مــعَ كــلِّ شـمـسٍ فـالـدماءُ تـسيلُ
ومـــدى الــزمـانِ تـفـجّـعٌ
وعــويـلُ
لا بـــدَّ تـلـقـى كـــلُّ نــفـسٍ
حـتـفَها وإلــــى الــتــرابِ تـرابُـهـا
ســيـؤولُ
تـسـعى بـيـومٍ، ثــمّ يُـسـعَى
فـوقَـها كـــم حــامـلٍ وإذا بـــهِ
الـمـحـمولُ!
تُــطـوى حــيـاةٌ ثـــمّ يُـنـشَرُ
غـيـرُها والــجـيـلُ يُــفـرَشُ فــوقَـهُ
الـجـيـلُ
نُــنـسَـى، ونــفـنـى جــلُّـنـا
وكــأنَّـنـا لـــم يــحـظَ فـيـنـا بـالـحـياةِ
فـتـيلُ!
لــكـنْ حـسـينٌ حـيـنَ ســالَ
وريــدُهُ فــإذا الـحـياةُ إلــى الـوجـودِ
تـسـيلُ
مـــعْ كـــلِّ جُـــرحٍ فــيـهِ داوى
أمّــةً إلاّ عــلـيـلَ الــــروحِ، فــهــو
عـلـيـلُ
فالشمسُ في وهَجِ الحسينِ شحيحةٌ! والـبـحرُ فــي كـرمِ الـحسينِ
بـخيلُ!
وتــحـلّـلُ الأفــهــامُ طــيـلـةَ
أدهـــرٍ هـــذا الـعـطـاءَ، فـيـعـجزُ
الـتـحـليلُ
وتــفـكّـرُ الأجــيــالُ فــــي
عـلـيـائِـهِ فــــإذا الـتـفـكّـرُ عــاجــزٌ
وكــلـيـلُ!
تـتـحـيّـرُ الأقـــلامُ مـهـمَـا
ســطَّـرَتْ يــتــحـيّـرُ الـتـفـسـيـرُ
والــتــأويـلُ!
مـاذا يـقولُ الـشِّعرُ مهما قد
حكى؟! والــنـثـرُ مــــاذا بــعـدَهُ
سـيـقـولُ؟!
دمُــكَ الــذي كـتـبَ الـصحائفَ
كـلَّها كــلُّ الـمِـدادِ صــدىً، وأنــتَ
أصـيـلُ
أنــتَ الـسـليلُ لأحـمـدٍ خـيـرِ
الـورى والـخـيرُ، كــلُّ الـخـيرِ، مـنـكَ
سـليلُ
كـــلَّ الـمـنـايا قــد جـرَعْـتَ،
أخـفُّـها تــلـكَ الــتـي كــانـتْ وأنــتَ
قـتـيلُ!
فـجرعْتَ مـوتَ الصحبِ تترى
والألى عـطـشَ الـصغارِ، لـهُ الـجبالُ
تـهيلُ!
ثُـكـلَ الـنـساءِ، دمـوعَـهنَّ، وإنْ
بـدتْ لـيـستْ دمـوعـاً، فـالـعيونُ
مـحـولُ!
وصـراخَـهنَّ، وإنْ تـكـتّمَ فـي
الـحشا إذْ هُــــنَّ خِــــدرٌ، جــدُّهـنَّ
رســـولُ
والأكــبـرُ الــوهّـاجُ، بــيـنَ
سـيـوفِهم نــهْــبٌ، عــلَـتْـهُ أســنّــةٌ
وخــيــولُ!
والأصـيَدُ الـعبّاسُ، ظـهرُكَ مذْ
سعى، قــمـرُ الـعـشـيرةِ، إذْ عـــراهُ
أُفــولُ
إنّ الـخـطـوبَ، وإنْ تـعـاظمَ
هـولُـها، فـي جنبِ خَطْبٍ في الطفوفِ
قليلُ!
لــمّــا الــنـبـالُ تــخـيّـرَتُ
لـنـصـالِـها أنْ تـرشُـقَ الإيـمـانَ وهــو يـصـولُ
!
وكـذا الـسيوفُ، ولـم تـكُنْ
مـجبورةً، إذْ أصــبـحـتْ وخـضـابُـهـا
الـتـهـليلُ!
ثـــمّ الأســنّـةُ بــعـدَ طــعـنٍ
لـلـهدى شــرَعَـتْ بـهـاماتِ الـصـلاةِ
تـجـولُ!
لــكـنَّ مـــا جـعـلَ الـعـيونَ
سـحـائباً لـلـدمعِ: زيـنـبُ، إذْ جــرى
الـترحيلُ!
مِـن بـعدِ أنْ حـرَقُوا الخيامَ
خساسةً! فـيـهـا عـلـى ضَـغـنِ الـحـشا
تـدلـيلُ
وعَــــدَوْا وراءَ الـطـاهـراتِ!
كـأنّـهـم مـــا مـــرَّ فــي أسـمـاعِهِمْ
تـنـزيلُ!
سَـلَبُوا، وسَـبُّوا، واسـتهانُوا ..
بـئسما طُـويـتْ عـلـيهِ مـن الـضلالِ
عـقولُ!
آهٍ، وأيَّ الــخــطْـبِ أذكــــرُ؟!
إنّــــهُ فــي كـلَّ خـطْبٍ فـالمُصابُ
مَـهولُ!
أَدَمَ الـرضيعِ؟ وقـدْ رمـاهُ إلـى
السما عَــجَـبـاً فـــلا تـرمـيـهِمُ
الـسـجّـيلُ!
أَفَــكـانَ أكــرمَ مِــن حـسـينٍ
وابـنِـهِ فـي قـومِ صـالحَ – نـاقةٌ
وفـصيلُ؟!
كـــلّا، ولــكـنْ حـكـمةٌ خَـفِـيَتْ،
فــلا يــرقـى إلـيـهـا الـعـقلُ وهــو
كـلـيلُ
أمــصـابَ زيـنـبَ؟ إذْ تــرى
إخـوانَـها لا الـلـحمُ لـحـمٌ، لا الـعـظامُ
مُـثـولُ!
وتـــروحُ تـبـحـثُ بــيـن قـتـلاهـا،
وإذْ كـــفُّ الـكـفـيلِ، ولا هــنـاكَ
كـفـيلُ!
أوّاهُ، مـــا هـــذا الـمـصابُ!!
قـلـوبُنا لــحــمٌ، وهــــذا الــنّــارُ
والـتـنـكيلُ!
وأكــــادُ أزعُــــمُ أنّـــهُ مُـــذْ
كــربـلا فـالـغـيثُ دمـــعٌ، والــرعـودُ
عـويـلُ!
وإذا تــعــنُّ عــلــى الـخـيـالِ
رقــيّـةٌ فـــإذا فــصـولٌ لــلأسـى
وفـصـولُ!
وإذا الـتـفجّعُ فــي الـقـلوبِ
كـخفقِها وإذا الـتـوجّـعُ فـــي الـحـشا
تـقـتيلُ!
أمّـــــا بـــذكــرٍ لـلـعـلـيلةِ
فـالـنُّـهَـى لــتـحـارُ أنّ الأرضَ لــيــسَ
تـــزولُ!
ولـــذاكَ، فـالـسـجّادُ ظـــلَّ
سـحـابةً لـلـدمعِ جـالـتْ حـيـثُ كــانَ
يـجولُ!
ولــوِ الـبـحارُ دمـوعُـه، بــل
ضـعـفُها فـلَـصـبَّـها، ولــقــالَ: ذاكَ
قــلـيـلُ!!
سـأقـولُ لـلـنحرِ الــذي روّى
الـهدى: لــــولاكَ فــالإسـلامُ فـيـنـا قـتـيـلُ
!
لــولا دمــاؤُكَ أضـرَمَـتْ جـمـرَ
الإبــا فــيــنـا، فــإنّــا: خــانــعٌ، وذلــيــلُ
!
واللهِ، لــــــولا كـــربــلاءُ
حـسـيـنِـنـا فـلَـمـا اسـتـمـرَّ بـثـغـرِنا الـتـرتـيلُ
!
ولــمـا الـمـآذنُ كـبّـرَتْ مــذْ
يـومِـها! هـــذا أقـــولُ كــمـا الـصـلاةَ
أقــولُ
تـلـكَ الـوغـى لـيـسَتْ تـفـارقُ
بـالَـنا يــبـقـى لــهــا فـيـنـا دمٌ وصـهـيـلُ
!
تــبـقـى الــقَـنـا وكــأنَّـهـا
بـصـدورِنـا ويـظـلُّ فــي أُذُنِ الـزمـانِ صـلـيلُ
!
ونـسـيـرُ مَـــعْ ركـــبِ الإبــاءِ
حـيـاتَنا لـسْـنَـا إلـــى ركــبِ الـطُـغاةِ
نـمـيلُ
نـبـقـى نـسـافرُ مَــعْ ظـعـائنِ
كـربـلا مُــقَــلاً تــسـيـلُ ولا هــنـاكَ
مَـقـيـلُ
تـبـقى دمــاءُ الـسـبطِ تـجري
مُـلهِماً فــي كــلِّ يــومٍ مِـن دمـاهُ سـيولُ
!
تــحـمـي الــولايــةَ والـــولاءَ،
وإنّــهـا إرثُ الــرســولِ، وإنّــهـا لَــرسـولُ
!
يــــا لـيـتـنـي كُــلّـي أيـــادٍ تــرتـوي
مـن لـمسِ قـبرِكَ، لـيسَ عنكَ
رحيلُ
أو أنّــنــي كــلّــي شــفـاهٌ،
شـغـلُـها فــــوقَ الـضـريـحِ الـلـثـمُ
والـتـقـبيلُ
أو أنّـنـي كـلّـي خُـطـاً تـسـعى،
ومــا بــحــيـاتِـهـا إلاّ إلــــيـــكَ
ســـبــيــلُ
لـهفي عـلى نـفسي، جـفوتُكَ
سيّدي وعـطاءُ نـحرِكَ فـي الـحياةِ هطولُ
!
لـكـنْ أحـبُّـكَ، لـيـس مــن قـلـبٍ
بـهِ بــعــضُ الــشــذى إلاّ إلــيـكَ
يـمـيـلُ