لا عذر للدهر
ديوان الشيخ محسن أبو الحب
اليوم شمل المعالي عاد منصدعا= اليوم داعي المنايا في الأنام دعا
اليوم لا كوكب باد ولا قمر= فأعجب إذا قيل بدر بعدها طلعا
اليوم لا خدر مضروب على حرم= ولا حجاب يرى في الأرض مرتفعا
أمست حارئر بيت الوحي سافرة= حزنا على من مضى ياليته رجعا
مهاجرا مات وا لهفي ويا أسفي= فليجزع اليوم من لم يعرف الجزعا
نويت من حرم حجا الى حرم= كلاهما فيهما ساعي الحجيج سعى
ها ذاك مولد خير الخلق فيه وذا= حتى القيامة فيه جسمه أضطجعا
لا عذر للدهر جب الله غاربه= أيعلم الدهر ويل الدهر ما صنعا
تفديك أنفسنا يا من إذا ذكر= الأشراف معناه كل منهم خضعا
أمال فقدك أعناق الرجال كما= مالت رقاب عليها الذل قد وقعا
شقت عليك قلوب للرجال كما= شقت عليك جيوب للنسا جزعا
في الخلق والخُلق اشبهت النبي كما= أشبهت خير البرايا بعده ورعا
هما هما أبواك الأرفعان فما= يروم بعدهما من طار مرتفعا
طالت بنعشك أيدي الحاملين له= فإستصغرت من جبال الأرض ما إرتفعا
وإستحقرت أرجل الماشين فيه على= هام الكواكب أن أقدامها تضعا
وإنحادت الشمس عنه أن تزاحمه= فكان ابهى سنا منها إذا لمعا
وأعولت جملة الأملاك قائلة= اليوم عاد رسول الله منفجعا
عزي الحجيج وقل للبيت بعد أرق= دمعا ترقرق في عينيك منهمعا
عزي النبي به عزي الوصي به= عزي البتولة والسبطين معا
عزي الصيام عزي القيام به= عزي الجوامع فيه اليوم والجمعا
ما قيل حادثة الا وكان حمى= ما قيل غامضة الا وكان وعا
قد كان بيتك للراجين مجتمعا= فصار بعدك للراثين مجتمعا
هذا ينمق فيك القول ينشده= وذا يصدق فيك القول مستمعا
ماذا نقول وقدأخرست السننا= حتى كأن على أفواهنا طبعا
ما زلزلت بابل الا لتخرسنا= فأخرستنا وكادت قبل أن تقعا
وفي القلوب شواظ لو تصعد للعيوق= لإنحط فوق الأرض منقلعا
ما الدهر الا كذئب كان قابلنا= فإجتاح ما إجتاح منا ليته شبعا
كنا عهدناه بالأغنام منهمكا= فصار يجتاح آساد الشرى طمعا
حج الوداع الذي جاء النبي به= هو الذي جئت فيه مثل ما شرعا
وزرت مثوى رسول الله مقتربا= وإخترت عند أبي السبطين مضطجعا
علما بأنهما لا فرق بينهما= كلاهما در ثدي الرحمة إرتضعا
جاورت بحرا محيطا لا قرار له= فليسق هامي الورق إن همعا
لم أدر كيف أقلتك الرجال وقد= شكت بحملك شم الأجبل الضلعا
إن غاب شخصك عن عيني فحبك في= قلبي أبى أن يراه الله منتزعا
ما إن ذكرتك الا طرت من فرحي= بلا جناح وما حاذرت أن أقعا
أغلى مدادك من دم المستشهدين= فما أعلاه وقدرا وما أحلاه منطبعا
الحمد لله ما ضعنا خلافك يا= أزكى البرية أبياتا ومنتجعا
خلفت فينا قروما لا عديل لها= في العالمين رضيناهم لنا شفعا
كم صالح منهم لم يبق صالحة= الا وطار اليها قبل أن تقعا
محمد خير من يرجى لنائبة= ذاك الذي جاوز الجوزاء مطلعا
واشرقت بحسين كل داجية= فإستغن عن كل بدر في السما طلعا
أغنت أكفهم عن كل واكفة= جودا وعن كل ينبوع إذا نبعا
أرسى أبو القاسم المعروف نائله= طود الوفاء الذي قد مال وإنقلعا
هو الحري إذا ما قام مادحه= يتلو عليه من الأشعار ما نصعا
وكم لأبنائه في العالمين يد= اضحى لسان الندى في مدحها ولعا
هذا لساني لم يبرح وذا قلمي= كلاهما ينشران المدح مبتدعا
سقيا لربعهم المعمور أن له= بابا إذا ضاق يوما رحبها إتسعا
وفي الرجال نضار لا نظير له= وفي الرجال رماد قل ما نفعا