ذكرى مولد السبط
كاظم مكي حسن
ذكرى مولد السبط(1)
كاظم مكّي حسن
شرفت بمقدم يومه الأيّامُ=وأعزَّ فيه وعُزَّز الإسلامُ
هذي بشائر للهدى ومواكبٌ=للحقَّ قد خفقت بها أعلامُ
فالأرض مشرقةُ الأديم بنورِه=وسهولها تختال والآكامُ
نظم الجمال قلائداً وتفتَّحت=عن كلَّ فائحة الشذا الأكمامُ
في كلَّ ناحية منار مشرقٌ=وبكلَّ صوبٍ رحمةٌ وسلامُ
فالروح يهتف والملائك في ذرا=عليائها والوحي والإلهامُ
رِيعَ الضلالُ وهدَّمت أركانه=وعَلاه ذلٌّ واحتواه ظلامُ
وعلى المظالم سُلَّ من غمد الهدى=سيفٌ يروع مجرّدٌ صمصامُ
خرَّت وملء أديمهن جراحة=من وقع سيف الحقَّ لا تلتامُ
هيهات تبقى للمظالم دولةٌ=عقبى المظالم خيبة وحمامُ
لا تحسبن الظلم يرفع اُمَّة=فيسود فيها للرقيّ نظامُ
فمصيرها شرٌّ يدكُّ عروشها=دكّاً وإن طالت بها الأيّامُ
ولد الإباء فللنفوس تحرُّرُ=من أسرهن وللاُباة قيامُ
بشر ولكنَّ الملائك حوله=منهم قعودٌ حوله وقيامُ
نعم الوليد زها الوجود بنوره=وازدان فيه البدر وهو تمامُ
جُمعت به كلُّ الفضائل والنهى=فحياته للعالمين قوامُ
يا سبطَ طه المصطفى وفخاره=العرب ولهى فيك والأعجامُ
ملء المسامع والعيون ومَن به=شغل الزمان وحارت الأحلامُ
الحقُّ ما جاهدت عنه وصنتهُ=والبغي ما حاربته والذامُ
والدين أخلاق رفعت صروحها=فزكا لها ذكرٌ وجلّ مقامُ
والعدل حكمك في الأنام تقرُّهُ=ومن الشقا أن تُفسَد الأحكامُ
والعِزُّ عِزُّك حين ثرت مجاهداً=والصبر صبرك والخطوب جسامُ
لم يثنِ عزمك عن مناجزة العدى=جزعٌ ولم تقعد بك الآلامُ
ورأيت أنَّ الموت في سوح الوغى=لله عِزٌّ دائم وعصامُ
راموا لعيشك أن يذلَّ وإنّما=بك كلُّ عزَّ للنفوس يرامُ
أنّى لمثلك أن تُذلَّ حياته=وحياة مثلك كلُّها إقدامُ
يا من أراد لقومه إصلاحهمْ=كم في حياتك أصلحت أقوامُ
المصلحون بما بذلت تمسَّكوا=والمتَّقون على هداك أقاموا
والدين لو لم تحمِه لتمكَّنت=منه لئامٌ دينُها الأصنامُ
كم في جهادك قد أعزَّ وكم به=صلّى اُناس مخلصون وصاموا
كاد الولاء لآل أحمد ينمحي=و ولاؤهم للمكرمات سنامُ
وعَدا عليه معشر من قومه=زعموا الهدى وهمُ له أسقامُ
مِن كلَّ مَن ملك الفساد حياته=فغدا وملء حياته إجرامُ
ضلّوا الطريق فلا صلاح ولا هدىً=نِعمٌ لهن من الضلال زمامُ
وتتبَّعوا آثار كلَّ مضلَّلٍ=أهدى وأرشد منهم الأنعامُ
هذا يزيد وهؤلاء رجاله=هم في جُنوب الصالحين سهامُ
طعنوا الفضيلة في الصميم وروَّجوا=سوق الفجور فعمَّت الآثامُ
ويقال إنهمُ لأحمد شيعة=لهمُ بحلَِّ رشاده استعصامُ
حاشا لأحمد أن يكون نبيَّ مَن=لقيَ المصائب فيهم الإسلامُ
فهم الاُلى نقضوا هداه وأبرموا=غيّاً فبئس النقض والإبرامُ
فحرامه حلٌّ لهم و حلاله=إن لم يوافق ما يرون حرامُ
فدعوت دعوتك الَّتي في طيِّها=للشمل جمع والنفوس وئامُ
ونهضت نهضتك الّتي لو لم تقم=فيها لما عشق العلاء كرامُ
في معشرٍ رزقوا الحياة بموتهم=فلهم على ورد المنون زحامُ
هاموا بنصرك مُرخِصين نفوسهمْ=ولكلَّ حزبٍ لوعة وهيامُ
وأعزُّ ما يرجو الكميُّ شهادة=في الله يرفع شأنها ويقامُ
والموت في ظلَّ السيوف كرامةٌ=لمجاهدٍ في الحقَّ ليس يضامُ
يأبى الحياة مع المذلَّة والشقا=بطلٌ به للمكرمات اُوامُ
ويضيق بالدنيا إذا هي أصبحت=عبئاً عليه الفارس المقدامُ
وإذا طغى سيل الفساد فمَن له=إن لم يُقِم فرض الجهاد إمامُ
تالله ما بعد الحسين وقبله=في الله غازٍ في الرسول همامُ
حرٌّ تورَّث من أبيه وجده=شيَماً لهنّ على الزمان دوامُ
فيه من الهادي شمائل جسمه=ومن الوصي حماسة وضرامُ
حاز الفخار وضمَّه في نفسه=فكأنَّه لذوي الفخار ختامُ
* * *
كاظم مكّي حسن البصرة