السَّهْمُ الأخيرُ
سنة 2014
بِجِسْمِكَ، (حَيْثُ السَّهْمُ) قَدْ شِيءَ مَوْضِعُهْ= أبِالقَلْبِ أمْ بِالعَيْنِ، أيْنَ سَتودِعُهْ؟
تَحَيَّرَ مَذْهولاً، وَصَدَّ بِوَجْهِهِ= إلَيْكَ؛ لِتُسْقى مِنْ دِمائِكَ أفْرُعُهْ
فَلَمْ يَبْقَ في الهَيْجاءِ غَيْرُكَ واقِفًا= وَلا بِسِوى أشْلائِكَ اخْتيرَ مَوْقِعُهْ
ألَمْ تَكُ كَهْفَ الضَّائِعينَ تَلوذُهُمْ= أقَلَّ بِكَ الخَيْرُ الذي كُنْتَ تَصْنَعُهْ؟!
وَما بالُكَ اسْتَثْقَلْتَ إيواءَ ضَعْفِهِ؟= وَفي كُلِّ شِلْوٍ مِنْكَ سَهْمٌ تُوَزِّعُهْ!
وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ العَيْنِ، وَالعَيْنُ كاسِفٌ= وَكَمْ شُهِدَتْ وَالنُّورُ مِنْها تُشَعْشِعُهْ
فَأسْرِعْ وَخَلِّ السَّهْمَ في القَلْبِ عَلَّهُ= يَكُفُّ دَمًا مِنْ جَوْفِ قَلْبِكَ مَنْبَعُهْ!
سَلامٌ عَلى جِسْمٍ بِهِ الرُّمْحُ يانِعٌ= كَقِطْعَةِ جَمْرٍ حَوْلَ عودٍ تُضَوِّعُهْ!
فَتَشْتَدُّ وَهْجًا، وَهْوَ يَشْتَدُّ نَفْحَةً= فَيَزْدادُ طيبًا كُلَّما النَّارُ تَلْسَعُهْ!
وَكَفٍّ أحَلَّ اللهُ غايَةَ عَطْفِهِ= بِهِ، فَغَدا مَبْتورَةً مِنْهُ إصْبَعُهْ!
وَظَهْرٍ أحالَ القَوْسُ فيهِ سِهامَهُ= إذا مالَ عَظْمٌ فيهِ عَظْمٌ سَيُوجِعُهْ!
تَوَسَّدَ تُرْبَ الطَّفِّ بُغْيَةَ راحَةٍ= وَقَدْ طُحِنَتْ بِالخَيْلِ في الصَّدْرِ أضْلُعُهْ!
بِنَفْسي عَفيرًا تَخْضِبُ الشَّيْبَ مِنْ دمٍ= رَوى الرُّمْحَ، وَالبيضُ الصِّفاحُ تُجَرّعُهْ
وَقَدْ فاضَتِ الدُّنْيا دَمًا لَيْسَ يَنْتَهي= فَساوى الثَّرى بِالنَّهْرِ، وَالرِّيحُ تَجْمَعُهْ!
فَيا أيُّها المَرْمِيُّ ما بالُ نِسْوَةٍ= تُراوِدُ مَجْروحًا يُناديهِ مَصْرَعُهْ!
شُغِفْنَ بِهِ حُبًّا، وَهُنَّ ثَواكِلٌ= وَأفْئِدَةً قَطَّعْنَ مُذْ طاحَ مِبْضَعُهْ!
فَهَذي تُنادي: "وا أباهُ"، وَخَلْفَها= تَصيحُ أخاها؛ عَلَّ ذلِكَ يُرْجِعُهْ
فَلَسْتَ تُجيدُ الصَّمْتَ إنْ تَبْكِ طِفْلَةٌ= وَيَحْمَرَّ خَدٌّ صارَ يُسْلَبُ بُرْقُعُهْ!
تَشُمُّكَ مُلْقًى، لا تُجيبُ مُنادِيًا= كَأنَّكَ تَحْذو المَوْتَ دَرْبًا فَتَتْبَعُهْ
إلى اللهِ، حَيْثُ الحَقُّ حَصْحَصَ مُعْلِنًا؛= وَفاطِمُ تُصْغيهِ وَأحْمَدُ يَسْمَعُهْ
فَإنْ كانَ سَهْمٌ مَرَّ بِالصَّدْرِ مُوجِعًا= فَإنَّ الذي مِنْ ظَهْرِهِ اسْتُلَ أوْجَعُهْ!
وَإنْ حَجَرٌ يَرْمِ الجَبينَ قَساوَةً= فَلَيْسَ كَتاليهِ إذِ الشِّمْرُ يَصْفَعُهْ!
وَإنْ كانَ ما بَيْنَ التَّألُّمِ حُرْقَةً= فَهَلْ نَظَروا لِلرَّأسِ وَالشِّمْرُ يَنْزَعُهْ؟!
كَأنَّ سَماءَ اللهِ سَوْداءُ تَخْتَشي= مَلائِكَةً تَبْكيهِ، وَالوَجْهَ تُهْطِعُهْ!
فَكَفَّاهُ: كَفٌّ تَجْعَلُ الرَّأسَ بِالقَنا= وَكَفٌّ أمامَ اللهِ عَدْوًا تُجَعْجِعُهْ!
سَلوا كَرْبَلا عَنْهُ وَلا تَدْرِ زَيْنَبٌ= فَكَمْ ألِمَتْ وَالدِّينُ يَهْوي مُشَرِّعُهْ!
فَلَمْ أنْسَها يَوْمَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ= إلى اللهِ يَمْضي، كَيْفَ كانَتْ تُوَدِّعُهْ
وَفاطِمَةُ الزَّهْراءُ إنْ دُقَّ بابُها= تَجِدْ ألَمًا في قَلْبِ زَيْنَبَ يُفْجِعُهْ!
وَقَبْرٌ بِكوفانٍ حَوى جِسْمَ حَيْدَرٍ= قَتيلَ صلاةٍ، وَابْنُ مُلْجِمَ مُصْرِعُهْ
وَرَشْقُ سِهامٍ فَوْقَ نَعْشٍ بِطَيْبَةٍ= مَصائِبُ تُعْيِي الدِّينَ حُزْنًا وَتُصْدِعُهْ!
تَجوبُ فَيافي كَرْبَلاءَ مُجِدَّةً= كَأنَّ بِسُدْفِ اللَّيْلِ سِتْرًا تُلَفَّعُهْ!
فَما أبْقَتِ النِّيرانُ خِدْرًا يَصونُها= وَلا أحَدًا إلاّ عَلى التُّرْبِ مَضْجَعُهْ
خَلا مِنْ عَليلٍ دارَتِ النَّارُ حَوْلَهُ= فَكادَتْ لِتُطْفيها مِنَ الحُزْنِ أدْمُعُهْ!
فَها هِيَ تُسْبى لِلْغَرِيِّ بِحُزْنِها= لَعَلَّ الذي فيها تُفَتَّحُ أذْرُعُهْ!
فَلَمْ يَبْقَ في العَبَّاسِ كَفٌّ يَمُدُّها= لِتُسْكِنَ قَلْبًا هاجَ فيهِ تَرَوُّعُهْ!
وَلِلشَّامِ، يا لِلشَّامِ أيُّ مُصيبَةٍ= تَحُلُّ عَلى قَلْبِ الرُّقَيَّةِ تُفْجِعُهْ
فَهذا يَزيدٌ بِالثَّنايا مُمَرِّغٌ= عَصاهُ، وَهذي زَيْنَبُ الطُّهْرُ تَمْنَعُهْ!
بِنَفْسي، وَقَدْ عاثَتْ يَدُ الظُّلْمِ فَوْقَهُ= وَقَدْ كانَ لِلْمَظْلومِ حِصْنًا يُمَنِّعُهْ
وَلَوْلاهُ ما قامَتْ إلى الدِّينِ نَهْضَةٌ= وَلَمْ يَبْقَ في الإسْلامِ إلاّ مُمَيِّعُهْ
وَلَكِنَّنا عُدْنا لِسابِقِ عَهْدِنا= كَأنَّ حُسَيْنًا لَمْ يَحِنْ بَعْدُ مَطْلَعُهْ!
وَكَمْ أثْقَلَ الإسْلامَ رَأيُ جَهالَةٍ= يُمَجَّدُ بِاسْمِ الدِّينِ بِالغَيِّ مُخْضِعُهْ!
وَلَمْ يَجِدوا في الدِّينِ إلاّ مَقالَةً:= "تَسَنُّنُ زَيْدٍ باطِلٌ أمْ تَشَيُّعُهْ"!