"الوصية الأخيرة"
حسن آل حطيط العاملي
1
أدفنّي ليلا لا نهارا
أدفنّي سرّا لا جهارا
و دع الأيام تجري و تروي
عما جرى في داري و دارا!
أدفنّي ليلا لا نهارا
أدفنّي سرّا لا جهارا
و دع الأزمان تحكي و تبكي
على ما حلّ من أمري و صارا!
أدفنّي ليلا لا نهارا
أدفنّي سرّا لا جهارا
و عفّ موضع قبري و اصطبر
و انس أمر خطبي و استجر
بمن كان لقلبي المستجارا
هم أشعلوا في قلبي نارا
و أنا كنت من النار ستارا
أمنا و أمانا و منارا
أدفنّي ليلا لا نهارا
أدفنّي سرّا لا جهارا
2
أدفنّي ليلا لا نهارا
أدفنّي سرّا لا جهارا
و أرحني من همّ
هذه الدنيا الدنيّة
و عارها و شنارها
و أقلني من غم
هذه البلوى البلّية
و لؤمها و لئامها
و خلّصني من سمّ
هذه الأفعى الشقيّة
و مكرها و دهائها
و شرّها و شرارها
و ليقل القائلون ما قال الناكثون
و ليفعل الفاعلون ما فعل المارقون
سيعرف التالون ما زرع الأولون*
من شراك و شقاق
و سيعلم الباقون ما ترك التاركون
من شقاء و نفاق
و دموع و دماء
و مآس و شقاء
و سيدرك اللاحقون ما افتعل العابثون
من خطوب و بلاء
و فراق و فناء
أنا كنت للطهر شعارا
عملا و سبيلا و مزارا
أدفنّي ليلا لا نهارا
أدفنّي سرّا لا جهارا
3
أدفنّي ليلا لا نهارا
أدفنّي سرّا لا جهارا
و اغسلني بماء السناء
و حنّطني بنور البهاء
و صلّ عليّ
صلاة السماء
و ادفنّي سرّا بقبري
و ادفن بقبري سرّي
و اكتم سرّي و دفني
و لا تكشف عنّي و دعني
حيث ما أراد الله دعني
بكل ما احتواه صدري
من ألم و وهن
و كل ما اعتراه صبري
من وجع التجنّي!
أنا كنت للأرض قرارا
حبّا و حنانا و وقارا
أدفنّي ليلا لا نهارا
أدفنّي سرّا لا جهارا
4
أدفنّي ليلا لا نهارا
أدفنّي سرّا لا جهارا
و احملني الى حيث
مهبط الأنوارو الآمال
و انقلني الى حيث
مرقد الأسباب و الآجال
حيث ألقى ربّي
راضية رضيّة مرتضية
حيث ألقى ربّي
زاكية زكيّة متزكيّة
أنا كنت للدين فخارا
مثلا و مثالا و مسارا
أدفنّي ليلا لا نهارا
أدفنّي سرّا لا جهارا