ الدّما غرقاها
حربٌ تدافَقَتِ النحورُ بأوْجِها = حمَتْ الوطيسَ بلَجْمِها ولِقاها
فاختَرَقَتْ حدَّ السيوفِ ولمْ تهُنْ = مثلَ الرواسي سَمتُها وعِقاها
فانبجَستْ منها الحياةُ برَغمِ أنَّ = الموتَ والشيطانَ قد رَشَقاها
كي ترفعَ الصّرحَ العليَّ بلحظةٍ = ما أدركَتْ أسرارَها حمقاها
تَبِعَتْ خُوارَ السامريِّ بغفلةٍ = مكذوبةٍ منها يلوحُ شقاها
تبقى الرمالُ على الضَّلالِ عصيّةً = قد خابَ مَنْ بخرافةٍ ألقاها
تلكَ الطفوفُ صنيعةُ السبطِ الذي= بدمِ الوريدِ لحشرِنا أبقاها
فسنلعَقُ الأمجادَ منها كوثرًا = بِيَدٍ حَمَتْ عَمَدَ الخِبا نُسقاها
ولها بصومعةِ الفؤادِ تحنُّنٌ = قلبانِ مأسورانِ قد عَشِقاها
قلبٌ تقطّعَ بالبكاءِ تألُّمًا = لمجرّةٍ شمرٌ سطا ورقاها
ليقطِّعُ الأوداجَ دونَ ترفّقٍ = أو يُغدقَ الشريانَ في بَلقاها
عندي بها قلبٌ يضخُّ كرامةً = بينَ الوريدين اللذينِ مَقَاها
لو قامتِ الدنيا بجُلِّ غرورِها = لَاستأسدَ القلبُ لسحقِ ضَقَاها
ما ارتاعَ حينًا فالحُسينُ بسُمكِهِ = ولكربلا قد حلّقَتْ عَنْقَاها