شهيد العقيدة - في رثاء أمير المؤمنين عليهالسلام
ديوان أنوار الولاء - السيد هاشم الهاشمي
مولاي لن تصمت تلك الدماءْ= كيف ؟ وقد شقّت مهاوي الفناءْ
لن يخنق الدهرُ حكاياتها= وإن تحدّى زحفها الأشقياء
وإن مضى الكفر الذي لم يزل= يلمح في طيفك سيف القضاء
يفور بالحقد ، ليخفى به= عن أعين الأجيال فجر الولاء
فأنت رغم الكفر اُنشودةٌ= تُفجّرُ الوعي بنا والفداء
غمامةٌ تزحف عبر المدى= تبشّر القفر بعهد الرواء
أنت لنا اُنشودة ثَرّة= بالخير توري جذوة الكبرياء
تنسلّ من أعماق دهر طوى= ضياءه الثرّ ، ضباب البلاء
تنسلّ كي تهبط في أرضنا= كفّاً تهزّ النائمين الظماء
أنت لنا عبر المدى صرخةٌ= تفجّر الوعي بنا والفداء
من أنتَ قل لي إنّني حائرٌ= قد أغلق السرُّ دروبَ الذكاء
أغرقُ في الفكر ، ولكنني= أعيى ، وقد ضمّ شعوري العياء
هبطتَ في كونٍ يلفُّ الهوى= أرجاءه ، كي يستفيق الفناء
أنّی تراميتَ ترى لعنةً= تنشر في الدرب شراك الشقاء
كيف استقرّت فيك روح الهدی= لم تفترق عنك بدرب البقاء
قَدّمتَ في مذبحها كلّ ما= تملك ، كي تحيى بذور الرجاء
فالليل لن تنسى حكاياته= كيف يشقّ الصمتَ ضوءُ الدعاء
والحرب ما زالت فتوحاتُها= تذكر سيفاً صدَّ زحفَ العداء
أنت لنا في كل شيءٍ صدى= يفجّر الوعيَ بنا والفداء
لولاكَ يا مولاي لم يخترق= متاهةَ الليل شعاعُ السماء
سرتَ مع النور فلم يرتفعْ= لولاكَ في زهو الليالي لواء
غرقتَ في الرحلة حتى اختفتْ= في هوّة المنفى شرورُ الغباء
وعندما حطّمت أحلامها= وسار لله رسولُ الأخاء
تطلّعتْ من قبرها لعنةٌ= تحلم بالأمس دَجيَّ الفضاء
ألقتك للموت ، ليحيى لها= عهدٌ ، به تمسخ وجه العلاء
هيهات لن تفنى ، وهل يختفي= فكرٌ ، تحدّى ثورة الأغبياء
فأنت رغم الموت اُنشودة= تفجّر الوعيَ بنا والفداء
يا ليلةَ القدر ، ويا نغمةً= تهمي ، فيمتدّ بقلبي الصفاء
يا ليلة القدر وأنفاسنا= لم تختلج إلا بخفق الدعاء
ألمحُ رغم البعد في مسجدٍ= وجهاً له يخشع حتى البناء
يُصعَّد الآهات في زفرةٍ= تشقُّ كالشُهب ظلام الفضاء
في ليلة القدر ، وقد أطرقت= لله روحٌ ، وارتمت في البكاء
تذوب في الآهة من حبِّه= قد جدّدت فيها عهودَ الولاء
يشعّ نور الحق من جبهةٍ= ما عرفت إلا مجالي العلاء
شُلّت يدٌ تغتال طَود الهدى= والطهر والحبّ ، وكنز الوفاء
فليخسأ الطاغي ، ففي كفّه= قد هُدَّ للإيمان أقوى بناء
ومذ هوى الطود تسامتْ له= روحٌ ، وقد دوّى هناك النداء
تريد أن يُطفأ نور الهدى= هيهات ، لن يخمد منه الضياء
يا لحظة أبقت بأعماقنا= نزيف جرحٍ ما له من عزاء
يريدنا أن نغتدي اُمّةً= تحتضن الدين بظلّ الولاء
يريد أن نصمد في عالمٍ= للكفر في أحشائه ألف داء
يريد أن نروي بنور الهدى= جيلاً تهاوى في جحيم الظماء
نتبع صوت الحقّ مهما دجت= آفاقنا ، إذ هبّ منه النداء
فهو لنا رغم المدى صرخةٌ= تفجّر الوعي بنا والفداء (1)
جواب لأبيات بعثها
أحد الفضلاء الأدباء
من النجف الأشرف
يعاتبه على ترك الشعر :
هجرتُ الشعرَ حين هجرتُ دنيا= يفوح باُفقها نشرُ القصيدِ
فكلّ حديثها أدبٌ وشعرٌ= وملؤ ترابها عبقُ الخلود
وجئتُ إلى بلاد كنت فيها= غريبَ القلب والفم والنشيد
بذلتُ بغربتي جُهداً مريراً= وفي أوجاعها ضاعتْ جهودي
وقد ولّى ربيعُ العمر منّي= وعمر الشعر من عمر الورود
وهدّتْ جيلَنا نُذُرٌ أبادتْ= مواهبه على قصف الرعود
أحِنُّ إلى الغريّ حنينَ صَبّ= يعاني الهَجر في قلبٍ عميد
إلى تلك القباب الصفر فيها= ظِلالُ الصفو والوصل السعيد
وفي وادي السلام يكون قبري= كقبر أبي بذيّاك الصعيد (2)
أخي أبياتك الغرّاء وافتْ= فعادتْ بي إلى الماضي البعيد
لقد فزتم بقرب أبي ترابٍ= برغم مخالب الطاغي الحقود
رزقنا حبّه دنياً ونرجو= شفاعةَ حيدر يوم الورود(3)