صدود الليالي
أبو ياسر الكعبي
رمتني صدود الليالي قِداحا = فأرخيتُ للدمعِ جفني فَساحا
رأيتُ بموج الدموعِ شرارا = يدورُ فيقدحُ فيه إقْتداحا
ونيرانَ حزن عظيم طويلٍ = يَمدُّ على العالمين جَناحا
يُصوّرُ لي أمرَ قومٍ تمادوا = ليجتاحوا دار النبي إجتياحا
يُشَنُ الهجومُ كأنّ النبيَّ = أوصى بِداره أن تُستباحا
كأَنّهُ أوصى بوجهِ البتولِ = أن يَشهرَ الظالمون السلاحا
أتَوها وهُمْ عازمون عليها = بِشَرٍّ به قد جَفوها الصفاحا
وجائوا بزمرةِ حقد بغيضٍ = وقد لبسوها وجوهاً كِلاحا
لم أنسى فاطمَ بين الجدارِ = والبابِ لاذت تإنُّ كفاحا
تنادي أَيا فضةُ سنِّديني = أصابوا جنينيَ ظلماً فطاحا
لقد أسقطوهُ ورضوا ضلوعاً = يذوب لها قلبُ طه نِياحا
والرجسُ وسَّمّ مَتنيْ بضرب ال = سياطِ كأنّي أتيتُ جُناحا
ولطمةُ خدّي بكف المقيتِ = أراها بصدر النيٍّ رماحا
َأياحَرّ قلبي لقلب عليٍ = فقد خلّفوهُ جراحاً جراحا
وقد أخْفت الضلعَ عنهُ لكي لا = يرى كسره فيضج نياحا
أيا لهف نفسي لبنت الرسولِ = أراها تإنُ مساءً صباحا
فقد وجد الدمعُ في مقلتيها = كهفاً يَصَبّب ماءً قراحا
لذا عاهد الحزنَ يبنيهِ بيتاً = وهيهات للجفن ان يستراحا
فقل لبن تَيمٍ وابن عَديٍ = من ريبةِ الشكِ فليستراحا
وأن لا يقولا بيوم الحساب = بنت النبيّ ستعطي السماحا
كلاّ ولا لا وألفٌ وكلاّ =لن تغفرنَّ البتول الجُناحا
ستأتون يوم القيامة صفاً =وجوهكُمُ تغدو سوداً قِباحا
سياتي أبوها الرسولُ الكريمُ =وياتي عليُ العظيمِ كفاحا
وتأتي البتولةُ أُم أبيها = وبين يديها سنا العرش لاحا
ومن قبل ذاكَ اصطفتها السماءُ = وقد جلبَبَتها الخلودَ وشاحا
فلا من مفرٍّ ولامن مُغيثٍ = وكيف لما فَعَلا ان يُزاحا
فربُك يقضيّ بين العباد = قسطاً وعدلاً يمد الجناحا