مسيرٌ منهُ وفيهِ وإليهِ
سنة 2016
أمشي تجوبُ بيَ الخِبا آلامُهْ=الآهُ آهي والضرامُ ضرامُهْ
ملقًى تُقاسمُهُ الرياحُ نشيجَها=وأنا تُقاسمني اللّظى أيتامُه
ما زالَ يركضُ فيَّ هذا الحزنُ=منذُ تروَّعَتْ يومَ الطفوفِ خيامُه
هل كانَ هذا الحزنُ طفلاً ضائعًا=فّرَتْ بِهِ خوفَ الّلظى أحلامُه
فأوى إلى قلبي وما زالَ الأسى=يعدو ويعدو باليتيمِ أُوامُه
إنّي منحتُكَ ملجأً في مهجتي=يا أيّها الطفلُ المراعُ ذِمامُه
فيهِ الحسينُ مدثّرٌ بدمائِهِ؛=لمّا تجسَّدَ كاليقينِ غرامُه
صلّى صلاةَ العشقِ بينَ جوانحي=ملأَ الفؤادَ ركوعُهُ وقيامُه
دامٍ يمدُّ إليكَ منحرَهُ يلمَّكَ=مذْ تعذَّرَ أنْ يلمَّكَ هامُه
يا أيّها المسروقُ مِنْ هلعِ الخيامِ=هنا الحسينُ؛ أمانُهُ وسلامُه
عفِّرْ بعمرِكَ في وداعةِ صدرِهِ=وأرأَفْ بِهِ لو زاحَمَتْكَ سهامُه
ألْقِ المواجعَ فالأمانُ هنا هوى=كالنجمِ حينَ تخونُهُ أَجرامُه
ما العطفُ إلاّ هاطلٌ متنسّكٌ=يستافُ مِنْ عطشِ الحسينِ غمامُه
والحبُّ؛ إنّ الحبَّ هيَّأَ كوّةً=في صدرِهِ؛ منها يطيرُ حمامُه
والفجرُ شيَّدَ مشهدًا للنورِ في=الدربِ الذي انطحَنَتْ عليهِ عظامُه
والليلُ؛ منذُ تبسّمَتْ شفتاهُ مِنْ=فوقِ القَنا؛ خانَ المساءَ ظلامُه
ما هامَ في كسرِ السلاسلِ معصمٌ=إلا وكانَ مِنَ الحسينِ هُيامُه
ما فزَّ بُرعمُ نبتةٍ إلاّ وكانَ=مِنَ الذبيحِ بكربلا إلهامُه
ما ثارَ ثمَّ مناضلٌ إلاَّ وهذا=المُستباحُ على الترابِ إمامُه
طلعَ الربيعُ بصدرِهِ وتفَتَّحَتْ=ما بينَ آثارِ الخيولِ خُزامُه
وعلى شظايا رايةٍ مسحوقةٍ=قربَ الفراتِ؛ تبرعَمَتْ أعلامُه
ما زالَ يبزغُ في الضمائرِ كلّما=استعدى بإخفاءِ السَّنَا ظُلّامُه
قد أسلمُوه إلى السيوفِ موزَّعًا=قِطعًا؛ وعزَّ على الضُبا استسلامُه
لم يفهَمُوا كُنْهَ المماتِ وإنّما=استولى على معنى الردى أوهامُه
حطَمُوا الحسينَ على الثرى فإذا الذي=قد هدَّ متّكأَ العروشِ حُطامُه
وطَئوا على البيداءِ عزّةَ صدرِهِ=واليومَ فوقَ رقابِهِمْ أقدامُه
قطَعوا بجوفِ الليلِ خِنصِرَ كَفِّهِ=خوفًا؛ فسدَّ عيونَهُمْ إبهامُه
هم حاصرُوهُ مسربَلاً بدمائِهِ=ومكسَّرٌ بينَ الصفوفِ حسامُه
فسرَى إلى العشّاقِ نفحَ كرامةٍ=مُذْ هرّبتْهُ مَعَ الشّذى أنسامُه
كنَفَتْهُ في غارِ الضمائرِ لم يُرَعْ=مِنْ بعدِ جائلةِ الخيولِ منامُه
نسجَتْ عليهِ الوالهاتُ خيوطَها=كَلفًا، وعشّشَ في القلوبِ يمامُه
اللهُ يا يومَ الحسينِ بكربلاءَ؛=وكلُّ أيامِ الوَفَا أيامُه
ما زالَ يغرقُني اليسيرُ مِنَ الهوى=وُيذيبُ كلّي في الغرامِ لَمامُه
إنّي فتحتُ إليهِ بابَ قصيدتي=ونسيتُني؛ فإذا الكلامُ كلامُه
وإذا أنا في الحبِّ آخرُ مُبدعٍ=أمتاحُ ما يُملي عليَّ غرامُه
تمشي بيَ الكلماتُ حيثُ يطيرُ بِي=نحوَ الفضاءِ؛ المستحيلُ مرامُه
ما زلتُ أجفلُ في الحديثِ عَنِ الهوى=فيسوقُني جهةَ الفناءِ إقدامُه
فينيرُ ظلمائي تبلُّجُ نورِهِ=ويسدُّ نقصي في الغرامِ تمامُه