شعراء أهل البيت عليهم السلام - يا ليتني أحظى بغَبرةِ سيْرِهم (أربعينية الإمام الحسين عليه السلام ١٤٤٣ هجرية)

عــــدد الأبـيـات
58
عدد المشاهدات
4337
نــوع القصيدة
فصحى
مــشــــاركـــة مـــن
تاريخ الإضافة
29/09/2021
وقـــت الإضــافــة
11:25 مساءً

يا ليتني أحظى بغَبرةِ سيْرِهم في الشامِ بينَ مخالبِ الأعداءِ=هذا بلاءٌ لا كأيِّ بلاءِ من كلِّ ناحيةٍ فثَمَّ إهانةٌ=وأذًى يزيدُ الجمرَ في الأحشاءِ أمسَوْا لرشقٍ بالحجارةِ واللظى=غرضًا وللأحزانِ واللأواءِ آلُ النبيِّ، يكادُ صدْري من لظًى=فيهِ يذوبُ كشمعةٍ هيفاءِ والخطْبُ يَصعقُ ليسَ يحملُه النُّهى=ويُديمُ في الأحداقِ بحرَ بكاءِ فكواكبٌ مأسورةٌ رهْنَ الدجى=مع أنها أصلٌ لكلِّ ضياءِ فرِحَتْ دمشقُ وزيّنوها فرحةً=بإسارِ نسلِ المصطفى النُّجباءِ فغَدتْ كأقبحِ ما تكونُ مدينةٌ=وترقّطتْ كالحيّةِ الرقْطاءِ رامتْ لتغدوَ غادةً ممشوقةً=فإذا بها كالشَّلْمقِ الشمطاءِ فبَنو أميّةَ أترعوها حقدَهم=غرسوا الضغينةَ تحتَ كلِّ رِداءِ ولقد أراقوا مِن مدادٍ قدْرَ ما=خاضوا، ليبقى زيفهم، بدماءِ وسَعَوْا لإطفاءِ النجومِ وإنّها=لعصيّةٌ أبدًا على الإطفاءِ رامَوْا لنزعِ الدينِ لا يبقى له=إلا هُلامٌ مُختفٍ بلِحاءِ لكنَّ آلَ المصطفى بذلوا الدِّما=ليظلَّ دينُ المصطفى بعَلاءِ قد قُطِّعوا إرْبًا وطِيفَ بِهامِهم=فوق القَنا في واسعِ الأرجاءِ وحريمُهم ذاقوا الأمرَّ وإذْ بهم=كحريمِ كُفرٍ في إسارِ سِباءِ ! ورضَوْا بذلك إذْ به حِفْظُ الهدى=وعناقُ أرضٍ تُبتلى وسماءِ ورَأَوْه أجملَ ما يكونُ من العَطا=ونراهُ أعظمَ مُفتدًى وفداءِ يا آلَ طهَ لا نظيرَ لبذْلِكم=في الخَلقِ حتى آخرِ الأحياءِ ما زالَ دمعٌ من رقيّةَ جاريًا=يروي العيونَ بديمةٍ شمّاءِ ما زالَ صوتُ أنينِها ملءَ المَدى=وصَدى أساها أعظمَ الأصداءِ أمّا العقيلةُ فالثباتُ حروفُها=دكَّتْ بمَنْطِقِها دُجى الطُّلقاءِ طوْدٌ تمرُّ السُّحْبُ عندَ سفوحِهِ=ويضيقُ عن يدِها اتساعُ فضاءِ نورٌ به شُغِفتْ نواحي جُلَّقٍ=طَمحتْ إليهِ مناكبُ الجوزاءِ يمشي فيُغضي الكونُ لا يَعصي له=أمرًا، فكيفَ يكونُ في الأُسَراءِ؟! هذا إمامُ الكونِ، طوْعُ بنانِهِ=كلُّ الذي في قبضةِ الأعداءِ لكنْ إرادتُه تُوافِقُ حكمةً=للهِ في التقديرِ والإمضاءِ ورِضاهُ في كلِّ الأمورِ موافقٌ=لرضا الذي هو أحكمُ الحكماءِ يا شامُ كم لكِ من يدٍ سفّاحةٍ=وفمٍ أفاضَ منابعَ البغضاءِ أسكنْتِ آلَ المصطفى في خربةٍ=وبني الطليقِ بشامخِ النعماءِ تبًّا لعصرٍ فيه يرتفعُ الخَنا=ويُرى خفيضًا شاهقُ العُظماءِ يا شامُ، أين يزيدُ؟ أين قصورُه؟=وضلوعُه الثَّملاتُ بالصهباءِ؟ أين الطغاةُ جميعُهم وذيولُهم=والغارقون بطاعةٍ عمياءِ؟ صاروا فرائسَ للردى، وقبورُهم=صارتْ بناتِ جهنّمَ الحمراءِ أمّا الحسينُ فكعبةٌ مِضواعةٌ=بشَذا الإباءِ وخالدِ الأضواءِ بابُ الحوائجِ جارُه وجِرارُه=قد أُترِعتْ وجرتْ بفيضِ عطاءِ بأبي هُما من مَشهدينِ تعانَقا=فهُما سماءٌ أُلحِقتْ بسَماءِ بحْرٌ من الزُوّار فيضُ مياهِه=دُرَرُ زهَتْ قد رُصِّعتْ بولاءِ يسعَوْن مشيًا، والدموعُ سواكبٌ=والقلبُ منغمسٌ ببحرِ رجاءِ يهفون شوقًا للمُخضَّبِ شيبُه=ليُخَضِّبوا وجهَ المَدى بوفاءِ وإليه تسبقُهمْ قلوبُهمُ التي=بهواهُ فيها الخفْقُ لا بدماءِ حَثُّوا الخُطا نحو الحسينِ وإنها=لخُطًا إلى الفردوسِ والنعماءِ يا ليتني أحظى بغَبرةِ سيْرِهم=ليكونَ في صدري زفيرَ هواءِ ويكونَ في عيني لصيقَ جفونِها=ويظلَّ صاحبَ لحظتي كرِدائي يا ليتني عند الحسينِ أَؤُمُّهُ=في كلِّ صبحٍ مشرقٍ ومساءِ لهفي على عُمُرٍ يمرُّ ولا أرى=جسدي لصيقَ القبّةِ الشمّاءِ لهفي على العينينِ إنْ لم تُكحَلا=بالمشهدِ الدفّاقِ بالعلياءِ بثرًى يطيبُ المِسكُ منه، كذا الضحى=يأتيه كي يحظى بفضْلِ ضياءِ بركاتُه ملءُ السماواتِ العُلى=تعلو على التعدادِ والإحصاءِ آسٍ يداوي كلَّ جرحٍ، كفُّه=للمُدنَفين جرتْ بنهرِ شفاءِ يا ربِّ فارزقْني الزيارةَ قبلما=جسدي يُحاطُ بظلمةٍ ظلماءِ وكذا الشفاعةَ في المَعادِ فإنه=لا أمْنَ دونَ شفاعةِ الشفعاءِ واقبلْ قصيدَتِيَ الهزيلةَ إنها=تحبو لتلكَ الواحةِ الخضراءِ ليستْ تساوي ذرةً من غَبرةٍ=وقعتْ لدى مشْيٍ على المَشّاءِ أو قطرةً سالتْ لجُرحٍ مخلصٍ=من جبهةٍ بيضاءَ أو سمراءِ أو صرخةً أو لطمةً أو دمعةً=أو آهةً في لوعةٍ حرّاءِ أنا طامعٌ يا سيدي بقَبولِكم=هذا القليلَ من اليدِ العجفاءِ أنا طامعٌ بشفاعةٍ أنجو بها=في يومِ حشرٍ حاشدٍ وجزاءِ نسألكم الدعاء
Testing