قافية أمام مهد الحسين (مولد سيد الشهداء ع)
مرتضى الشراري العاملي
في الغاب أمسى خائفاً يترقّبُ = والليلُ يُخفي ألف نابٍ ترعِبُ
وهو الهزيلُ، وجسمُه مرمى الأسى = والموتُ بين رموشِه يتقلّبُ
عِللٌ جياعٌ مزّقتْ ضحكاتِه = وخطاه هرّأها الطريقُ الأصعبُ
حتى انتهى بيدِ الكروبِ فريسةً = فإنِ ارتختْ نابٌ تشدّدَ مِخلبُ
زحفت صحاراهم تدكّ قصائدي = وعلى طبول الموت أمستْ تضربُ
و تكبّلُ الألحانَ في قيثارتي = وجميعَ ألواني البريئةَ تَنهَبُ
الرعبُ يصحبُ نبضَ قلبي، إنّه = كلَّ الجرارِ لشهدِ روحي يقلبُ
إنّي شراعٌ رامَ أن ينأى فإذْ = بالرملِ يخنقُه فيذوي المركبُ
أنّى نظرتُ فليس في جفني سوى = سٍجنٍ يزمجرُ في دمي يتوثّبُ
حولي الثغورُ ترشُّ ناقعَ سُمِّها = نحوي، وثغري شهدَ حُبٍّ يَسكُبُ
وأنا الغريبُ، فمسجدي في أضلعي = وملامحي من طينِ داري تهربُ
في الجُبِّ أنتظرُ القوافلَ علَّها = ترمي بحبلٍ فيه صُبحي يُجلَبُ
في جبَّ نفسي قبل جُبِّ مصائبي = ناهيك عمّن نحوَ شمسي صوّبوا
وأنا، الجراحُ من الجراحِ تزوّدتْ = في رحلتي، ما عاد جرحٌ يَنْضُبُ
ويجيءُ شعبانُ الفضائلِ والمُنى = فأقول جاء الحبلُ علّي أُسحَبُ
أنا فطرسٌ، هذا جناحي واقعٌ = أجثو أمام المهدِ أبكي أنحبُ
وأقوم أمسحُ بالقداسةِ عِلّتي = علّي يضيءُ بليلِ نفسي كوكبُ
مهدُ الحسينِ. وإنْ يقلْ من قائلٍ: = بحرُ الفضائل هاهنا. مَن يعجَبُ؟!
هذا ذبيحُ الدينِ. أحيا نحرُهُ = نحرَ الهدى. لمّا الرعاع تنكّبوا
لو قيل: كلُّ الوردِ ينمو فرحةً = لبزوغِهِ. والطيرُ تشدو تطربُ
والعِطرُ يعبَقُ، والثمارُ بهيجةٌ = والنهرُ يرقصُ، والحدائقُ تَخصِبُ
سأقول ما وفّتْ لأصغرِ جُرحِهِ = لولاه هذي النفسُ قفرٌ مُجدِبُ
لولاهُ عرشُ الطينِ سادَ. ولم يكن = للروحِ عرشٌ في البرايا غالبُ
هذا الحسينُ. حياتُنا من حائِهِ = والنونُ نهرُ الحقِّ منهُ نشربُ
كم من عمىً صفعَ الورى! فلقد بدتْ = سفنُ النَّجاة لهم، وليست تُركَبُ !
ويحيّرُ الألبابَ حقّاً أنه، = والشمسُ ساطعةٌ، يُنَصّبُ غيهبُ!
ويلوّعُ الأضلاعَ إذْ آلُ الهدى = يُنفَى الهدى عنهم ، ويُزعَمُ مذهبُ!
أأبا الإباءِ. وما تيتّمَ سيّدي = نهجُ الإبا أبداً وأنتَ لهُ أبُ
أجثو أمام المهدِ. ظهري مُثقَلٌ = والقلبُ فوقَ عظيمِ حُزني يُصلَبُ
وهناك قيدٌ ظالمٌ متربّصٌ = لكنّ قيدَ الشامتينَ فأصعبُ
هي أحرفٌ كُتِبتْ وجفَّ مدادُها = ووراءَها الوجعُ الذي لا يُكتَبُ
خجِلٌ أنا أنّي أطوفُ بكُربتي = والذبحُ في أهل الولايةِ يَضرِبُ
كلُّ الوجوهِ الساجداتِ على الثرى = هي للخناجرِ والقنابلِ مطلَبُ!
وجميعُ مَن سكنَ العقيقُ بكفِّهِ = فعقيقُ أضلعِهِ بفتوى يُسكَبُ !
والقلبُ منتظِرٌ. يجولُ بطرفِهِ = بين الوجوهِ. فأين ذاكَ الكوكبُ؟
هو بين (كافِ) الربِّ و(النونِ) التي = ستكونُ حتماً. فالأشعّةُ تَقرُبُ
وكما الصباحُ يفيضُ، ليس لضوئهِ = ردٌّ، وليس عن البسيطةِ يُحجَبُ
سيفيضُ ذاك الوعدُ، يمحقُ ظُلمَهم = وظلامَهم. وضحى العدالةِ يغلِبُ