إمام العصر لا أدري أرضوى = يحل بها ويبقى كالشريد
وهل عند البقيع تراه جاث = فيندب كل ذي قبر وهيد
ولا أدري إذا في جنب فاطم = إذاً صار البعيد إلى البعيد
فأطنب في المغيب فإن شعري = سيسهب في المقالة والغريد
وسافر في الفلاة وحيد ركب = سأخطو إثر قافلة الوحيد
قد هد ركن الضحى فالليل مقتحم = وبالأسى سيقت الأيام والأمم
والحادثات بركب النائبات معاً = وكلما أفصحت عن حالها بُهم
وكل عين ترى قد أبصرت عدماً = وكل سمع به قد حكّم الصمم
والناس ما إن ترى فالشكل إنسان = وهم بواقعهم الذئب والغنم
أحكامهم عن هوى أحلامهم نطقت = ودينهم عن هوى دنياهم حكموا
وشهوة كلما بالأمر غايتهم = وموتهم أفضل الأعمال لو علِموا
أرزاقهم قصُرت خيراتهم نفَذت = أشكالهم حسُنت والقبح ما كتموا
أعرافهم نكرت أرحامهم قطعت = ألبابهم فهمت والجهل ما فهموا
فما تعلُل قلبي وهو ذو كمد = وما تعلل دمعي وهو ينسجم
وما تواتر شعري غير في خلجٍ = تحيي لواعجه الأهوال والألم
قد يصبِر المرء عن بلواه محتسباً = والصخر يبكيه حزنا وهو يبتسم
وربما غرّد القمْري أغنية = وقلبه بالأسى والشجو يكتدم
وربما ظاهرٌ للشعر متسق = قد كان باطنه كالنار يضطرم
من منكم آخذاً شكوى أبث بها = لصاحب الأمر قلباً شفّه السقم
ومقلة قد على إنسانها رمد = ومدمع قد جرى في ذابليه دم
ونفثة من لهيب القلب أطلَقها = حالٌ تساوى به الإيماء والكلم
يا ايها الوتر فينا النائبات غدت = شفعاً على عدة الأيام تقتسم
وضاق منا فسيح المشرقين وكم = منا غدى صارم الطغيان ينتقم
والأرض قد فسدت حقاً بما كسبت = أكف قوم على العصيان تعتزم
بلى مددنا لك الأيدي فمد يداً = فمن سواك لنا منجاً ومعتصم
وفرج الهم يا فراج كربتها = بهمة تُستقى من نبعها الهمم
ولتملأ الأرض عدلاً بعدما ملأت = ظلما وجوراً وشتّت شمل من ظلموا
يا من بقبضته الأكوان طائعة = يذري ويبقي وما قد شاء يستلم
ومن له الدهر عبد والزمان له = مولىً وكل الورى في أمره خدم
من معشر خير خلق الله جدهم = وخير فاطمة في الناس أمهم
هم معشر من ضياء الله نورهم = وخلقهم قبل خلق الخلق كلهم
فالمرتضى لا فتى إلاه والدهم = والفخر يوم إرتقاء الفخر فخرهم
وأمهم فاطم لا شك فاطمة = عن الجحيم أناس حبها لزموا
وكل شيء سواهم خاضع لهم = وكل هذا البرى لولاهم عدم
هم معشر بالفدى تحيا حياتهم = ودون نيل العوالي موتهم شمم
هم معشر ضيفهم رحم وضيفهم = في يوم عيد الوغى الوحش والرخم
من كل متخذ للحرب أُهبتها = بالقب مدرع بالفأس ملتثم
يجري على وجهه ماء الحياء كما = يجري على سيفه في الجحفلين دم
ما خالط الضيم أجفانٌ له أبداً = كريم نفس ومن أخلاقه الكرم
ترى نواديهمُ بالجود باسمة = كما مواضيهم في الحرب تبتسم
يا شبل هاشم للهيجاء بأسكم = وللقنى والصفاح البيض كفكم
قد أشهدت عنكم البطحاء معتركا = وعن جزيل الثنى تحكيكم الرجم
أنتم مطاعنها أنت بواسلها = أنتم أصايدها والطود والقمم
أنتم ضراغمها أنتم بواسلها = أنتم أصايدها بل سيلها العرم
قد مل سيفك غيضاً أنت كاظمه = كما بصدرك قلب مل يحتدم
لم تبق أسيافكم قِدْما عدوكم = ولم يدع ذكركم ذكرا لغيركم
فمن لدهم الجياد السابقات إذا = تغيب عنها ومن للهوج يرتحم
ومن لحد الظبى تبكي قواضبها = ومن لسمر القنى بالبؤس تتسم
أسرج جواداُ لجام الفتك صولته = لتجعل الخيل فوق الخيل ترتكم
وأنجع السيف من أعناق باقية = لآل حرب التي أجرت دمائكم
وأطعن بحيث التقى منكم بوادرها = وأنهض البأس حيث القوم قد جثموا
و التلبس الدين ثوباً سرده علق = وكفه البطش والأشفار فيهم فم
لا بأس قتل الرجال الصيد في وغل = فالليث شيمته الإقدام والشمم
فما التصبر هذا يا ابن حيدرة = والقوم ما صبروا كلا ولا حلموا
وما اعتذارك يا عرنين هاشمها = إذا سمعت بأرض الطف ما هشموا
يوم به قد بكى وجه السماء دماً = وأنجب الدهر خطباً ليس ينصرم
قم في ثرى كربلا وأنشد مآثرها = عن بلغة كلّ في تبليغها الكلم
ولوحة من مداد الدم يرسمها = سيف على حده الأعناق ترتسم
ترى ليوثا غداة الموت آنسهم = حتفٌ فمن دونه الأجساد تنحطم
نيف وكل الهدى قد كان فعلهم = ففردهم أمة وجمعهم أمم
مشوا على إلى مضجع رغد به الضجع = وخلفوا مدمع الأيام يلتطم
باتوا بظل القنا عطشى مواردهم = فيه دمائهم رياً لما قسموا
فيشهد الموت فيهم حينما قتلوا = أن لم تمت منهم الأخلاق والذمم
فأنظر إلى قمر عند الفرات قضى = وكم بكت بعده الأسحار والظلم
تقطع يداه بحد المرهفات وكم = قد بات في راحها البأس والكرم
وانظر إلى الرأس رأس الدين مرتفعاً = إذ حف أن يرتفع في كفك العلم
وانظر إلى جسد أكفانه نسجت = من حافر الخيل عدواً فهي تلتحم
وانظر إلى خدر من من خدرها سلبت = لجدها شتموا لركنها هدموا
ألم ترى متنها فالزجر آلمها = حتى إذا ما نضى في متنها ورم
أذاك صبر ومل الصبر صابره = والقوم قِدماً على الزهراء قد هجموا
يا صاحب الأمر هذا شجو شاجرة = في القلب تنثر جمراً وهو ينتظم
نظم هَتكْت به ستر البيان بما = يوم به تهتك الأستار والحرم
نظم بروح الدجى قهراً أكابده = لأجعل النجم في ألفاظه كلم
فاقبل سجية مفؤود الفؤاد ففي = سواك لم تنطق الآيات والحكم
صلى الإله عليكم كلما سجعت = ورقاء أو خط في أفضالكم قلم