أتــنـامُ يـــا جـفـنـي وسـبـطُ
مـحـمدٍ قـد حلَّ في أرضِ الطفوفِ مع
العيالْ
تـــركَ الـمـدينةَ مُـرغـماً فــي
خِـيـفةٍ وسَــــرَتْ قــوافـلُـهُ بــأصـحـابٍ
وآلْ
قـــد أحــدقـتْ بــهِـمُ الـمـنايا
والـبـلا فـمضَوْا إلـى مـوتِ الـخلودِ بـلا
جدالْ
تــعـدو كـــلابُ أمــيـةٍ مـــن
خـلـفِهم إمّــــا مـبـايـعةُ الـسـفـيهِ أو
الـقـتـالْ
فــأبــى أبــــو الــشـهـداءِ إلا
عــــزةً حـتـى بـعـرصةِ كـربـلا حــطَّ
الـرحالْ
نـصـبَ الـخـيامَ إلـى الـصغارِ
ولـلنسا ودعـــا خــيـارَ رجــالـهِ نـحـوَ
الـنِـزالْ
فــإذا بـهِـم يـتـسابقونَ إلــى
الـوغـى بـــل لـلـجنانِ ودمُّ مـنـحرِهم
يُـسـالْ
بـاعوا الـحياةَ إلـى الـخلودِ، ونِـعم
مـا نصروا .. (حسيناً)، صحبة ٌنِعمَ
الرجالْ
حــتـى إذا صُــرعـوا .. تــقـدّمَ
أكــبـرٌ يـستأذنُ الـمولى الـغريبَ إلـى
القتالْ
"أبــتـاهُ ، هــذا الـكـفرُ جــاءَ
بـجـيشِهِ يـبغي الـهلاكَ هـنا، وذي البوغا
سِجالْ
وأنــا عـلـيُّ بــنُ الـحسينِ ابـنُ
الـذي خاضَ الغمارَ وصالَ في الهيجا
وجالْ"
لـــم تــمـضِ إلا ســاعـةٌ وإذا
الـــذي قــد كــانَ نــورُ جـمـالِهِ مـثلَ
الـهلالْ
حــاطــتْــهُ آلُ أمـــيـــةٍ
بــسـهـامِـهـا وسـيـوفِها حـقـداً فـقـطعّتْ الـوصـالْ
"قـتـلـوكَ يـــا ولـــدي وإنّـــي لا
أرى بـسـواكَ لـلـمختارِ أحـمـدَ مِــنْ
مـثالْ
حـاكـيـتَهُ خـلـقـاً وقـــولاً، بـــل
لــقـد مـاثـلتَهُ فــي كــلِّ مـحـمودِ
الـخصالْ
مــا عــادَ لــي عـيـشٌ عـلـيٌّ بــل
ولا أرضــى بـديلاً عـنكَ مـن جـاهٍ
ومـالْ"
رجــعَ الـحـسينُ إلــى الـخيامِ وإذ
بـهِ يـلـقى أخــاهُ بـضـيقِ صــدرٍ
واكـتئابْ
"أخـي يـا حـسينُ أمـا ترى حالَ النسا والـرُضـعَ الـعَـطشى بـشجوٍ وانـتحابْ
فــــإذنْ أُخَــــيَّ إلـــيَّ كـيـمـا
آتِــهِـم أسـقـيهِمُ بـيـديَّ مــن بَـردِ
الـشرابْ"
حـــارَ الـحـسينُ ودمـعـةٌ فــي
عـيـنهِ والقلبُ من عُظم المصائبِ في عتابْ
"عـبـاسُ إن تـمـضِ فـمـا لــكَ
عـودةٌ والـمـاءُ يـغـدو لـلـعطاشى
كـالسرابْ
فـلـتـقضِ أطـفـالـي وتـبـقـى
سـالـماً عـضُـداً تـساندُني ونـقتسمُ
الـصّعابْ"
لـــكــنَّ عــبــاسـاً أفـــــتَّ
فـــــؤادَهُ نــوحُ الـصـغارِ وقـلـبُه الـمهمومُ
ذابْ
فـمـضـى لــشـطِّ الـعـلقميِّ
وعـزمُـهُ مـن فـيضِ مـاءِ الـنهرِ تـمتلئُ
القِرابْ
لــكـنَّ ســهـمَ الـغـدرِعـاجلَهُ ،
فــلـم يـرجـعْ، وظــنُّ سُـكـيْنة ٍ بـالعمِّ
خـابْ
ســقـطَ الـلـواءُ وخــرَّ كـافـلُ
زيـنـبٍ وحـسينُ أحـنى ظـهرَه هولُ
المصابْ
فـسـعـى إلـيـه يُـعـاينُ الـقـمرَ
الــذي لـم تُـبقِ مـنه الـباتراتُ سـناً ..
فغابْ
"أُ ُأُخَـيَّ قـد أشـمتَّ بـي الأعـداءَ
بـل أسـلـمتَ أطـفـالي ورحـلـيَ
لـلعذابْ
قــد كــانَ لـي بـكَ يـا عـضيدي
هـيبةٌ والآنَ مـالَ الـركنُ مـا مـنهُ
انـتصابْ"
لـم يـبقَ فـي الـخيماتِ للمولى
سوى أطـفـالِـه ونــسـاءِ عـتـرتـهِ ،
وشــابْ
فــــإذا بــشـبـلِ الـمـجـتبى
مـتـقـدماً نــحـوَ الـحـسينِ وبـيـنَ كـفَّـيهِ
كـتـابْ
"عــمـاهُ، هــذي مــن أخـيـكَ
وصـيـةٌ فـلتقرَأَنْ مـا جـاءَ فـيها مـن
خـطابْ"
"أبُــنــيَّ إن أنــتــمْ نــزلـتُـم
كــربــلا وأحـاطَـتِ الـبـلوى بـعمِّكَ
والـمصابْ
ورأيــتَــهُ بــيــنَ الأضــاحــي
نــاعـيـاً يــدعـو أمـــا مـــن دافــعٍ عـنـا
وذابّ
فـانـصرْهُ يــا ولـدي وعِـفْ دنـيا
الـفنا وارمِ بـجـسمِكَ لـلـسيوفِ
ولِـلـحِرابْ
أجِّـــلْ زفـافَـكَ لـلـجنانِ غــداً،
وقُــمْ والـبسْ رداءَ الـموتِ ، لا حلوَ
الثيابْ"
" فــإذنْ لــي يــا عـمـاهُ أبــرزُ بـينَهُم مـا عادَ لي عيشٌ ومثلُكَ في
اغترابْ"
فــإذا الـعـريسُ عـلـى الـترابِ
مـعفرٌّ ودمُ الـوريدِ عـلى الكفوفِ له
خضابْ
مــا كــادَ يـمـسحُ دمـعَـهُ حـتـى
أتَـتْ تـشـكـو مُـولـولـةً وتـنـتـحبُ
الـربـابْ
يــا زيـنـبُ هــذا الـرضـيعُ خـذيـهِ
قــد جـفَّ الـلسانُ من الظما وحشاهُ
ذابْ
مــا عــدتُ أمـلكُ غـيرَ دمـعاتي
الـتي مُـذ عـاينَتْهُ الـعينُ مـنّي فـي
انسكابْ
فــأتَــتْ بــــهِ أمُّ الـمـصـائبِ
لــلـذي حـــارَتْ بـصـبـرِ فـــؤادهِ أمُّ
الـكـتابْ
أخـي يـا حـسينُ، الـطفلُ يـذوي
بـينَنا والـرأسُ مـنّي يا بنَ أمّي اليومَ
شابْ
فـاحـملْهُ نـحـوَ الـقـومِ وانـظرْ
رأيَـهُم فـلـعـلَّ فـيـهِـم مـسـلماً
يـتـلوالكتابْ
فــأتـى بـــه ســبـطُ الـنـبيِّ
أمـامَـهم فغشى جيوشَ الكفرِ هرْجٌ
واضطرابْ
فـدعـاهـمُ الـشـيـطانُ لــبّـوا
سُـؤلَـهُ، وإذا بــحــرمـلـةٍ بــنـبـلـتِـهِ
أجــــــابْ
فـأصـابَ نـحـرَ الـطـفلِ بـيـن
ذراعِـهِ فــكــأنّـهُ قــلــبـاً لــوالــدِهِ
أصــــابْ
فـرمـى الـشـهيدُ بـكـفِّهِ نـحـوَ
الـسما ودعــا بـهم كـمَداً وقـد عـزَّ
الـخطابْ
"إن كــــانَ ذنـــبٌ لـلـكـبارِ
وجُـنـحـةٌ أفـهل عـلى الأطـفالِ لـومٌ أو
عتابْ؟
تــعـسـاً لــشِـرذمـةٍ تُـصَـيِّـرُ
شـافـعـاً لـلعالمينَ لـها خـصيماً فـي
الحسابْ"
عـجـبي لـصـبرِكَ يـا حـسينُ
ولـهفتي أوَ هـل يـفيكَ الـدّمُ مـني لـو
يُـسالْ؟
أوَ هـــل تُــرَّويـكَ الــدمـوعُ بـمـقـلتي أم هــل تـفيكَ الـروحُ مـنّي
والـعيالْ؟
أوَ هــل أؤدّي حــقَّ شـخـصِكَ
سـيّدي واللهُ يــعــلـمُ أنَّ ذا مــنــي
مُــحــالْ
لــكـنَّ لـــي أمـــلاً بــجـودِكَ إنْ
أنـــا ذقــتُ الـمـنونَ وحـانَ يـومُ
الارتـحالْ
وخـلـوتُ فــي لـحـدي وجـيءَ
بـمنكرٍ ونـكـيـرَ وابــتـدآ حـسـابـيَ والـسـؤالْ
وعـلـمتُ أن لا نـفـعَ مــن عـمـلي
ولا كــلِّ الــذي أحـبـبتُ مـن أهـلٍ
ومـالْ
وأتــى الـحـسابُ وقــامَ كـلُّ مـشفَّع
ٍ يـدعـو بـشـيعتِهِ إذا مـا الـخطبُ
هـالْ
وبـقـيتُ وحـدي أرقـبُ الـحشرَ
الـذي لا بــيـعَ فــيـه ولا حـمـيـمَ ولا
خِـــلالْ
ورأيــتُ ركـبَـكَ مـقـبلاً ضــمَّ
الأُولــىَ هـامـوا بـحبِّكَ وارتـجوْا مـنكَ الـوصالْ
فـاكـتـبني يـــا مـــولاي مـنـهُم
إنّـنـي لــولا شـفـاعتُكم سـتُـهلكُني
الـفِـعالْ
اِقــبـلْ مـسـيـئاً غــارقـاً فـــي
ذنــبِـهِ لـكـنّـهُ بِــكُـمُ احـتـمـى يـــا خـيـرَ
آلْ
يــا بــنَ الـرسـولِ ولـي حـوائجُ
جـمةٌ وبـجـاهِ قـدسِـكَ عـند ذي الـعليا
تُـنالْ
فـانـظـرْ بـعـينِكَ لــي وبـلـغّني الــذي يـهـوى الـفؤادُ وفّـرجِ الـكَُربَ
الـثقالْ
يـــا ســيـدي ولـكـلِّ صـاحـبِ
حـاجـةٍ أدعـــو الإلـــهَ بـحـقِّـكُمْ أن
تُـسـتـنال