العابرون إلى الحقيقة دأبهم=
يمشون فوق تضرم وجليد
لا بد يصطدم الدجى بنهارهم=
ويشنع التنعاب بالتغريد
لا بد تجتمع العناكب ضدهم=
وتلف بالأوهام كل وريد
وتشن ضدهم النخاسة حربها=
إذ حرروا منها صفوف عبيد
وتؤجج الأبواق كل خداعها=
والزيف يلبس لهجة التهديد
والحقد يخرج من عميق جحورهم=
مترنحا، متسربلا بحديد
ويفخخون سطورهم بحروفهم=
ويغلفون زعافها بورود
لكن رفاق الشمس شربوا ضوءها=
ما هم سوى متشهد وشهيد
شهداء قبل رحيلهم. مسك العلا=
بدمائهم، والروح لحن صعود
هم أتقنوا رفض الذين صديدهم=
ما زال يحسب وجنة العنقود !
والدهر يضحك ساخرا أن الذي=
هو محض نغل قاد جيل أسود !
والصبح ينتظر انبلاج ضيائه=
لكن منابرنا ابتلت بقرود !
رقصوا على لحن العدو، وأوهموا=
أحداقهم بطهارة النمرود !
قد أدمنوا كرع السياسة، غازلوا=
محرابها، وتوضؤوا بجحود !
حجبوا كثيرا من أشعة شمسنا=
تحت العمائم بيضها والسود !
جعلوا الولاية كالقلادة، زينة=
تبدى وتخفى وفق كل جديد !
وتذرعوا بمرونة مزعومة=
هي في الزمان ذريعة الرعديد
للحق وجه واحد، إن الذي=
يبغي وجوها ليس في التوحيد
فليرتدوا أهواءهم، لكنهم=
يبقون عريا من هدى منشود
وليرتقوا عند الورى، لكنهم=
عند الإله أقل من جلمود
ليسوا كيوسف بيع بخسا في الورى=
وهو الرسول وحجة المعبود
راموا ثواب الناس فهو مرادهم=
بئس المراد، وخيبة لمريد
كم يفتنون ! وكم يبان طلاؤهم!=
ويغربلون فليس من صنديد
وتسدد الرميات نحو دخانهم=
فيفر رغم ركاكة التسديد !
فالجبن فن، والفرار مهارة=
والنهج متسع لكل مزيد
هذا بدين الرب، لا بسياسة=
هم يزأرون بها زئير أسود !
جهلوا الشهادة، ليس كل مناضل=
يدعى شهيدا، أو بعيض شهيد
إن الشهادة ليس يرقاها سوى=
من للولاية مثل ظل العود