حواري ابن فاطمة
ديوان الشيخ محسن أبو الحب
أحبتي ما لكم حالفتم التربا= لا طاب بعدكم عيشي ولا عذبا
ما عودت طول هذا النوم أعينكم= ليلا ولا أصبحت مكحولة هدبا
ما بالكم هكذا نمتم كأنكم= آليتم أن تقيموا تحتها حقبا
حقا رأيتم بلاد ألله قد خلصت= كرامها عطبا فاخترتم العطبا
وألله ما غبتم عني وإن لكم= في مهجتي منزلا لا ينثني رحبا
من لي بيومكم لو كنت مدركه= نسيت ما قد بقي مني وما ذهبا
كنتم كنوزا ولا وألله ما ملئت= إلا جواهر قدس تزدري الذهبا
أنتم لعمري حواري إبن فاطمة= إذ لم يجبه سواكم ساعة إنتدبا
أنفقتم في سبيل ألله أنفسكم= فنلتم فوق ما أملتم رتبا
ما فتية الكهف أعلى منكم شرفا= أنتم أشد وأقوى منهم سببا
ناموا وما نمتم لهفي كنومهم= أنى وقد قطعت أعضاؤكم إربا
فروا وما قابلوا وألله من أحد= وما فررتم وقد قابلتم اللجبا
كان الرقيم لهم كهفا يضمهم= ولم يكن كهفكم إلا قنا وظبا
أصاب طالوت أصحابا وما صبروا= معشار صبركم يا معشر النجبا
وأين أصحاب بدر عن مواقفكم= لو شاهدوها لماتوا دونها رعبا
ولو بصفين جردتم سيوفكم= ألقى إبن هند سلاح الحرب وإنقلبا
وألله لو طالت الحرب العوان بكم= للحشر لم تشتكوا من طولها نسبا
ما كان أعظمكم يوم الوفاء وفا= ما كان أكرمكم يوم ألإباء إبا
يا حبذا كربلا أرضا مطهرة= ثوت بها عصب أكرم بها عصبا
كانت لعمر أبي أرضا فمذ حظيت= بكم أعيدت سما مملوءة شهبا
فها هي اليوم تزهو وهي حالية= بكم كأن عليها اللؤلؤ الرطبا
النار مع جنة الخلد التي وعد= ألأبرار كلتاهما في كربلا إنتصبا
فلم تكن هذه إلا لكم وطنا= وتلك أعداؤكم صاروا لها حطبا
لم يربحوا وربحتم يوم ميزكم= منهم إله السما وألأرض وإنتخبا
أرضيتموه فنلتم منه أي رضا= وأغضبوه فنالوا عنده الغضبا
بنصركم مهجة الهادي وبهجته= نصرتم ألله لا هزلا ولا لعبا
قتلتم قتل الرحمن قاتلكم= ماذا أصاب له الويلات وإكتسبا
وتحت أيديكم الماء المباح جرى= ولم تذوقوه لهفي ليته نضبا
ما كل من خضبت بالدم لحيته= لاقى المهيمن مثلوج الحشا طربا
كلا ولا كل مقتول ثوى عفرا= تلقف ألله منه الدم منسكبا
هذي دماؤكم منشورة أبدا= مطارفا فوق أطراف السما قشبا
تنبي بأن إله العرش طالبها= سيعلمن غدا المطلوب من طلبا
راموا بصفين أن تعلوا رؤوسكم= تلك الرماح التي شالوا بها الكتبا
فلم ينالوا وكان الطف مبلغهم= ما أملوه فنالوا منكم ألإربا
أفدي رؤوسكم أفدي جسومكم= أفدي لكم كل عضو بالدما خضبا
أفديكم والرياح الهوج عاصفة= تكسوا جسومكم المسلوبة السلبا
يا راحلين ببيت الصبر ما لكم= لم تتركوا عمدا منه ولا طنبا
تركتمونا ردايا كالطلاح ثوت= مهزولة لم تجد ماء ولا عشبا
وألله ما مطعم الدنيا خلافكم= بطيب لا ولا مشوربها عذبا
يا ليتها قلبت من بعد فقدكم= وكيف تقلب إذ كنتم لها كثبا
أبكي لكل غريب عند ذكركم= حزنا لمهلككم في كربلا غربا
شفعتكم فإشفعوا لي عند سيدكم= شفاعة لا أرى من بعدها نصبا
يا أكرم الناس في الدنيا وخيرتها= أما وعما وجدا ساميا وأبا
أنت الحسين الذي لا خلق يعدله= جدا ومجدا وعزا شامخا وخبا
تكفون في الحشر من نار الجحيم ولا= تكفوننا اليوم هذا الحادث ألأشبا
رفقا بعبدك إن الهم أنحله= مما يخاف من الخطب الذي كربا
هل نستطيع سوى أن نستجير بكم= فخلصونا فإن ألأمر قد صعبا
الدار داركم والجار جاركم= وكلنا بكم نستدفع الكربا
لو أن غيركم المدعو كان له= عذر ولم يك يوما سامعا عتبا
لكن عرفناكم أولى بنا فلذا= لذنا بقربكم كي نأمن الرقبا
جلت مناقبكم عن أن يحاط بها= أو أن يطيق حسابا من لها حسبا
ما زال حبكم للناس معتصما= وكان حبكم الفرض الذي وجبا
من لم يكن فيه عند ألله معترفا= وكانت صوالحه يوم الجزاء هبا
أمرتمونا وأمر ألله أمركم= أن لا نبارحكم إن غاسق وقبا
وها أنا اليوم لم أبرح ببابكم= ومسترفدا ناصبا كفي مرتقبا