سقالك عذبا
ديوان الشيخ محسن أبو الحب
أتفي بمجراها عليك دموعي= أم هل تقوم بما أجن ضلوعي
أشكو الى الرحمن لوعتك التي= أودعتها في قلبي الملسوع
ولقد كساني الحزن بعدك مطرفا= أبد الليالي ليس بالمنزوع
ما كنت أول ذاهب بين الملا= لكن صبري عنك غير مطيع
خصمي الوفا إن عدت يوما ساليا= لك لوعة في قلبي المصدوع
آه وما يشفي غليلي بعدها= آه ولكن حالة المفجوع
لو أنني فارقت الف مدجج= كل أرجّيه لكل فظيع
وفقدت أجمعهم بمعترك الردى= ما بين معفور وبين صريع
ما أودعوني مثل ما أودعتني= من حزن أحشاء وحطم ضلوع
كم ليلة قضيتها بتهجد= ونهار قيظ بالظما والجوع
وصنايع لك لم تزل معروفة= في العالمين كقدرك المرفوع
وحقوق بر كلها مفروضة= إني لها ما عشت غير مضيع
غابت وغبت وليت أني لم أغب= أوليتها طلعت علي طلوع
ما مر يوم فراقها بي ليلة= الا وفارق ناظري هجوعي
وأشد ما في القلب منها أنها= عدمت غداة رحيلها تشييعي
ويل المحب إذا نوى أحبابه= ظعنا وفاز سواه بالتوديع
اليوم أسعى للكمال بأعرج= وأنال أسباب العلى بقطيع
وصفوا الجمال ونوحها سقبانها= بحنينها والورق بالترجيع
ونسوا مفارقة الفصيل لبونه= وأظنهم لم يعلموا بهلوعي
طفلا فقدت أبي وكنت نسيته= دهرا بفاضل برها المصنوع
رب أجزها عني بصنعك إنني= لا أستطيع جزاءها بصنيعي
كرمت منابتها فكانت نبعة= من دوح مجد في السماء رفيع
فلسوف يرضيك الذي أرضيته= بالصالحات وبرك المجموع
وسقاك عذبا من رحيق جنانه= عما سقيت بدرك المرضوع
وكساك برد العفو منه تكرما= وحباك من خلصائه بشفيع
يسقى سواك الغيث أنت غنية= عن كل خفاق البروق لموع
جاورت بحرا لم يزل ملطاطه= يغنيك عن هام وعن ينبوع
أعددت حبك للنبي واله= يوم الحساب فكان خير ذريع
ماذا يسليني وليلة بينها= عصفت رياح فراقها بشموعي
ماتت واحسب أنها ستعد في= الشهدا بما نالته من تصديع
وكذاك ظني بالذي نزلت به= أن سوف يرفعها لكل رفيع
هو ما علمت أبو الفضائل كلها= ذو جانب في النشأتين منيع
يا نفس قري وإستقري هكذا= أمر المهيمن فإسمعي واطيعي
صب يا زمان علي ما تستطيع من= نوب فقد صادفت غير جزوع
حسبي الذي أنا والأنام عبيده= هو مفزعي إن كنت أنت مريعي
لا ضير إن الله بالغ أمره= فيما يرى من ساخط ومطيع
أرواحنا يا لو علمت ودائع= سنردها لله خير بديع
هو قاهر بالأمر فوق عباده= يقضي وليس قضاه بالمدفوع
الله أرأف بالفتى من نفسه= يعطي وليس عطاه بالممنوع
أنا شاكر ما قد قضاه وشأنه= منه اليه مبدأي ورجوعي