حوارٌ مَعَ مَوْتٍ وَاهِمٍ
سنة 2014
حَتَّامَ يَا مَوْتُ – مَزْهُوّاً– تُجَسِّدُهُ ؟! = وَلَيسَ لِلخُلدِ مِنْ حَدٍّ يُحَدِّدُهُ!!
بهِ الخُلُودُ تَجَلَّى ذَاتَ مَذْبَحَةٍ = مِنْ السَّمَاءِ، وَعِندَ الذَّبحِ مَوْلِدُهُ
يُسَافرُ الوَحيُ فِيْ مَعنَاهُ أَشْرِعَةً = يُجَدِّدُ (الطَّفَ)، والِإنْسَانُ مَقْصَدُهُ
فِيْ طُوْرِ سِينَائهِ الأَنْهارُ مُذْ سَكَنتْ = مِيْقَاتَها، انْبَجَسَتْ فِيْ كَرْبَلا يَدُهُ
تُضَمّدُ النَّهْرَ جُرحًا نَازِفًا حُلُمًا = وَنَحرُهُ النُّوْرُ قُلْ لِيْ مَنْ يُضَمِّدُهُ؟!
هُنا وَقفتُ بِبَابِ الصَّمْتِ ذَاتَ دمٍ = أُسَائلُ المَوْتَ عَنْ نَحْرٍ سَيخْمدُهُ:
أَنَّى تَمُوتُ نُحُورٌ كَانَ قَبَّلَها = فَمُ الإلهِ، وَشَمْسُ النَّزْفِ تَعبُدُهُ؟!
فَللنحُوْرِ شِفَاهُ الغَيبِ، إن قُطِعَتْ = تُكَلِّم اللهَ تَكْلِيمًا وَتَحمدُهُ
وللنحُورِ لُغَاتٌ كَانَ يَكْتُبهَا = دَمُ الحُسينِ وَفَجْرٌ حَانَ مَوعِدُهُ
ليُشعلَ الحَرفَ نَهْرًا، قِرْبَةً وَيَدًا = مَقْطُوْعَةً، إِذْ هَوى لِلأَرْضِ فَرقَدُهُ
وفِي الفُراتِ يُصلّي المَاءُ أَفْئِدةً = مِنَ الخُشُوعِ، وَذاكَ النَّهرُ مَعبَدُهُ
وفِي الخِيامِ رَضِيعٌ فِي ابْتِسَامَتِهِ = حُلْمُ العَصَافِيرِ لَحْنًا رَاحَ يُنْشِدُهُ
أَليسَ يَا مَوتُ فِي رُؤيَاكَ فَلْسَفَةٌ = أُخْرَى، تُمِيْتُ بِها جُرْحًا وَتُلحِدُهُ؟!
أَنا وأَنتَ وَقَفنا قُرْبَ مَذبَحَةٍ = يَفُوْحُ مِنها خُلُودٌ كُنتَ تَرصدُهُ
فَمَا وَجَدنَا سِوى نَحْرٍ يَشِعُّ هُدًى = و(زينبٌ) لَمْ تَزَلْ بالدَّمْعِ تُوْقدُهُ
والمُهْرُ يَنْحتُ فِي التَّارِيخِ أُغْنِيَةً = تَحْكِي (سُلَيمانَ) لَمَّا عَادَ هُدْهُدُهُ
لِيُخبرَ العَرشَ أنَّ المَوتَ مُخْتَنِقٌ = بِالنَّحْرِ، حَيْثُ ارْتَمَى رُعْبًا مُهَنَّدُهُ
وَطَعنَةٌ سَجَدَتْ فيْ مَسْجِدٍ/ جَسَدٍ = لَمّا يَزلْ خَاشِعًا بالطَّعنِ مَسْجِدُهُ
يَا مَوتُ هَبْنِي جِرَاحًا، تَزْدَهِيْ عُمُرًا = وَدَهَشْةً مِثلَ سَيفٍ فِيَّ تُغْمِدُهُ
لَعَلّنِي أَحْملُ الصَّحراءَ فَوقَ يَدِي = وَمَنْحَرًا مِنْ (طُفُوفٍ) جِئتَ تَحْصدُهُ
لَعَلّنِي باحْمِرارِ الطِينِ أَبْحَثُ عَنْ = رُوحِ الحُسينِ ضِيَاءً لَستُ أَعهَدُهُ
هُوَ الحُسينُ ابْتِكارُ اللهِ مُذْ ظَمِئتْ = عُينُ الحَياةِ، أَسالَ الضَّوءَ مُوْرِدُهُ
مِيَلادُهُ لَحْظَةُ السَّيفِ التيْ فَصَلَتْ = رَأْسًا، فَلمْ يَنْفَصلْ عَنْ أَمْسِهِ غُدُهُ
قَدْ كَانَ مَسْرَاهُ نَحوَ الذَّبحِ مُعْجِزةً = وَكانَ جِبريلُ فِي المَسْرَى يُهَدْهِدُهُ
فَوقَ (البُرَاقِ) عُرُوجًا كَانَ مُنْهَمِرًا = وَهوَ انْبلاجُ سَلامٍ غَابَ مَشْهَدُهُ
يَا مَوتُ إِنَّ فَناءَ الرُّوحِ مُنْصَهِرٌ = بالمُسْتَحِيلِ، فَدَعْ سَهْمًا تُسَدِّدُهُ
يَكْفِي الحُسين حَيَاةً أنَّهُ وَطَنٌ = يَشِعُّ فِي جَبْهَةِ الدُّنيَا تَمَرُّدُهُ
يَكْفِيهِ أَنَّ عُيُونَ الشَّمسِ سَابِحَةٌ = عَلى الضَّرِيحِ، وَفَجرًا فَاضَ مَرقَدُهُ
يَكْفِيهِ أَنَّ شُعُوبَ اللهِ تَقرَأُهُ = رُوْحًا، ولمَّا يَزَلْ لُغْزًا تَفَرُّدُهُ
والأَنْبِيَاءُ امْتِدادُ النَّحْرِ وَحْيُهُمُ = فَلَمْ يَمُتْ بالهُدَى يومًا (مُحَمّدُهُ)
يَا أيُّها المَوتُ إِنَّ (الطَّفَّ) سَاقِيَةٌ = تُبَلِّلُ النَّحْرَ قُرآنًا .. تُخَلِّدُهُ
وَكُلُّ عَصرٍ– بِنَصرٍ– جَاءَ مُمُتَشِقًا = دَمَ الحُسينِ سِلاحًا قَامَ سُؤْدَدُهُ
حَتَّامَ .. حَتَّامَ؟!! قَدْ حَارَ السُؤالُ وَقَدْ = خَارَتْ قِوَاهُ، وكَمْ قَرنٍ يُجَدِّدُهُ؟!
آمنتُ بِالنَّحرِ خُلْدًا، جَنَّةً وهُدًى = حَتَّامَ يَا مَوتُ – مَزهُوًّا تُجَسّدُهُ؟!