شعراء أهل البيت عليهم السلام - أبا اليقظان.. أخو عليّ في ديانته

عــــدد الأبـيـات
0
عدد المشاهدات
2117
نــوع القصيدة
فصحى
مــشــــاركـــة مـــن
تاريخ الإضافة
02/02/2012
وقـــت الإضــافــة
4:48 مساءً

أبا اليقظان.. أخو عليّ في ديانته

قصة قصيرة – السيد جعفر الفرزدق الديري:

إنتصف الليل ولاأزال أتقلّب على الجمر، كأنّما أمانيّ تجسّدت تدعوني إلى أفيائها.

أنا عمار بن ياسر، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، أقف في "صفّين"، أقاتل الفئة الباغية قتالا شديدا، منتظرا اللحظة التي أسيل فيها الى الجنة. أنظر إلى علي فيمتلأ قلبي حبّا، أوردتي مشدودة إليه، وروحي معلّقة بوصي محمد صلى الله عليه وآله!. منذ أن عرفته لم أفارقه لحظة. كنت ميتا فأحياني الله وجعل لي عليا نورا أمشي به. كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وآله، في جماعة من أصحابه إذ أقبل علي عليه السلام، فلما بصر به رسول اهلي قال: (من أراد منكم أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب). نظرت إليه، فشمخت في قلبي مرايا من جلال، وخيوط من نور. بصرت ساعتها بحبل الله الواصل بين السماء والأرض، والسراج المنير لأهل السماوات والأرضين.

كان قد انساب في قلبي ينبوع من نور، غمرني محبة لعلي. حين قال لي البشير النذير: (أبشر يا أبا اليقظان؛ فإنك أخو عليّ في ديانته، ومن أفاضل أهل ولايته، ومن المقتولين في محبّته)، تطاولت إلى عنان السماء! أي بشرى خصني الله تعالى بها، أصاحب سيد الأنبياء والمرسلين، ثم اقتفي أثر شبيه آدم في علمه، ونوح في حكمته، وإبراهيم في حلمه، فأقتل على محبته!. لزمته واتبعته وشهدت جميع مواقعه، فوجدته جبلا راسخا، يمتلأ ايمانا من قرنه حتى قدميه، حاملا لواء رسول الله. باب مدينة علمه، مبينا سنته، أقضى أمته، والهادي من بعده. كان إماما للبررة وقاتلا للفجرة، أميرا للمؤمنين وقائدا للغُر المحجّلين. كأنما سيق الزمان إليه فهو طوع يمينه. متفرّد في كل شيء، آية من آيات الله ومعجزة من معجزات رسوله. لمست ذلك منذ مولده وحتى هذه الليلة التي أنتظر فيها السعادة الأبدية.

عندما ولد في الكعبة المشرّفة، آمنت بأنه وصي محمد صلى الله عليه وآله، الله أعلم حيث يضع رسالته! انه يجتبي برحمته من يشاء! علي يولد في جوف الكعبة! ثم ينتقل الى بيت الوحي، فلا يفارق البشير النذير!. كأني به وقد جمع النبي صلى اهلل عليه وآله أقرباءه ودعاهم إلى كلمة التوحيد، حين نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين). فلم يستجب له سواه. كان أصغرهم سناً. فقال صلى الله عليه وآله: (أنت أميني ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي). بلى كان أمينه ووصيه ووزيره ووارثه وخليفته من بعده. ومن سواه يبيت في فراشه يقيه بنفسه؟! ومن سواه تنزل الآيات فيه (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد).

كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله في بعض غزواته، وقَتَل عليّ عليه السّلام أصحاب الألوية وفرّق جمعهم، فأتيتُه صلّى الله عليه وآله فقلت له: يا رسول الله، إنّ عليّاً قد جاهد في الله حقّ جهاده! فقال: لأنّه منّي وأنا منه، وارث علمي، وقاضي دَيني، ومُنجز وعدي، والخليفة بعدي، ولولاه لم يُعرَف المؤمن المحض. حربه حربي وحربي حرب الله، وسِلمه سلمي وسلمي سلم الله. ألا إنّه أبو سِبطَيّ والأئمّة، من صُلبه يُخرج الله تعالى الأئمّة الراشدين، ومنهم مهديّ هذه الاُمّة. فقلت: بأبي واُميّ يا رسول الله الله، ما هذا المهديّ ؟ قال: يا عمّار، إنّ الله تبارك وتعالى عَهِد إلي أنّه يخرج من صلب الحسين تسعة، والتاسع من وُلده يغيب عنهم، وذلك قول الله عزّوجلّ (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين)! يكون له غَيبة طويلة، يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخَرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً، ويقاتل على التأويل كما قاتلتُ على التنزيل، وهو سَميّي وأشبه الناس بي. ثمّ قال صلّى الله عليه وآله يرشدني ويُنبئني، ويبشّرني: يا عمار، ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتّبعْ عليا وحزبه، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه. يا عمّار، إنّك ستقاتل بعدي مع عليٍّ صنفَين: الناكثين والقاسطين، ثم تقتلك الفئة الباغية. فقلت: أليس ذلك على رضى الله ورضاك؟ فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: نعم، على رضى الله ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.

بلى والله لقد اتبعت عليا وحزبه، كما أمرني رسول الله، فإنه مع الحق والحق معه!. وها أنا أنتظر موتي على يد الفئة الباغية، وفي الغد سألحق بالأحبة محمد وحزبه.

تمت

الخميس 2/2/2012
Testing