شعراء أهل البيت عليهم السلام - أينَ أنتَ يا حسينُ؟

عــــدد الأبـيـات
0
عدد المشاهدات
138
نــوع القصيدة
فصحى
مــشــــاركـــة مـــن
تاريخ الإضافة
05/10/2023
وقـــت الإضــافــة
6:12 مساءً

أجدُني فيكَ، حسينُ أيا سلطانَ القلوبِ
لم أزرْكَ سوى مرّةٍ لكنَّ المرّةَ كانَتْ كافيةً
لم أرَ لكَ مثيلاً كلّما اقتربْتُ منكَ أحسَسْتُ ببُعدٍ عنكَ أكثرَ .. تهوِي السماءُ، وتزولُ الجبالُ، وتزهقُ الأرواحُ لكنْ لا تذهبُ ..
يا أبا الأحرارِ .. الصخورُ قد جفّتْ والفراتُ ما زالَ يجري
فهلْ نستطيعُ أنْ نلقاكَ .. أينَ أنتَ ؟
أنتَ أنتَ لا سواكَ !
هل في كربلاءَ قبرُكَ ؟
كَذِبَ مَنْ قالَ ذاكَ ! سافرْتُ إليها فلم أجِدْكَ .. وجدْتُكَ ها هنا بينِ الضّلوعِ .. أنتَ لي وما لِي سواكَ
دموعٌ عليكَ جرَتْ لا أسماءَ لها .. إنّي أبوحُ بأسرارٍ فلا سامعَ لها ..
لا ألقاكَ في الشعرِ ولا في النثرِ، أينَ أنتَ ؟
أنتَ أنتَ لا سواكَ ! أنتَ واحدٌ أم كثيرٌ ؟
سيّدي ما دهاكَ ؟ جُننتُ ثمّ جُننتُ ثم جُننتُ لأعرفَ مَنْ أنتَ
أنتَ دمٌ أم سيفٌ أم قلمٌ ؟
أذوبُ فتقطعُني نيراُن الوَلَهِ إلى كربلاءَ ..
أسيرُ ولكنْ ليسَ بالأقدامِ ..
أحطُّ ولكنْ ليسَ كالإنسانِ .. أنا كتِلْكُمُ الحمائمِ .. في حبِّكُمْ أنا هائمٌ
ليتَني كنتُ شعرةً في رأسِ الرّضيعِ .. لأقيَهُ مصابَهُ الفجيعَ
سيّدي هل تدخلُني سلطنتَكَ ؟ التي لا يوجدٌ لها شَبَهٌ ..
سيّدي ما أكثرَ البوّابِينَ في هذهِ السلطنةِ، إنّهم يمنعونني .. سيّدي برقَ البرقُ، وخفقَ القلبُ ..
نزلَ حيمومُ، ومِنْ ورائِهِ حيزومُ، والمئزرُ المأزومُ
و ظننْتُ أنَّ مِنْ ورائِهِم حبيبي ..
حسينُ .. ما أنتَ وما أنتَ ثم ما أنتَ ؟
أيا جوهرَ الحبِّ أيا كنزَ الدموعِ .. كلُّ الثكالى ضحِكَتْ
قُمْ ! كلُّ الموتى صَحِيَتْ .. و لم يبقَ إلا هو ..
كلُّ الأنبياءِ هَوَتْ .. وعلا هو ..
عيسى مَنْ ؟ نوحٌ مَنْ ؟ إبراهيمُ مَنْ ؟ موسى مَنْ ؟
إنّهُ الحسينُ !
فضاءُ الحلمِ مستتِبٌّ لي .. ترابُ الطفِّ فوقَ عيني .. ممسحةٌ للعَيْنِ .. وأعلى مِنَ اللُّجَينِ
صورُ، وصورٌ، وصورٌ .. وما مقتلُهُ بشيءٍ يُتَصَوَّرُ ..
حسينُ يعني بكاءً
حسينُ فيضٌ مِنْ دماءٍ .. حسينُ ترابٌ فيهِ شفاءٌ
حسينُ عالَمٌ وفيهِ عجائبُ سبعةٌ، محصوراتٌ بينَ اللطمةِ والدمعةِ .. والرثاءِ والشمعةِ
عجيبةٌ رأسٌ مقطوعٌ لكنّهُ يتكلّمُ، لكنّه يهدي .. لكنّه لم يُقطَعْ
عجيبةٌ لسبطٍ يبكي على مَنْ آذاهُ .. يبكي .. نعمْ يبكي
عجيبةٌ لرضيعٍ ميّتٍ على صدرِ أبيهِ ..
عجيبةٌ لأخٍ فدا نفسَهُ بأخيهِ
عجيبةٌ لأخْتٍ آيسَتْ لكنّها ليسَتْ كالبشرِ
عجيبةٌ لأخْتٍ لمخصمِها دارَ القمرُ
عجيبةٌ كبرى .. إنّها لإحدى الكُبَرِ، أمٌّ ضلوعٌ لها مكسّرةٌ، وهي تئنُّ فوقَ الأنينِ فتموجُ ولا تُبْقي أو تذرُ
ربِّ إنّي لا أعلمُ .. أنا لا أعلمُ أيَّ عالمٍ قد خرجَ مِنْ كبوتِهِ يومَ الطفِّ ..
واللهِ ! إنّي أخرُّ ساجدًا .. لله ِ
إنَّ الطفَّ ليسَتْ مِنَ الدّنيا بل مِنْ عالمٍ آخرَ ..
ولا تلقى فيها إلا الدموعَ .. ما هي ؟ أأقولُ ؟
اسمعْ لن أقولَ !
سأدعُ القبورَ هنا تحكي .. سأدعُ الفراتَ يروي قصّتَهُ على مَضَضٍ ..
قصّةَ السبطِ الذي لن يموتَ والعالمِ الذي لا يعقلُ ..
هنا لا بدَّ مِنْ ذرفِ دمعةٍ .. وداعًا إنّهُ الحسينُ !
ثمّ أهلاً إنّهُ روحُ الكونِ .. مزمارًا غَدَا للخلودِ .. هو المالكُ ومملوكٌ هو ..
لكنْ ليسَ كالعبيدِ ..
أحنُّ إليهِ مقتربًا لأسمعَ أنينَهُ .. لكنّهُ يموتُ ! ثم أستفيقُ ولا تروقُ !
فلا شجرَ ولا حجرَ ولكنْ هناكَ قلبٌ ..
سأمضي ها هنا لحجٍّ آخر .. لديّ إحرامي مِنْ فيضِ الدموعِ يظلِّلُني طيرُ المالكيّ، وتبرّدُني دموعُهُ ..
يطعمُني ميكائيلُ قبلَ أنْ ينزعَ الروحَ عزرائيلُ !
مهلا عزرائيلُ ! لم أزرْ الحسينَ
مهلا عزرائيلُ ! لم أعفِّرْ خُدودي
مهلا عزرائيلُ ! لم أتذوَّق الشّفاءَ مِنْ تربتِهِ
هنا يُشلَعُ قلبي ويُوضَعُ لي قلبٌ آخرُ لا يحبُّ الحسينَ
أختارَ الموتَ في تلكَ الحالةِ .. أأموتُ ؟ يحييُني موتُ الحسينِ !
سلِّمْ على الدّنيا سلامَ مودِّعٍ ، وسلِّمْ على الطفِّ سلامَ آجلٍ .. كَمَا يسلّمُ
فلا مجالَ للفضلِ في ديمومةِ الخلدِ بينَهما
سلِّمْ عليها .. فيها ، ما فيها ؟ جسدُ الكونِ .. رأسُ القرآنِ .. فيها رسالةٌ أخرى ، بلْ نبوّةٌ أيضًا !
وأهمُّ نحوَ اليائسينَ منهُ .. الذينَ لم يَرَوْهُ .. فيقولونَ (وَلَيْتَنِي كُنْتُ أَصَمَّا)
مَنْ هذا ؟ مَنْ هذا ؟ فيردُّ حيمومُ يعتليهِ البراقُ، ومِنْ بينِهما قولٌ صادقٌ
ثمّ يهبطُ حنظلةُ وإسرافيلُ، سَلِ الجبّارَ ..
هذا الذي ..
فيأبى الحقُّ إلاّ أنْ يجيبَ هو ..
هذا الذي لهُ الدرُّ عبدٌ .. ولهُ الوفاءُ .. هذا حبيبي .. هذا الذي هزَّ الغطاءَ
ثم يموتونَ ولا يَحْيَوْنَ .. وأبتعدُ لأصلَ وما كدْتُ لأصلَ ..
قلبي .. ينطقُ قلبي ! مَنْ أنا بلْ مِنْ أنا ؟ ومَنْ هو ؟
هو السؤالُ و سؤلَلِي .. هو الحبيبُ الأولُ .. أنا بحبِّكَ طامعٌ .. عليكَ معوَّلي
فيتراقصُ الكونُ .. مندمجًا تحتَ دائرةِ حجرِ أبي الحتوفِ ..
وتختبئُ خوفًا الحروفُ .. هنا مشهدُ إسماعيلَ ..
إذْ كانَ يموتُ .. هنا حزنُ إبراهيمَ أمامَ الجبروتِ ..
ما أتفَهَهُمْ ! أيُفْدَى إسماعيلُ بكبشٍ ذاكَ .. مألوفٌ ؟
فداءٌ سريٌّ وهو عظيمٌ .. فداءُ العقولِ لفيضِ الهشيمِ، تلحقُها دموعُ بائسٍ حزينٍ ..
بَلِ الكونُ كلُّهُ يفدي الحسينَ، لكنّهُ يحبُّ الشهادةَ
حبُّ الخلودِ .. هو سرُّ الوجودِ
لكلِّ الأمورِ إليكَ همسٌ بينَ الحجولِ ولا أهمسُ إلا بسنٍّ خَجولٍ ..
أحلمُ هو هكذا .. طفلٌ في دوحةِ الدموعِ
أنا أذكرُ .. الطفلَ يقولُ:
أمّي ذاتَ يومٍ في الحرِّ .. أفَقْتُ مِنْ رؤيةِ ..
فيها رأيْتُ أنّها أولُ مرّةٍ لي .. في المأتمِ، في واحةِ الدموعِ
رأيْتُ رجلاً فُقِئَتْ عيناهُ .. ومقطوعَ رأسٍ ينادي آهِ ..
ورضيعًا مقتولاً، وخارَ الكونُ متدنّيًا لفيضِ رجلَيْهِ ..
وجبهةُ الكونِ قد ثُلِمَتْ ..
قالَ الصغيرُ: هل هذهِ رؤيةُ أم ضغثٌ أديرَتْ رحالُهُ
قالَتْ: بل هذهِ بيتُ النبوّةِ قُتِلَتْ رجالُهُ !! حسبُتها لأنّها عظيمةٌ ..
كرويّة في ليلةٍ ظليمةٍ .. فغَطَّتِ الحقيقةُ عقلي مِنْ هشيمِهِ ..
ثم رأَيْتُ فاطمةَ الحزينةَ .. قالتْ: أفِقْ !
لفرطِ المصابِ .. أفِقْ أفِقْ وانقُلِ الخطابَ ..
أنّها ليسَتْ خرافةً .. بل لعظمِها كادَتْ أن تكونَ مستبعَدةً .. لكِنْ فلتَقُمْ .. بوركْتَ
أهمُّ ولا أقوى على الهمّةِ .. إنّها مصيبةُ ثالثِ الأئمّةِ
جُنَّ الجنونُ وما لَها ألاّ تكونَ .. رائعةً في جنوبِ العرشِ مخطوطةً!
دموعُ الثكلى ممتزجةٌ بترابِ الطفِّ .. تهيجُ الأناملَ فتكتبُ دموعُا على شكلِ سطورٍ ..
أراهُ في كلِّ صباحٍ ذكرًى .. وفي كلِّ يومٍ حزنًا ، ما هو سرُّكَ ؟ أجِبْ .. أجِبْ ! إنّي أسألُ ..
فيجيبُ..
لم يكنْ لي غيرُ اللهِ مِنْ حبيبٍ .. فأعطاني مِنَ الفخرِ كلَّ النصيبِ ..
ثمّ يرحلُ كاتمًا حزنَهُ ..
لكي لا ينفدَ حزنُ العالمِ أو لا يسودُهُ الحزنُ .. فلا تبقى على طفلٍ رسمةُ سعادةٍ
ثمّ أدمَجَ ثوبَهُ وأعرَجَهُ جبريلُ إلى الجنّةِ
ونظلُّ نسألُ مَنْ هو ذاكَ الذي أدنفَ القلوبَ وشافاها؟
فيدخلُ قلبَهُ سهٌم أقعسَهُ .. فلم يقوَ على الحراكِ ..
فدخلَ العالمُ في صمتٍ .. تبعَهُ بكاءُ النسوةِ، وحسراتُ الأرضِ، وحِدادُ الملائكةِ
ولا تلقى شخصًا إلاّ والتاعَ قلبُهُ ..
وهو يبحثُ عَنْ تلكَ الرقبةِ وذلكَ الرأسِ "الأملدِ" فيهيجونَ ولا يسكنونَ .. تتوالى صرخاتُهم
ثمّ يُكْشَفُ لهُم مكانُهُم في الجَنَّةِ فيزدادونَ حزنًا !!
ثمّ ينادَى: أيُّ شيءٍ تريدونَ؟ فيجيبونَهم: نريد ُالحسينَ
فينزلُ الحسينُ .. ثمّ ينزلُ الحسينُ هكذا إلى كلِّ الأممِ فتمتلئُ الأرضُ ماءَ البكاءِ وتخضرُّ كلُّ الغصونِ ..
ثم يعلو فيشتكونَ .. ويقولُ كلُّ شخص لصاحبِهِ: لا تَلُمْنِي .. خلِّ عنّي إنّي متيّمٌ بِهِ !!
فيُقَالُ: إنّهُ أنيسُ الملائكةِ فلا تأخُذُوهُ!
Testing