خطب ألم بركن الدين فانهارا - في أمير المؤمنين (ع)
الشيخ كاظم السبتي السهلاني
خطب ألم بركن الدين فانهارا=أودى الغداة بقلب المصطفى نارا
والدهر أنشأ غدرا في الهدى فدهى=صنو النبي وكان الدهر غدارا
قذى لعينيه إذ أهدى الحمام له=كيف استطاع لشمس الدين انكارا
فأي حادثة في الدين قد وقعت=فألبسته من الأشجان أطمارا
قد كشرت ويحها عن ناب مفترس=فأنشبت فيه أنيابا وأظفارا
فاظلمت طبقات الجو كاسفة=من نقعها حين من آفاقها ثارا
كرت وقد شمرت عن ساقها فرمت=فجدلت بطلا في الحرب كرارا
هذي المحاريب أين القائمون بها=والليل مرخي من الظلماء أستارا
جار الزمان عليهم كم بهم ملأ=الدنيا مصابا وكم أخلي لهم دارا
هذي منازلهم بعد الأنيس فلا=ترى بها غير وحش القفر زوارا
سرحت فيها ودمع العين منهمل=فكري وبي ضاق صدر الدهر أفكارا
اضحى المؤمل الجدوى يجيل بها=طرفا وليس يرى في الدار ديارا
إليك يا طالب المعروف عن دمن=ما الضيم يوما عرى من أهلها جارا
نعمت في نيلهم حتى إذا ضعفوا=اتيت تطلب بعد العين آثارا
بالله يا راكبا حرفا معودة=طي السباسب أنجادا وأغوارا
يممم بها بمنى من غالب فئة=وجوهها سطعت في الليل أقمارا
مطعامة الجدب ان كف به بخلت=وأسرة الحرب ان نقع لها ثارا
ترى الفتى منهم يحكي الفتاة حيى=وفي الكريهة يحكي الليث هدارا
وفي الظلام إذا قاموا لربهم=قاموا عبيدا ويوم السلم أحرارا
وأبدى لها الويل حران الحشي وأذل=مذاب دمعك في الخدين مدرارا
فأي طود هدى من مجدكم مارا=وأي بحر ندى من جوكم غارا
هذا علي أمير المؤمنين لقي=مضرجا بدم من رأسه فارا
قد حجب الخسف بدرا منه مكتملا=وغيض الحتف بحرا منه تيارا
أردى ومن حوله المسلمين ترى=من دهشة الخطب اقبالا وادبارا
وافت إليه بنوه الغر مسفرة=عن أوجه تملأ الظلماء أنوارا
تدعوه والعين عبرى تسهل دما=والحزن أجج في أحشائها نارا
يا نيرا غاب عن أفق الهدى فأرى=أفق الهدى لا يرى للصبح أسفارا
قد كان فيك ولم يخطر له خطر=من الضلال ليخشى اليوم أخطارا
ترضى ببطن الثرى قبرا وقل علا=لو اتخذت بعين الشمس أقبارا
وقبل نعشك ما شاهدت نعش فتى=من فوق أعناق أملاك السما سارا
أبكيك في الجدب مطعاما سواغبها=وفي لظى الحرب مقداما ومغوارا
فلا أرى بعد حامي الجار من أحد=يجيرنا من صروف الدهر لو جارا
فلا بدى بعده بدر ولا طلعت=شمس ولا فلك في أفقها دارا