غربةُ الرأسِ عن الجسدِ
سنة 2010
إلى أينَ يا رأسَ الحسينِ تهاجرُ؟؟ = أمَا للسٌّرى في وحشةِ الدَّهرِ آخِرُ؟؟
تغرَّبتَ مُنْذُ الطفِّ عن جسدِ الفِدا = وما زلتَ رحَّالاً كأنَّكَ طائرُ
تصبّبتَ يومَ النحرِ نهرَ كرامةٍ = وقد كنتَ كفْؤَ الموتِ، والموتُ ماطرُ
أُحسُّ بأمواج ِانتصارِكَ نشوةً = وأنتَ على الرُّمْحِ الرماديِّ حاسرُ
تفوَّقتَ يا رأسَ الحسينِ على العِدا = تعاليتَ كُبَّارًا وهمْ همْ أصاغرُ
وها نحنُ، أهلَ الأرضِ، نغفو على الثَّرى = وأنتَ الذي فوقَ السماواتِ ساهرُ
نهارًا تربِّي الشمسَ تربيةَ السَّنا = تعلِّمُهَا كيفَ الشروقُ المغايرُ
وليلاً تصلِّي بالنجومِ جماعةً = فبورِكْتَ من مولىً هَوَتْهُ المنائرُ
وتُلقِي على سِرْبِ الكواكبِ خطبةً = وأينَ تكنْ تنهضْ إليكَ المنابرُ
أبا الغربةِ الظمأَى .. كؤوسي تأنْسَنَتْ = وشَفَّتْ بأجسامِ الزجاجِ محاجرُ
يناديكَ تِيهي في برارِيهِ هائمًا = ويهواكَ همِّي وهْوَ في النفسِ غائرُ
يضجُّ فؤادي داخلي ذاتَ ظلمةٍ = كما ضجَّ في شهرِ المحرَّم عاشرُ
وتزحفُ أحزاني تؤدِّي طقوسَها = كما زحَفَتْ نحوَ الحقولِ المقابرُ
وتبكي مناديلي وأمسحُ دمعَها = بعيني َّ!! يا نعْمَ الهوى المُتصاهِرُ
تجنَّنْتُ حيثُ القلبُ ثارَ على النُّهى = وأنتَ لأمثالي .. المجانينِ عاذرُ
جنوني هوَ ( العقلُ الجديدُ ) .. وها أنا = أنوحُ وبالحزنِ ِالعتيق ِأفاخرُ
وأعشقُ مأساتي، أصونُ جلالَها = فبعضُ المآسي في الزمانِ جواهرُ
أثاقفُ في ذكراكَ ظلاًّ مفوَّهًا = وما بينَنا التفَّتْ رؤىً ومَحَاوِرُ
ويشتجرُ المعنى ليصبحَ أيكةً = تُعَشْعِشُ أفكارٌ بها وخواطرُ
تطلُّ على الدنيا من الخلدِ قادمًا = فلا غابَ سيماءٌ ولا اختلَّ ناظرُ
تصبُّ وقودَ الحقِّ داخلَ أمَّةٍ = لأنَّكَ تهوى أنَّ تُشعَّ المصائرُ
وتُغْري محبيكَ المساكينَ بالضُّحى = وما الفجرُ إلا مِنْ جبينِكَ سافرُ
سيوفُ اللظى البلهاءُ ظنّتْكَ داميًا = فكنتَ كما تنمو وتحيا القساورُ
أرادتْكَ يا للطفِّ – رقمًا مُمَزَّقًا = فكنتَ وجودًا تشتهِيهِ الضمائرُ
خرجتَ على ريحِ السَّمُوم ِمناضلاً = وأيقنتَ أنَّ العزَّ حيثُ المناحرُ
لأجل ِالمدى قايضْتَ روحَكَ بالردى = ولولاكَ ما كانَ الشموخُ المعاصرُ
ورأسِكَ لمْ تشرقْ هوية ُمجدِنا = بغيرِ أضاحي الطفِّ وهيَ مجازرُ
عشقناكَ مرآةً وظلاً ونرجسًا = وإنْ زأرتْ وسْطَ الجحيمِ مخاطرُ
رَسَمْتَ على جدرانِنا شمسَ كربلا = ومن حولِها قطرُ الندى والأزاهرُ
هي الثورةُ الكبرى اختراعُكَ سيدي = وتسمو الدُّنا فيما تراهُ العَبَاقرُ
ولا لونَ للزيتون ِ إذْ جارَ جائرٌ = ولمْ يأتِهِ من ( سورةِ الرَّعْدِ ) ثائرُ