شعراء أهل البيت عليهم السلام - السَّهْمُ الأخيرُ

عــــدد الأبـيـات
42
عدد المشاهدات
286
نــوع القصيدة
فصحى
مــشــــاركـــة مـــن
تاريخ الإضافة
04/10/2023
وقـــت الإضــافــة
7:05 مساءً

بِجِسْمِكَ، (حَيْثُ السَّهْمُ) قَدْ شِيءَ مَوْضِعُهْ= أبِالقَلْبِ أمْ بِالعَيْنِ، أيْنَ سَتودِعُهْ؟ تَحَيَّرَ مَذْهولاً، وَصَدَّ بِوَجْهِهِ= إلَيْكَ؛ لِتُسْقى مِنْ دِمائِكَ أفْرُعُهْ فَلَمْ يَبْقَ في الهَيْجاءِ غَيْرُكَ واقِفًا= وَلا بِسِوى أشْلائِكَ اخْتيرَ مَوْقِعُهْ ألَمْ تَكُ كَهْفَ الضَّائِعينَ تَلوذُهُمْ= أقَلَّ بِكَ الخَيْرُ الذي كُنْتَ تَصْنَعُهْ؟! وَما بالُكَ اسْتَثْقَلْتَ إيواءَ ضَعْفِهِ؟= وَفي كُلِّ شِلْوٍ مِنْكَ سَهْمٌ تُوَزِّعُهْ! وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ العَيْنِ، وَالعَيْنُ كاسِفٌ= وَكَمْ شُهِدَتْ وَالنُّورُ مِنْها تُشَعْشِعُهْ فَأسْرِعْ وَخَلِّ السَّهْمَ في القَلْبِ عَلَّهُ= يَكُفُّ دَمًا مِنْ جَوْفِ قَلْبِكَ مَنْبَعُهْ! سَلامٌ عَلى جِسْمٍ بِهِ الرُّمْحُ يانِعٌ= كَقِطْعَةِ جَمْرٍ حَوْلَ عودٍ تُضَوِّعُهْ! فَتَشْتَدُّ وَهْجًا، وَهْوَ يَشْتَدُّ نَفْحَةً= فَيَزْدادُ طيبًا كُلَّما النَّارُ تَلْسَعُهْ! وَكَفٍّ أحَلَّ اللهُ غايَةَ عَطْفِهِ= بِهِ، فَغَدا مَبْتورَةً مِنْهُ إصْبَعُهْ! وَظَهْرٍ أحالَ القَوْسُ فيهِ سِهامَهُ= إذا مالَ عَظْمٌ فيهِ عَظْمٌ سَيُوجِعُهْ! تَوَسَّدَ تُرْبَ الطَّفِّ بُغْيَةَ راحَةٍ= وَقَدْ طُحِنَتْ بِالخَيْلِ في الصَّدْرِ أضْلُعُهْ! بِنَفْسي عَفيرًا تَخْضِبُ الشَّيْبَ مِنْ دمٍ= رَوى الرُّمْحَ، وَالبيضُ الصِّفاحُ تُجَرّعُهْ وَقَدْ فاضَتِ الدُّنْيا دَمًا لَيْسَ يَنْتَهي= فَساوى الثَّرى بِالنَّهْرِ، وَالرِّيحُ تَجْمَعُهْ! فَيا أيُّها المَرْمِيُّ ما بالُ نِسْوَةٍ= تُراوِدُ مَجْروحًا يُناديهِ مَصْرَعُهْ! شُغِفْنَ بِهِ حُبًّا، وَهُنَّ ثَواكِلٌ= وَأفْئِدَةً قَطَّعْنَ مُذْ طاحَ مِبْضَعُهْ! فَهَذي تُنادي: "وا أباهُ"، وَخَلْفَها= تَصيحُ أخاها؛ عَلَّ ذلِكَ يُرْجِعُهْ فَلَسْتَ تُجيدُ الصَّمْتَ إنْ تَبْكِ طِفْلَةٌ= وَيَحْمَرَّ خَدٌّ صارَ يُسْلَبُ بُرْقُعُهْ! تَشُمُّكَ مُلْقًى، لا تُجيبُ مُنادِيًا= كَأنَّكَ تَحْذو المَوْتَ دَرْبًا فَتَتْبَعُهْ إلى اللهِ، حَيْثُ الحَقُّ حَصْحَصَ مُعْلِنًا؛= وَفاطِمُ تُصْغيهِ وَأحْمَدُ يَسْمَعُهْ فَإنْ كانَ سَهْمٌ مَرَّ بِالصَّدْرِ مُوجِعًا= فَإنَّ الذي مِنْ ظَهْرِهِ اسْتُلَ أوْجَعُهْ! وَإنْ حَجَرٌ يَرْمِ الجَبينَ قَساوَةً= فَلَيْسَ كَتاليهِ إذِ الشِّمْرُ يَصْفَعُهْ! وَإنْ كانَ ما بَيْنَ التَّألُّمِ حُرْقَةً= فَهَلْ نَظَروا لِلرَّأسِ وَالشِّمْرُ يَنْزَعُهْ؟! كَأنَّ سَماءَ اللهِ سَوْداءُ تَخْتَشي= مَلائِكَةً تَبْكيهِ، وَالوَجْهَ تُهْطِعُهْ! فَكَفَّاهُ: كَفٌّ تَجْعَلُ الرَّأسَ بِالقَنا= وَكَفٌّ أمامَ اللهِ عَدْوًا تُجَعْجِعُهْ! سَلوا كَرْبَلا عَنْهُ وَلا تَدْرِ زَيْنَبٌ= فَكَمْ ألِمَتْ وَالدِّينُ يَهْوي مُشَرِّعُهْ! فَلَمْ أنْسَها يَوْمَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ= إلى اللهِ يَمْضي، كَيْفَ كانَتْ تُوَدِّعُهْ وَفاطِمَةُ الزَّهْراءُ إنْ دُقَّ بابُها= تَجِدْ ألَمًا في قَلْبِ زَيْنَبَ يُفْجِعُهْ! وَقَبْرٌ بِكوفانٍ حَوى جِسْمَ حَيْدَرٍ= قَتيلَ صلاةٍ، وَابْنُ مُلْجِمَ مُصْرِعُهْ وَرَشْقُ سِهامٍ فَوْقَ نَعْشٍ بِطَيْبَةٍ= مَصائِبُ تُعْيِي الدِّينَ حُزْنًا وَتُصْدِعُهْ! تَجوبُ فَيافي كَرْبَلاءَ مُجِدَّةً= كَأنَّ بِسُدْفِ اللَّيْلِ سِتْرًا تُلَفَّعُهْ! فَما أبْقَتِ النِّيرانُ خِدْرًا يَصونُها= وَلا أحَدًا إلاّ عَلى التُّرْبِ مَضْجَعُهْ خَلا مِنْ عَليلٍ دارَتِ النَّارُ حَوْلَهُ= فَكادَتْ لِتُطْفيها مِنَ الحُزْنِ أدْمُعُهْ! فَها هِيَ تُسْبى لِلْغَرِيِّ بِحُزْنِها= لَعَلَّ الذي فيها تُفَتَّحُ أذْرُعُهْ! فَلَمْ يَبْقَ في العَبَّاسِ كَفٌّ يَمُدُّها= لِتُسْكِنَ قَلْبًا هاجَ فيهِ تَرَوُّعُهْ! وَلِلشَّامِ، يا لِلشَّامِ أيُّ مُصيبَةٍ= تَحُلُّ عَلى قَلْبِ الرُّقَيَّةِ تُفْجِعُهْ فَهذا يَزيدٌ بِالثَّنايا مُمَرِّغٌ= عَصاهُ، وَهذي زَيْنَبُ الطُّهْرُ تَمْنَعُهْ! بِنَفْسي، وَقَدْ عاثَتْ يَدُ الظُّلْمِ فَوْقَهُ= وَقَدْ كانَ لِلْمَظْلومِ حِصْنًا يُمَنِّعُهْ وَلَوْلاهُ ما قامَتْ إلى الدِّينِ نَهْضَةٌ= وَلَمْ يَبْقَ في الإسْلامِ إلاّ مُمَيِّعُهْ وَلَكِنَّنا عُدْنا لِسابِقِ عَهْدِنا= كَأنَّ حُسَيْنًا لَمْ يَحِنْ بَعْدُ مَطْلَعُهْ! وَكَمْ أثْقَلَ الإسْلامَ رَأيُ جَهالَةٍ= يُمَجَّدُ بِاسْمِ الدِّينِ بِالغَيِّ مُخْضِعُهْ! وَلَمْ يَجِدوا في الدِّينِ إلاّ مَقالَةً:= "تَسَنُّنُ زَيْدٍ باطِلٌ أمْ تَشَيُّعُهْ"!
Testing