صـدِيـتُ ولـمّـا أنْ تـمـلّكَني
الـصَّدى لـجـأتُ إلــى مـظـماكَ ريًّـا
ومَـوْرِدا
ويــا لَــكَ مـن ظـامٍ تـحوطُ
ضـفافَهُ شــفـاهُ الـعـطـاشى قُـبـلة
ًوتــزوُّدا
شـرايـيـنُـها جــفَّــتْ وريُّـــك
بـــاردٌ وشـأنُ ريـاضِ الوردِ أنْ ترقبَ
الندى
ويـا لـكَ مِن حيرانَ حارَتْ بكَ
النُّهى وجُـنَّتْ بـكَ الألـبابُ عـشقًا
لـتَرشُدا
أحــارُ كـمَـنْ حــاروا بـأجلى
حـقيقةٍ فليسَ يُرى في الشمسِ إلا الذي بدا
كفرْتُ بما يحكي الرُّواةُ وما
انطوَتْ عـليهِ حَـكَايَاهُمْ مِـنَ السفِّ
والسُّدى
فـولّيتُ شـطرَ الـبحثِ كـلَّ
مدارِكي لأمــعِـنَ فـيـمـا قـيـلَ فـيـكَ
مُـفـنِّدا
وأمـخضَ مـن ثـديِ الـحقيقةِ
ضوءَها وأقـذفَهُ فـي الـزّيفِ سـهمًا
مُـسدَّدا
فـمـزّقـتُ أسـتـارَ الـسـديمِ
مـحـلّقًا بـآفـاقِـكَ الـحُـبلى ومـلـكِكَ
هُـدهُـدا
لأكـشـفَ مــا كــانَ الـستارُ
يـصونُهُ وأرجـــعَ بـالـعـلمِ الـيـقـينِ
مُــغـرِّدا
تـقـحّمْتُ مــن كـلِّ الـبحورِ
عـميقَها لأبــحـثَ عـمّـن جــلَّ شـأنًـا
وخُـلّـدا
أفـتـشُ عــن كـلِّ الـملوكِ
ومـجدِها وعـن كـلِّ فـذٍّ عـاشَ أو مـاتَ
سيِّدا
وجـئتُكَ حـيثُ الـمهدُ يرعاهُ
فِطرِسٌ لأبــدأَ فــي آلاكَ مِــنْ حـيـثُ
يُـبـتدا
ومِـن حـيثُ بنتُ الوحيِ تهمسُ
تارةً بـأذنـيـكَ أنـفـاسًـا وأخـــرى
تـشـهُّدا
لأنـهـلَ مــن عـيـنيكَ أضـدادَك
الـتي يــضـجُّ بــهـا ثــغـرُ الـزمـانِ
تـهـجُّدا
ولــمّـا تـلـمّـستُ الـحـقيقةَ
بـعـضَها تَــزعـزعَ كــلُّ الـشـكِّ حـتـى
تـبـدَّدا
فـمـا كــانَ مـنّـي حـيـنَها غـيرَ
أنّـني سـقطتُ إلـى الأعـلى شـهابًا
تـوقَّدا
فـأدركتُ أنَّ الـمهدَ بـدءٌ لِـمَا
انـتهَتْ إلـيهِ مـقاييسُ الـخلودِ عـلى
الـمدى
وأيـقـنتُ أنــي لـسـتُ أبـلـغُ
مـنتهًى فـما كـانَ مِـن ماضيكَ كانَ هو
الغدا
رأيـتُـكَ فــي عـيـنِ الـعجوزِ
مـدامعًا ورُمـتُـك فــي وجـهِ الـشبابِ
تـجلُّدا
سـمـعتكَ فــي نـبـضِ الـجنينِ
تـرقُّبًا وفــي وجـنةِ الـطفلِ الـبريءِ
تَـوَرُّدا
أراكَ عــلـى كـــلِّ الـوجـوهِ
حـكـايةً فـمِـن أيّ وجــهٍ تُـسـتَمدُّ
فـتُـسرَدا؟
وجـدتُـكَ رقـمـاً لـيسَ يـقبلُ
قـسمةً لــهُ تـنـحني كــلُّ الـحساباتِ سُـجّدا
وقـطـبًا تـشيرُ الـبوصلاتُ إلـيكَ
مِـن قـريـبٍ وقــاصٍ تـسـتشفُّكَ
مـقصدا
فـلـستُ عـلـى عـلـمٍ بـغيرِك
مُـنهَكاً تـحدّى غـمارَ الـموتِ فـانصاعَ
مَوْلدا
فـتـولَـدُ والــحـلاّجُ مـــازالَ
غــامـراً ودجـلةُ يـستجدي مـن المَيْتِ
موعدا
كــأنَّ فـقـاعاتِ الـطـواسينِ
فـوقَـهُ بـقـايا غـريقٍ ضـلَّ فـيه ومـا
اهـتدى
ولـسـتُ عـلـى عـلـمٍ بـغيرِك
مُـثخنًا يـشـدّ بـكـلتا قـبـضتَيْهِ عـلـى
الـرَّدَى
فـإنْ كـنتَ مِنْ تحتِ الخيولِ
مُمزقًا، فـأوصـالُـكَ الـعـنـقاءُ تــأبـى
تَــبَـدُّدا
ورأسُـكَ مِـنْ فوقِ "الصليبِ"
علامةٌ تـحيلُ إلـى الـعلياءِ مَـنْ رامَ
سـؤددا
أشـرتَ إلـى الـنصرِ المؤزّرِ أن
أجِبْ فـجـاءَكَ مِــنْ خـلفِ الـسماءِ
مـؤيِّدا
وضـمَّـكَ حـتـى لــفَّ أشــلاكَ
جـبـةً عـلـى طَـرَفَيْها الـعزُّ والـمجدُ
نُـضِّدا
ولـسـتُ عـلـى عـلـمٍ بـغـيرِك
فـاديًا بـقـطعِ نـحـورِ الـمـستميتينَ
يُـفتدى
ولـسـتُ عـلـى عـلـمٍ بـغيرِكَ
هـامداً يــمـدُّ الـقـلـوبَ الـهـامـداتِ
تـجـدُّدا
ولـسـتُ عـلـى عـلمٍ بـغيرِكَ
ظـامئًا بــــأروعَ ســقّــاءٍ ظَــمــيٍّ
تــفــرَّدا
ولــم أرَ نـحرًا غـيرَ نـحرِكَ لـم
يـزَلْ يــضـخُّ بــأجـداثِ الـنـفـوسِ
تـمـرُّدا
ولــم يــرَ عـقـلي بـعـدَ عـمقِ
تـدبّرٍ ســـواكَ مـصـيراً وانـتـماءً
ومَـرفَـدا
فـمهما وجـدتُ السعيَ نحوَكَ
شائكًا ودربًــــا بــحـمّـامِ الــدّمـاءِ
مُـعـبّـدا
أسـيرُ عـلى الأشـواكِ نـحوَكَ
نـاسيًا نــزيــفَ جـراحـاتـي إلــيـكَ
تـــودُّدا
تَــلَـذُّ بـــيَ الآلامُ والــنـزفُ
عـنـدَمـا تَـمـدُّ إلـيـها يــا مـسـيحَ الـهـوى
يـدا
وإنْ حــالَ مــا بـيـني وبـيـنَك
قـاهرٌ ودَدْتُ فــلـو أُنْــفَـى إلـيـكَ
وأُطــرَدا
وإنْ عــادَ مـنـكَ الـمُـتخَمُونَ
بـريِّـهم ألــحُّ عـلـيهِمْ فــي الـسؤالِ
مُـشدِّدا
لـيُلقوا على وجهي "القميصَ"
أشمُّهُ فـيُـبصرُ طَـرْفـي بـعدَما كـانَ
أرمـدا
وأحـبسُ فـي صـدري هـواكَ
تـنفّسًا شـهـيـقًـا أبــــى ألاّ يــعــودَ
تــنـهُّـدا