عظمة الحسين (عليه السّلام)
حسين الحاج وهج العماري
عظمة الحسين (عليه السّلام)
حسين الحاج وهج
بماذا يؤدِّي حق ذكراك ذاكرُ=وأيَّ معان فيك تبدي المشاعرُ
أفي العزّ والإقدام والفخر والإبا=أم النهضة الكبرى ففكريَ حائرُ
إذا ما شحذت الفكر تنبو قريحتي=فلا أنا نظّام ولا أنا ناثرُ
وتبدو لعيني باحتفالك روعةٌ=يُردُّ لها طرف الحجا وهو حاسرُ
سموت فخاراً بل عظمت تشرُّفاً=فكلُّ الّذي قد رام وصفك قاصرُ
ولا بدع إذ تنبو قريحة شاعرٍ=بوصفٍ ولم تدرك مداك الخواطرُ
ألست الّذي ما لو يضاهي بمفخر=لينكص للأعقاب عنك المفاخرُ
وكيف يضاهي فخر سبط الّذي به=أوائلنا قد شُرِّفت والأواخرُ
وأنت ابن من لولا شَباة حسامه=لما أبصرت تقوى الإله البصائرُ
براكم لنا الرحمن من نورِ لطفه=شموساً بها صبح الحقائق سافرُ
فصرتم أدلاّء الإله على الهدى=وفيكم بيان الرشد للناس ظاهرُ
فلا يُقتدى إلاّ بما صحَّ عنكمُ=ولم يتخذ ما ليس منكمُ صادرُ
وأنتم ملاذ الخائفين ولهفهمْ=وكلٌّ إلى غوث اللهيف يبادرُ
وإن هتف الدين الحنيف بجمعكمْ=فما منكمُ إلاّ النجيد المناصرُ
ولمّا رأيت العدل غير مسوَّغٍ=لراجيه وابتزَّ الخلافة جائرُ
قد اتخذ اللذّات واللهو ديّدناً=وليس بحكم الله ناه وآمرُ
وخيف على الدين الحنيف ضياعه=وكادت عليه أن تدور الدوائرُ
رفعت لواء العزّ تدعو لنهضةٍ=بها كم لعزِّ الدين بانت مآثرُ
وثرت على الطغيان ثورة مصلحٍ=فما أيقظ الأجيال مثلك ثائرُ
فكنت مثال الناهضين إلى العلا=وكلٌّ على منهاج عزِّك سائرُ
وصرت كشبه البدر بين ذوي الإبا=إذا ما بدا تخفى النجوم الزواهرُ
وإن جهلت قدراً لشخصك عصبةٌ=لقد خبثت نيّاتها والسرائرُ
(فمن ذا يهين البدر وهو باُفقه=وإنّ الورى كلٌّ إلى البدر ناظرُ)
وفي قتلهم إياك لن يخفوا منقباً=بلى عظمت للدين فيه الشعائرُ
تنافست والضدَّ الخصيم بصفقة=فعقباك منها الربح والضدُّ خاسرُ
فإن الاُلى عادوك أين قبورهم=وهل أمَّها من ذي البريَّة زائرُ
وما زال مثواك المقدس كعبةً=إلى حجها تهفو وتهوى الضمائرُ
وفزت بطيب الذكر في كلِّ محفل=وما نال من ناواك إلاّ المعايرُ
وسوَّدتِ التأريخ منه جريمةٌ=فليست تدانيها الذنوب الكبائرُ
ومات لعمر الحقِّ أهون ميتةٍ=ولم يبكِه في حقبة الدهر ناظرُ
وأصبحت أسمى من يؤبَّن فقده=وأشرف من فاضت عليه المحاجرُ
ويكفيك فخراً يابن بنت محمَّدٍ=إلى الحشر في ذكراك تُرقى المنابرُ
فيا بطلاً ما ساور الرعبُ لبَّه=وإن ملأت رحب البسيط العساكرُ
ولا وهنت في الروع منه عزيمةٌ=غداة فلا حام هناك وناصرُ
وإن عُدَّ أهل الصبر يوماً بموقفٍ=لعمرك ما جاراك في الصبر صابرُ
ولا عن مبادي العز حدت لذلَّة=وكلٌّ لسيف البغي ضدك شاهرُ
فساموك إما أن تمدَّ لهم يداً=وإما تحزَّ النحرَ منك البواترُ
فأبديت فيهم حينذاك بسالةً=بها شهد الأجيال ماض وحاضرُ
إلى أن بذلت النفس من أجل غاية=بها أنت في أسمى المراتب ظافرُ
ومتَّ عزيز النفس أشرف ميتةٍ=ثناها على مرِّ الليالي عاطرُ
ليهنك يابن الوحي فوزٌ بنهضةٍ=فهيهات يُحصى فضلُها المتكاثرُ
أبا الشهداء الصيد يا نجلَ حيدرٍ=ويا خيرَ مشكورٍ له الدّين شاكرُ
ويا من يراه الله رمز شهامةٍ=فما مثلها في الناس تبدو النظائرُ
اُعدُّ مديحي في علاك ذخيرة=إذا ما اُعدَّت للحساب الذخائرُ
عساني بمضمار المدائح فائزاً=فأنجو بها في يوم تُبلى السرائرُ
عليك سلام الله ما هبَّت الصبا=وما ردَّد الألحان في الروح طائرُ
حسين الحاج وهج العمارة