سمَّاهُ ربُّ العَرْشِ عِيدًا أكبرًا (عيد الغدير الأغر 1442 هجرية)
مرتضى الشراري العاملي
سمَّاهُ ربُّ العَرْشِ عِيدًا أكبرًا
(عيد الغدير الأغر 1442 هجرية)
الدهرُ جِيدٌ والغديرُ قلادةٌ=ما كانَ أجملَها عليه وأجودا
لم يلبسِنْ قبلًا نظيرَ جمالِها=إلا غداةَ الوحيِ كلَّمَ أحمدا
يومٌ تفرَّدَ في الزمانِ جبينُه=وكذا بدفّاقِ المكانِ تَفَرَّدا
فبِه الإمامةُ أَمَّها سرُّ العُلا=وبه الولايةُ عانقتْ نورَ الهُدى
وبهِ الرسالةُ قد تكامَلَ بدرُها=وبفيضِه خَدُّ الولاءِ تَورَّدا
وبهِ أتمَّ اللهُ نعمةَ هدْيِهِ =والحقُّ فوقَ غُصونِه قدْ غَرَّدا
سَعِدَتْ ملائكةُ السماءِ جميعُها=فيه، وعرشُ المُلْكِ شعَّ وأنشَدا
والأرضُ إذْ ضَمَّتْهُ باهتْ وازدهتْ=والنبعُ إذْ وافاهُ سادَ على المَدى
أصغى الوجودُ إذِ الرسولُ قد انبرى=يدعو وصيَّه يَرفعَنَّ له اليَدا
نادى فأصْخى الكونُ: هذا المرتضى=شاءَ المُهيمنُ أنْ يكونَ القائدا
مولًى لكم، أولى بكم منكم، فلا=تعصُوه مهْما قد نهى أو أرشدا
مَن كنتُ مولاهُ فهذا المرتضى=مولًى له، صوتٌ أنا وهو الصدى
لا تفصلوا بيني وبينَه إنكم =إنْ تفعلوا ضاعَ الذي دِنْتُم سُدى
كونوا له تَبَعًا ولا تتقدَّموا =أبدًا عليه، فإنَّ في ذاك الردى
في حُبِّه الإيمانُ، في شنَآنِهِ=محضُ النفاقِ، ومَن قَلاه تهَوَّدا
لا تَجْحَدنْ حقًّا له وإمامةً =ما أخسَرَنَّ لدى الحسابِ الجاحدا!
لا تحسِدَنَّ إذِ ارتضاهُ إلهُهُ=مولًى، فما أشقى وأخزى الحاسِدا!
سَلِّمْ له، سلِّمْ عليهِ، وخُصَّهُ=بالذِّكْرِ ما ذكَرَ اللسانُ محمَّدا
هو نفسُهُ، نورانِ كانا في العُلا=نورًا، وفي دُنيا الشهودِ تعَدَّدا
اعْشَقْهُ تنْجُ، ولا تبارِحْ نهجَه=إياكَ أنْ تأبى وأنْ تتَمرَّدا
إبليسُ إذْ رفضَ السجودَ فإنّهُ=أمسى رجيمًا في الشقاءِ مُؤبَّدا
يسعى النواصبُ سعْيَهم ليُكَدِّروا=ماءَ الغديرِ، فبئسَ سعْيٌ للعِدا
قالوا: رذاذٌ لا انتفاعَ بنَزْرِهِ=لا دفْقَ فيه ولا يُبَلُّ به الصَّدى
قالوا: حُدَيْثٌ لا يُشارُ ليَومِهِ=بِبَنانِ ذِكْرٍ أو بهِ سِفْرٌ شَدا
قالوا وسُمُّ النُّصْبِ فوقَ شفاهِهِم=وسعيرُهم وسْطَ الصُّدورِ تَوقَّدا
خَسِئُوا، فما زالَ الغديرُ فُيوضُهُ=تَروي السجودَ وتَعْمُرَنَّ المَسْجِدا
يسقي الزمانَ مِن المعارفِ والعُلا =كمْ مِن جُنودٍ للهُدى قد جَنَّدا
سمَّاهُ ربُّ العَرْشِ عِيدًا أكبرًا =ما مثلُهُ يومٌ بذاكَ تفَرَّدا
جَعَلَ الغديرَ علامةً لمَن اهتدى=إنَّ الغديرَ مِن المَجيد تمَجَّدا
طُوبى لمَن عرَفَ الغديرَ فجاءَه=وإلى ضِفافِ الحقِّ عادَ وعَيَّدا
مَنْ كانَ مُنغَمِسًا بِوَحْلِ جُحودِهِ=سيَرى العواقِبَ والمصيرَ الأسودا
ويفوزُ مَنْ جعَلَ الغديرَ سبيلَهُ=ويعيشُ في كَنَفِ النعيمِ مُخَلَّدا
ما السؤْدَدُ الخَدّاعُ ينفعُ في غَدٍ=إلا الذي اتَّخَذَ الغَديرَ السُّؤْدَدا
أو سوفَ يُغْني مَحْتِدٌ إلا لمَنْ=كان الغديرُ له العُلا والمَحْتِدا
عجَبًا لعَطشى والغديرُ بقُربِهم=لا يَشربون، ولا يَمُدّون اليَدا
أسْرى لماضٍ مُتْرَعٍ بضَلالةٍ=يُبقي أسيرَه ضائعًا ومُصَفَّدا
يا يومَ خُمٍّ سوفَ تبقى عابِقًا =وتظلُّ في طولِ الزمانِ السيِّدا
وتظلُّ تسري في وَريدٍ مُؤْمنٍ=ولظامِئٍ للحقِّ تبقى المَوْرِدا
ولسوفَ يظهرُ مَن يُجلّي لكَ الشَّذا=ويَدُكُّ حِقْدًا رامَ ماءَكَ راكِدا
فتفيضُ في كلِّ النفوسِ مُقَدَّسًا =ويَرى الورى فيكَ الرسولَ مُحمَّدا