اللهُ كانَ هناكَ
سنة 2016
وخَرجْتَ حينَ خرجْتَ وحْدَك مُبْصِرا =أنَّ الطريقَ إلى السماءِ منَ الثرى
أنَّ اندلاعَ الأُمنياتِ يكونُ في=يومٍ يبيحُ الأمنياتِ لِتعبُرا
وبأوَّلِ الأيامِ منْ عاشورَ كنتَ=أباً يصيحُ : بنُيَّ مُتْ كيْ تكبُرا
اللهُ كانَ هناكَ ، قالَ : أدلُّكُم ْ؟=فهَتَفْتَ : يا ربَّاهُ : إنَّ دمي جَرى
بتجارةٍ سأراكَ آخرَها فَذا=رأسي يُبَاعُ إلى الرماحِ فأُشْتَرى
في الطفِّ كنتَ تَرى وكانوا لا يرونَ=لذاكَ ظلُّوا كلَّ شيءٍ لا يُرى
الكونُ كانَ ضياءَ وجهِك وحدَهُ=وجميعُ ما لا أنتَ كونٌ مُفْتَرى
أنتَ ابتكرتَ دمًا جديدًا كيْ تُريقَ=فكنتَ أوَّلَ من أراقَ فحرَّرا
بيدينِ مِنْ دمِكَ اكتشفْتَ بكربلا=وطنًا بدمعِ الفاقداتِ مُعطَّرا
وطبعْتَ وجهَكَ في الترابِ فصارَ في=كلِّ البقاعِ الغاضريةِ كَوثرا
جاءُوا .. يخبِّؤُهم بكهفِ وجوهِهم=عارٌ .. وتُعلنُكَ المسافةُ مفْخَرا
جرَّدتَ وجهَكَ واضحًا في حينِ =جرَّدَهُمْ زمانُكَ للتوجُّسِ خِنْجَرا
ورأيتَ موتًا جاءَ مُسْتَترًا بِهِمْ=فخرجْتَ نحوَ الموتِ موتًا مُسْفِرا
ونصبْتَ في الصحراءِ خيمةَ مُقبلٍ=فرْدًا ليبكِيَ ثَمَّ جَيْشًا مُدْبِرا
وهناكَ كانَ لقاءُ وجهٍ واحدٍ=بملامحٍ شتَّى ليخرجَ مُمْطِرا
ومشَيتَ .. عزمُ أبيكَ فيكَ، كأنمَّا=تمَشي الحسينَ لهمْ وآخرَ حَيْدرَا
ما كُنتَ ساعتَها تُريدُ فَناءَهمْ=لكنَّما قَدَرُ المواجهةِ انْبرى
وأرادَ أنْ تبْدو أمامَ محمَّدٍ =قَمَرًا صريعًا بالضياءِ مُعفَّرا
وأردْتَ تبقى في مُخيَّلةِ المياهِ=فمًا ونَهْرًا في مخيَّلةِ القُرى
هيَ كربلاءُ رمالُ دهرٍ يابسٍ=نادى فما ماءُ الإجابةِ يا تُرى ؟
دمُكَ الزكيُّ وصدرُك الأسمى جرى=هذا وذاكَ على الصَّعِيدِ تكسَّرا
ومخيَّمُ امرأةٍ أُريدَ لقلبِها =أنْ يحتويكَ لظًى وشَوْقًا أحمرا
هيَ ما رأتْك أخًا يطيحُ لكيْ تطيحَ =رأتْ أخًا يهْوي، فتَشمخُ كالذُّرى
رأتِ الدماءَ ومَنْ أساءَ ومَنْ تأسَّى=بالدماءِ ومَنْ أناخَ ومَنْ سَرى
ورأتْكَ مُذْ عَلَّقتَ طفلَكَ كالثُّريَّا=في السماءِ دليلَ ضوءٍ أخْضرا
ورأَتْ جيوشَ الهاربينَ أمامَ دمعِكَ= مُذْ فكَكْتَ إسارَهُ فتَحدَّرا
وهيَ التي وهَبَتْ رحيلَك ما تبقَّى=مِنْ طفولةِ حُلْمِها فتبَعْثَرا
في الرملِ وجْهَ سبيَّةٍ شَدْهَى تُحيطُ=بها الذئابُ فتستفيقُ لتزأَرا
وجَعًا يَشيدُ على الجهاتِ ممالكَ = الكلماتِ ثمَّ يدومُ حُزنًا مِنبَرا
وجَعًا يمارسُ في العراقِ طُقوسَهُ=مُدُنًا تخفَّى بالسوادِ لِتَظْهَرا