رِحْلَةٌ فِي فُراتِ الضَّوءِ
سنة 2014
مَعاً ذاهِبُونَ اليَومَ كَي نَقْطِفَ النَّجْمَا = وَنَبْتَكِرَ النَّصَّ الذي يُطْفِئُ الهَمَّا
فِداءً لِعَيْنَيْكَ انْسَكَبْنا قَصِيدَةً = تُحَلِّقُ حَتَّى تُدْرِكَ الغايَةَ الأَسْمَى
وَتَنْحازُ لِلْمَعنَى الذي مِنْ خِلالِهِ = تُتِيحُ لَنا التَّأْوِيلَ، وَالبَحْثَ، وَالفَهْمَا
وَحِيدُونَ إِلا مِنْكَ يا ماءَ عِزِّنا = وَكَيْفَ لِهَذِي الرُّوحِ مُذْ كُنْتَ أَنْ تَظْمَا؟!
كَفَى بِكَ عِزًّا أَنْ تَكُونَ مُضَحِّيًا = بَصِيرًا يُرِيحُ النَّفسَ مِنْ جَهْلِها الأعمَى
ويَمْتَصُّ آلامَ الحقيقةِ عِندَما = يَدُسُّ لَها أعداؤُها الزَّيْفَ والسُّمَّا
فيا مَن مَنَحْتَ المَوتَ طَعمَ وِلادةٍ = تَذَوَّقَها الإيقاعُ فاسْتَعذَبَ الطَّعْمَا
ويا أَيُّها الكَوْنِيُّ فِي دِفْءِ قلبِهِ = لِقَلْبِكَ هذا في المَدَى قُوَّةٌ عُظمَى
رُؤاكَ على اللَّوحاتِ ضَربةُ رِيشَةٍ = مُغايِرَةٍ في كَربلا تتْقِنُ الرَّسْمَا
تليقُ بكَ اللاءُ التي اخْتَرْتَ دَربَها = بِرِحلةِ تَغْيِيرٍ تُنَوِّرُ ما اظْلَمَّا
وتحفَظُ لِلحَقِّ المُبِينِ سُلالَةً = تَعِي مُفرداتِ الجُودِ، والعَطْفِ، والرُّحْمَى
نُحِبُّكَ شمسًا لا تَغيبُ ومَرفأً = لَهُ يَلْجَأُ العُشَّاقُ إنْ صارَعُوا اليَمَّا
رَسَمْتَ إلى القَتْلَى حَياةً جَمِيلةً = تَحَدَّتْ وُجُوهَ الضِّيقِ فاصَّاعَدَتْ حَجْمَا
بِلَيلِ المَسافاتِ العنيدةِ أنتَ مَنْ = نَرَى ضَوءَهُ بَينَ المُحِبِّينَ قد عَمَّا
وإنَّا لَشَعْبٌ كاليَنابيعِ حُبَّهُ = يُطَرِّزُ مِنْ أَنهارِكَ الغَيْثَ والغَيْمَا
إذا ارتَدَّ قَومٌ خَلْفَ أسوارِ خَوفِهِمْ = بعجزٍ، بَقينا نَحْنُ مَنْ يَملِكُ الحَزْمَا
عَلَونا عَلَى كُلِّ الجِراحِ كَيُوسُفٍ = وكَم يُوسُفٍ في السِّجْنِ لم يَرتَكِبْ جُرْمَا
وما هَزَّ مِنا الخَوفُ أغصانَ نَخلةٍ = تَؤُمُّ لها الأطيارُ في لَهفةٍ أَمَّا
عَنِيدُونَ كَالصَّبَّارِ إنْ مَسَّنا الظَّما = ومنذُ رَضَعْنا الصَّبرَ لَمْ نَرتَضِ الفَطْمَا
لآخِرِ نَبضٍ في الضُّلُوعِ وشَهقَةٍ = نَعِيشُ كِرامًا، نَقْتَفِي خَيرَكَ الجَمَّا
إذا غارَ جُرحُ الفَقْدِ فِي قلبِ أُمَّةٍ = وعاشَتْ على ذِكرَى أحِبَّائِها اليُتْما
تُصِرُّ على تَضميدِ كُلِّ جراحِها = وَتَخلَعُ عَنها الخوفَ والبُؤسَ والسُّقْما
بِشتَّى مَناحِيها الحياةُ رِوايَةٌ = وما غبْتَ عَن مَيدانِ أحداثِها يَوما
تَجَلَّيْتَ في عُمْقِ المَضامِينِ فِطْرَةً = يُجَسِّدُها مَنْ عاشَ أيامَهُ شَهْما
وَأَسَّستَ لِلأَجْيالِ أَعظَمَ قِيمَةٍ = جماليةٍ سُرعانَ ما أشرَقَتْ نَجْما
هُوَ الضَّوْءُ قَدْ شَكَّلتَ سِيماءَهُ لِذا = إلَيكَ شُعاعُ النُّورِ يا سَيِّدي يُنْمَى
تَنَفَّسَكَ الإنسانُ حُريةً بِها = رأَى كُلَّ نَخلٍ باسِقٍ يَرفُضُ الظُّلْما
رآكَ أمامَ الجَيْشِ حَشْدَ كرامَةٍ = نَياشِينُهُ العَزمُ الذي يُنجِبُ العَزما
فبوصلةُ الأقدارِ أنتَ تَقُودُها = ومثلُكَ أنَّى كانَ لا يقبلُ الضَّيْما
مَسارُكَ لِلعلياءِ أَغنَى تجارِبًا = وأيقَظَ أذهانًا تَشَرَّبَت الوَهْما
تُحَدِّثُنا عنكَ الوُرودُ وعِطْرُها = أيا نَسمةَ الوردِ التي تهزِمُ السَّهْما
ويا مُرتَقَى الحُبِّ الذي في ظِلالِهِ = بِعَدْلِ السَّما يستَصدِرُ الحاكِمُ الحُكْمَا
فَحِينَ رَمادُ الحِقدِ يَطعَنُ مَوطِنًا = بِخِنْجَرِهِ لا بُدَّ أن نُوقِفَ الدَّمَّا
وحِينَ رصاصُ الحَربِ يَخْتَرِقُ المَدَى = حَرِيٌّ بِنا أنْ نَزرَعَ الأمنَ والسِّلْمَا
فَمنْ يَتَّبِعْ سِربَ العَصافِيرِ يَرتَفِعْ = وتَمْنَحُهُ العَلياءُ مِن إِسْمِها إِسْما
ولا تُكتَمُ الأفكارُ في الصَّدْرِ دائمًا = فَبُحْ بالأحاسِيسِ التي تَرفضُ الكَتْمَا
وصافِحْ يدَ الصُّبحِ الجميلِ، فَكَفُّهُ = بِكَفِّكَ تَبني كُلَّما حاولوا الهَدْما
عَلامَ ضَجِيجُ القَومِ؟! قَد كُنتَ هادِئًا = ولكنَّكَ الصَّمْتُ الذي يُرعِبُ الخَصْما
بِقُربِكَ أقمارٌ تُحاصِرُ مَوتَها = فَتُولَدُ (كَلا)، تَسْتَمِرُّ هُنا (مَهما)
ولا تُهزَمُ ال(هَيهاتُ) إنْ أنتَ قُلتَها = وشَكَّلتَ مِن طِينِ اليقينِ لَها العِلْما
بِمِلْءِ الإبا والبَأسِ ما زلتَ واقِفًا = تُواجِهُ مَن قَد أضْمَرُوا الغَدْرَ والإثْمَا
كأنَّ جِراحَ الطَّفِّ سِربُ حَمائِمٍ = وبَدرٌ على أرجوحةِ اللَّيلِ قد تَمَّا
إذا احتاجَتْ الأوطانُ يَومًا لِنَهضَةٍ = فأنتَ الذي عَنْ جَفْنِها تَنفُضُ النَّوما
تبارَكْتَ رأسًا مُطمئِنًّا على القَنا = مَضَى يَحرسُ الأيتامَ مُذْ فارقَ الجِسما
يحدِّثنا دَمعُ المرايا وَجَمْرُها = عن امرأةٍ في دَربِها تَزرَعُ الحُلْما
شَراييِنُها يجري بها الوعيُ ثورةً = وذا صَبْرُها قد أعجزَ الكَيفَ والكَمَّا
يُداوِي جِراحَ الأُمنِياتِ حَنانُها = ويَختارُها مَن فارَقُوا أُمَّهُمْ أُمَّا
أُرَمِّمُ ذَاتِي حِينَ أَرنُو لأُفْقِها = أنا ذلكَ القلبُ الذي لِلفِدا أَوْمَا
وألقَى علَى الأرضِ اليَبابِ بَنَفْسَجًا = فَجَدْبُ المنافِي لا يَليقُ بِهِ حَتْما
بَعِيدًا عن المَحدودِ تَنسابُ أحرُفي = وتُزهِرُ بُستانًا يَضُمُّ الرُّؤَى ضَمَّا
ولي كَارتِعاشاتِ الفَراشاتِ آهَةٌ = تُزيحُ بِماءِ الوَردِ عَن خاطِرِي الغَمَّا
على شَفَتي نايٌ تَقَاطَرَ عَزفُهُ = كَقَافِيَةٍ فِي الرُّوحِ قد عَرَّشَتْ كَرْما
هُنا بِسَنَاكَ العَذبِ يَغتسِلُ النَّدَى = هُنا الحُبُّ مَرفُوعٌ ولا يَقبَلُ الجَزْما
فَخُذْنَا، يَكادُ العُمْرُ أنْ يَسبِقَ الخُطَى = وَثَمَّةَ ما يَحتاجُهُ قَلبُنا المُدْمَى
وإنْ حاصَرَ المَوتُ اخضرارَ حياتِنا = فَأَرْسِلْ عَلَى صَحْراءِ أَيَّامِنا الغَيْما