في كل يوم ثلمة .. في رثاء من استشهد في معركة الطف
ديوان الشيخ محسن أبو الحب
كم فيك يا دار من دمع جرى ودم= وكم فؤاد وجسم بات في سقم
أعنيك يا كربلا إذ ليس غيرك= للأرزاء أجمع من بيض ومن سحم
أبكي لها ما أجد الله في عمري= وسوف تبكي لها تحت الثرى رممي
وكيف لا ورسول الله في أرق= منها وها هو لم يهجع ولم ينم
وكيف لا وعلي ذو العلا قلق= منها وفاطم تدعو آه وا ندمي
يا رب ما ذنب أولادي أبادهم= سيف إبن هند بواد غير ذي سلم
تدرين كم فيك من علم ومن علم= تدرين كم فيك من حكم ومن حكم
فخر الجنان وفخر الحور فيك كما= فخر السماء وفخر البيت والحرم
الروض يفخر بالأزهار فإفتخري= يا كربلاء بمنثور ومنتظم
من اللالي التي في العرش معدنها= أدرى بمقدارها الجبار ذو النعم
فيك الحسين وأهلوه وصحبته= فأي فخر كهذا الفخر في الأمم
هم الشموس هم الأقمار والشهب= اللائي بها يهتدي في حالك الظلم
هم الرياض هم الأجبال والهضب= اللاتي اليها التجاء الناس في الأزم
ما بال ال علي كلما ذكروا= عجت بهم الدنيا بكل فم
ما بال ال علي كلما نهضوا= بحقهم قربوا للذبح كالغنم
بطن الثرى غص من قتلاهم جثثا= وظهرها بين مطرود ومنهزم
خرس إذا نطقوا عمش إذا نظروا= صم وحاشاهم من عارض الصمم
كأنهم لم يكونوا للهدى شهبا= كأنهم لم يكونوا أبحر الكرم
مبدد شملهم في كل ناحية= كأنهم مغانم في الدنيا لمغتنم
هذا وما ذنبهم الا لأنهم= أدنى الى المصطفى من كل ذي رحم
لم ينزلوا بسوى الأوعار إن نزلوا= ولا مرابع الا المربع الوخم
شفاعة المصطفى ليست لأمته= يا بئس ذي الأمة الشنعاء في الأمم
أراضيا مات عنهم لا وباعثه= الى الخلائق نورا بادي النسم
أعمى الاله عيون الخلق هل علمت= ما حل فيها من الويلات والنقم
القى الاله عليها الذل مذ علمت= أن الحسين بسهم النائبات رمي
فلم تجبه ولم تنصره يوم دعا= وا غربتاه ولم تفزع الى الندم
بلى أجابته أقوام لها قدم= في المكرمات وعز ثابت القدم
هم الذين وفوا لله درهم= وما سواهم وفى في الأنام نمي
بنوه أخوته أصحابه ملكوا= بالمدح كل لسان صادق الكلم
حتى لسان رسول الله جاء لهم= دون الورى مع لسان اللوح والقلم
يا هل رأيت رعاك ارؤسهم= معقودة في رؤوس السمر كالعمم
محلوبة لا رعاك الله جالبها= بيضا ولكنها مخضوبة اللمم
دم هناك أم الحنا خضابهم= لا بل دم أفتديه أي دم
ولو رأيت يزيدا حين يضربها= بالخيزران ولم يمقت ولم يلم
الله أكبر هذا ما أمرت به= يا أمة مثلها ما جاء في الأمم
قتل النفوس حلال ويل أمكم= هلا فعلتم كذا في عابد الصنم
ومن رأى كأسارهم على رسم= مهزولة لا عداك العرى من رسم
كم حرة من بنات الوحي يخدمها= جبريل سيقت على الأكوار كالخدم
العرش مضطرب والكون منقلب= والناس في غمرة ساهون كالنعم
فالأم الناس طرا صار محترما= وأكرم الناس طرا غير محترم
والعبد في الناس حر صار ذو حشم= والحر في الناس عبدا غير ذي حشم
وكل فاجرة أمست لها حرم= وكل زاكية أمست بلا حرم
والجهل فاش وخير الناس جاهلهم= والعلم أهلوه بين الناس كالعدم
هذا وخير جميع الناس أعلمهم= من فاته العلم فليرتع مع البهم
لو كنت أملك سيفا غير منثلم= أو كنت أملك رمحا غير منحطم
أو كنت أملك جرارا له عدد= يوفى على غمرات السبعة الفعم
رأيتني من فجاج الأرض أختطف= الأبطال خطف الإزل الجائع النهم
وإن علمت بأن لا بد من ملك= يأتي لها بعد شيب الدهر والهرم
يأتي وما هو بالواني له زجل= كالرعد من حلبات الخيل واللجم
تجري على الأرض أنهار الدماء كما= تجري السيول من الأنواء والديم
أفديه من غائب ما زال يلحظنا= بناظر منه لم يهجع ولم ينم
يدعو بثارات آباء له ذهبوا= في كل يوم عظيم غير منكتم
يا أطيب الناس من عجم ومن عرب= وأنجب الناس من عرب ومن عجم
وافاك عبدك لم تنفق بضاعته= الا عليك ولم تعرض ولم تسم
إن كنت تقبلها فضلا فأنت له= أهل والا فيا ويلي ويا ندمي
وإن وهبت فهبني ما أؤمله= في النشأتين ففيك اليوم معتصمي