فــي لـيـلةٍ كـانـتْ هـنـالكَ
عـائـلة مــا بـيـنَ بـاسـلةٍ وبـيَـن
مـنـاضلة
وكـبـيـرةٍ تــبـدو بـعـمـرِ
جـراحِـهـا يـــائــســةٍ لــكــنّـهـا
مــتـفـائـلـة
إذ أنّــهـا كــانـتْ تـــوزّعُ
صـبـرَهـا مـــا بــيـنَ أيـتـامٍ ولـهـفةِ
أرمـلـة
ولــهـا عـلـيلٌ إن دعـاهـا
بـاسـمِها بـعـبـاءةٍ صــفـراءَ تـمـسحُ
كـاهـله
وصـغارُها تـهوى الـجلوسَ
بـقربِها تـحكي لـهم قـصصَ الأميرةِ
كاملة
قـالـوا لـهـا: قـصـصٌ بـغـيرِ
نـهايةٍ فـعلى الـمسامعِ لـم تـكنْ متداولة
هــا نـحـنُ نـنـتظرُ الـنهايةَ فـابدئِي بَـــدَأَتْ بـقـصّتِها الـحـزينةِ
قـائـلة:
يـومـاً مِــنَ الأيــامِ سـارَتْ
قـافلة بـأمـيـرةٍ نــحـوَ الـعـبـيدِ
الـقـاحـلة
كــانـتْ كــآيـاتٍ تـسـيـرُ
نـسـاؤُها إلا هـــي كــانـتْ كـبـاءِ
الـبـسملة
لـم يبقَ من تلكَ الرّجالِ لها
سِوى رجــلٍ وقــدْ كـانـت يــداهُ
مـكـبّلة
صـــارَ الـحـديدُ مـراقـباً
خـطـواتِهِ بــحـرارةٍ يــهـوي يـعـانـقُ
أرجـلَـه
وهـنـا الـسؤالُ عـنِ احـمرار
ثـيابِهِ أَوَ مـــن دمٍ أم حــيـاءِ
الـسـلسلة
بــكـتِ الأمـيـرةُ دونَ دمــعٍ
ثـابـتٍ أَوَ دمــعُ يـبقى مـن بـكاءِ
مـهرولة
دارتْ بـهـا الأزمــانُ بـعـد
كـفـيْلِها سـكتَتْ فقالوا: هلْ هُنالكَ
تكملة؟
قالتْ: سأُكملُ قصّتي
واسترسلتْ بـحـديـثِها عـــن كــافـلٍ
ومـدلـلـة
مــولــودةٌ فــــي بـيـتِـهـا
لـكـنّـهـا فـي قـلبِهِ سـكنَتْ وعـاشتْ
داخله
قـمرٌ يـضاهِي الـشمسَ نـورُ جبينِهِ تــأتـي الـنّـجـومُ عـشـيةً
لـتـغازله
يُـسراهُ فـي وقـتِ الـعِناقِ
فراشةٌ يـمناهُ فـي وقـتِ الـمعاركِ
باسلة
مُـذْ كـانَ طـفلًا كـانَ يـحملُ
قـربةً مــنْ شــمَّ قـربـتَهُ يـشـمُّ
جـدائله
فـي عـيْنِهِ الـحمراءَ غـضبةُ
فارسٍ فــي رفـعِ تـلكَ الـحاجبينِ
مـقاتلة
يـحـمرُّ فــي كــلِّ الـحروبِ وتـارةً يـحـمرُّ لــو كـانـتْ هـناكَ
مـجاملة
فـقدتْهُ فـي إحدى الحروبِ
بنينوى قـتـلـتْـهُ غــــدرًا أمـــةٌ
مـتـخـاذلة
ورأوا بـتـلـكَ الـعـيـنِ حــقَّ
أخــوةٍ فـرموهُ مـن تـلكَ الـسّهامِ
الباطلة
وأخـــوهً ودّعَ نـفـسَـهُ مــن
بـعـدِهِ لا يـسـتـطيعُ الـعـيـشَ أنْ
يـتـخيَّله
وأرادَ يـــخــرجُ ســهــمَـهُ
لــكِـنَّـهُ ألـــمٌ لـتـلكَ الـعـينِ لــنْ
يـتـحمَّله
صـلَّـى عـلـى كـفـيْهِ فـرضَ
بـكائِهِ دمـــعُ الأخـــوّةِ لا يــجـوزُ
بـنـافلة
أصــحــابُـهُ أبـــنــاؤُهُ
ورضــيْــعُـهُ إخـوانُـهُ رحـلـوا لأشــرفِ
مـنـزلة
فـاسـتـوحدوهُ ومــا يــزالُ
بـريـدُهُ بـالـحـبِّ يـبـعـثُ لـلأنـامِ
رسـائِـلَه
قــد صـارَ ذاكَ الـنّحرُ فـي
هـيهاتِهِ بــيـنَ الـكـرامةِ والـمـذلّةِ
فـاصِـلَة
وتـوجَّـهَتْ عـيـناهُ صــوبَ
خـيـامِهِ فَـبِـها الأمـيـرةُ لــم تــزلْ
مـتأمِّلَة
مـن حـولِهِ الأعـداءُ حـاطَتْ
مـثلَها لَـوْ حـاوَطَتْ كـلُّ الـمناجِلِ
سـنبلة
ذبـحُـوهُ عـطشانًا وكـانت
لاسـمِها أثــرٌ عـلـى تـلـك الـشفاهِ
الـذابلة
سـلـبُـوهُ ثــوبًـا واصـبـعًا
وعـمـامةً والـخيلُ جـالتْ كي ترضَّ
مفاصِلة
رسموا المخططَ للسِّبى بسياطِهم لأمــيـرةٍ كـانـتْ تـشـيرُ
الـبـوصلة
ومــشـوا بــهـا و عـيـونُـها
لـبـناتِها فـبـغـيبةِ الـكـفّالِ صــارَتْ
كـافـلَة
وبـكـعـبِ رمــحٍ أو شـتـيمةِ
والــدٍ ســاروا بـها وطـريقُهم مـا
أطـولَه
بـطريقِهم إحـدى الـبناتِ
تَعَارَضَتْ وتـوفِّـيـتْ وسـيـاطُـهُم
مـتـواصلَة
وتـوفِّـيتْ أُخْــرى وكــانَ
رجـاؤُهـا قـمْ يـا أبـي قـمْ يـا أبـي
مـتوسِّلَة
وصـلـوا بـهـا لـلقصرِ فـهيَ
أمـيرةٌ دخـلتْ إلـى قـصرِ الـطغاةِ
مـبجَّلة
إذ كان طاغي العصرِ يفخرُ
ضاحكًا ويـظـنُّـهـا مـكـسـورةً و
مُـوَلـوِلـة
شـهرتْ سـيوفَ كـلامِها في
وجهِهِ وقــفـتْ بـكـلِّ شـجـاعةٍ
لـتـجادله
بـطشتْ بـهِ والـقصرُ مـالَ
بعرشِهِ فـــي خـطـبـةٍ لـكـنّـها
كـالـزلـزلة
قـد حـاولَ اسـتفزازَ بعضِ
دموعِها لـقـتـيلِها واخـتـارَ بـعـضَ
الأسـئـلة
قـولِي وكـيف رأيـتِ ذبحَ
كبيرِكم؟ قـالـتْ: جـمـيلا، قـولُها مـا
أجـملَه
فـالإصـبعُ الـمـقطوعُ صـارَ
عـلامةً حــتّــى يـــدلَّ لــثـورةٍ
مـتـكـاملَة
لـكـنَّها فـي الـليلِ تـفترشُ
الـثرى جــرحــاً وإثـــاراً وعـيـنـاً
هـامـلـة
وصــغــارُهـا يــدعـونَـهـا
عـمـتـنـا هــم مـثـلُكم فـعلاً ولـيستْ
أمـثلة
سـكتتْ فـقد نـامَ الصغارُ
جميعُهم فـلـعـلَّ قـصـتَـها الـحـزينةَ
هـائـلة
هـي هـكذا فـي كـلِّ يـومٍ لـم
تـنمْ تـحكي لـهم قـصصَ الأميرةِ
كاملة
والـطـفلَ يــأوي لـلـمنامِ
بـحجرها فــتــشـمَّـهُ لــتــضـمّـهُ
وتــقـبـلَـه