تأبط شراً ثم خيراً توسما = أبعد اضطرام النار تستقطر السما
وأكثر ما يضنيك في الخلق أنهم = على جهلهم كلٌ تراه معلما
حذارِ احتجاج المرء بالعقلِ إنه = إذا لم يحز قلباً سليماً توهما
فلا هو من يبكي على ذكر كربلا = ولا هو أخفى بالمصاب تبسُما
يسر بقتل إبن الرسول فإن أتى = على الناس ميلاد النبي تجهما
فليت الذي قد خص موسى بشُكره = على نعم المولى كما قاس عمما
وإلا وقد سد الذرائع ليته = نفى عنه أصل الحالتين ليسلما
ويعلم ربي ما قصدتُ بشرعه = جدالاً ولا في ما أقر تهكما
وحاشاه في ديني أرى أن مُحْدثاً= غدا مستحباً أو لنقصٍ متمما
ولكن بعض الشيء يذكر بعضه = وللحر يكفي أن تشير ليفهما
وفي العرف إن قاد الطريق لمعلم = غدا عند رواد المعالم معلما
فلم بإقتران الشرط يجزم فعله = ولا يتعدى الشرط فعلي ليُجزما
وما دام عنه الدين حسّن بدعةً = فلم بإجتهادي ركنه قد تهدما
ومن عجبي في مثله أن مثلهُ = يعارض في فرض المحال مُسلّما
يقول نصرت السبط لو كنت حاضراً = ولو كان يوم الطف كان الذي رمى
فهلا أقمت الوزن بالقسط مذعناً = إلى الحق أو حكّمت في الكيل قيما
إذا كنت مأمون الحمى وخذلته = فما الحال لو بالسيف قد كنت مُرغما
فدع عنك أمساً لم تكن فيه شاهداً = فلست على نيات أمسٍ مُنجما
وخذ بالذي تدري من العلم واجتنب = بما لست تدري في الرعاع تأثما
فبالأمر بالمعروف ما أنت والذي = على الأمر بالمعروف قد أرخص الدما
لإن كنت أبكي بعد مقتله فقد = بكاه رسول الله في الدهر قبلما
وإن كنت أروي ما جرى دونه فكم = عن اللوح جبريلٌ روى ما تقدما
فعن أي تضليلً و أية بدعةٍ = أراك بتشنيعي تُفَّسِق مُسلِما
وهب ثَم من غالوا أيجتثُ مِنجلٌ = على ميل فرعٍ, أصل نبتٍ مُقوما!؟
وهل فطرة الإنسان إلا بدمعةٍ = يدين بها باكٍ على الظلم مجرما
أتحتج في صوم اليهود بعاشرٍ = وليس لهم شهرٌ يسمى مُحرما
وما هجرة المختار حين رآهمُ = سوى في ربيع لو سألت مرقما
أقول كلامي لست آبه بعده = بسيف رواتي إن مضى أو تثلما
فإني إمرؤٌ في الحق لست مُكابراً = إذا ناقض المنقول عِلماً محتما
متى صدعت نص الكتاب روايةٌ = ضربت بها عرض الكتاب مُرمما
بذلك ألقى الله إن حُشر الورى = وبان لهم إذ ذاك ما كان مبهما
وقد رفعتْ رأس الحسين ملائكٌ = و أوداجه كالمُزن مما تصرما
وأرخت على جثمانه الكف فاطمٌ = تداوي جراحاتٌ وتنزع أسهما
وجاء رسول الله لله شاكياً = ويا تعس قوماً فيهمُ الخصم حُكِما
فشتان إن جاؤا هناك وموقفٌ = به غادروا للسبط صدراً مهشما
غداة عليه في الطفوف تألّبت = جيوش العِدا والوحش والحَرّ والظما
فلم أرى حياً أثكل الميت قبلهُ = ولا بعدهُ شيخاً بولدٍ تيتما
غريبٌ يجيل الطرف ما بين صُرّعٍ = حكا بثهم للرعب في الكهف نوما
تناظرهُ خلف الخميسين نسوةٌ = بخمس علت رأساً وخمسٍ غشت فما
فما انجلت الغبراء إلا ورأسهُ = على أسمرٍ والريح تسفو كليهما
فلا خلت الأزمان من نائحٍ لهُ = ولا إنفكت الدنيا لذلك مأتما
مُحياً تهادته الملوك وأبرقت = حرائره كُتباً الى من تختما
تشج ثناياه بعودٍ وطالما = عليها هوى ثغر النبي ليلثُما
وتفري حناياه الخيول وإنما = فرت لرسول الله لحماً وأعضُما
فيا لعنة الجبار حطي عليهمُ = ولا تذري منهم ذماراً ولا حِما
ولا سامعٍ يرضى على السبط فعلهم = ولا عالماً حدباً عليهم تكتما
برئت الى الرحمن منهم ومن يدٍ = تمد لهم نحو السماء ترحُما
وعذت به في السبط من شر مُبغض = لتخطيئهِ في شق صفٍ تلوما
وما همني من بعد قولي معقباً = أكان عليه مادحاً أو مذمما
فلست الذي تغريه في الخلق كثرةٌ = ولست الذي إن قل صحبٌ تبرما
ولا من إذا إشتدت على الناس فتنةٌ = بهالة أسماء الرجال تعصما
لإن شككت بالحق إذنٌ فإنني = كفرت بعينٍ لا ترى الليل مظلما
بِلا عُددٍ أمضي بسيفي وللوغى = بلا مِددٍ يجري جوادي محمحما
فأبلغ سُراة الجن والأنس أنهُ = حريٌ بمثلي إن بكى أن يُعظما
وقل للذي بالغمز واللمز عابني = كفاني على جهل إمرءٍ أن أُسلما
فلولا التقى قد قلت فيه مقالةً = فلا يقصد الأعراب إلا ملثما
ولكن اذا ما قيّد النبلُ فارساً = تحرر لؤمٌ من وضيعٍ تهجما
ويحملني في عُذرهِ ظن أرنباً = إذا طال ظفرٌ أنه بات ضيغما
فلا الناس تدعوه بما ظن نفسهُ = ولا هو عما ظن كان مقلّما
فيا جاحداً أجر النبي وربما = تُنكّر أضدادٌ من الجنس توأما
فكم عملٍ من مرسلٍ غير صالحٍ = وكم طالحٍ في الناس أنجب ملهما
تأمل بلفظي ما لعلك بعده = تسوّف إن لم تبد فوراً تندما
وإلا فدعني يا سقيم وعلتي = رضيت بِدائي إن لهُ كُنت مرهما