بشائر الحسين
كاظم مكي حسن
بشائر الحسين(1)
كاظم مكّي حسن
ضَاءت بيومك أيّامٌ وأزمانُ=واستبشرت بك أرواحٌ وأبدانُ
وأشرقت بسناك الأرض وازدهرت=فيها مرابعُ لا تحصى ووديانُ
في كلِّ ناحية منها ومنعطفٍ=ورد وآس ونسرين وريحانُ
عمَّ الجمال رُباها فهي مائسةٌ=نشوى عليها من الأنوار ألوانُ
تفوح بالأرج الزاكي معطَّرة=فملؤها نغم عذب وألحانُ
كأنَّما جئتها خصباً تفيض به=فكلُّ أوجهها روض وبستانُ
تسري بشائرك الكبرى مبهّجها=ونستنير بها هدياً ونزدانُ
أضفت عليها نعيماً لا زوال له=وليس ينتابه حدٌّ ونقصانُ
من معدنِ الخير قد صيغت وما برحت=فيها يوطَّد للخيرات بنيانُ
زهت بطلعتك الدنيا وكم حفلت=بنور وجهك أرجاء وأكوانُ
حيّت بمولدك العلياءُ سيِّدَها=ومَن عروش له ذلت وتيجانُ
ورحَّبت بك دنيا المكرمات فما=لها سواك على البأساء معوانُ
أتيت كالغيث يسقي القفر مندفقاً=فينبت الزهر فيه وهو ريّانُ
وجئت كالنور يمحو كلَّ حالكة=فأشرقت بك ألبابٌ وأذهانُ
وعشت ينبوع فضل للورى وحمىً=إليه تلجأ أحرار وعُبدانُ
يا مفخر الدين والدنيا وعزَّهما=لأنت وحدك تشريع وفرقانُ
وأنت طغرا على هام العُلا سطعت=وأنت في صفحات المجد عنوانُ
ما لحت إلاّ ولاحت كلُّ مكرمةٍ=فأنت في مقلة العلياء إنسانُ
يا مالئ الكون أفراحاً بمقدمه=وشاغل الناس منه الدهر إيمانُ
هنّى بك الدين اُمّاً انجبتك له=ومَن سواك لهذا الدين صَوّانُ
فالعدل مبتسم والمجد مبتهجٌ=والحقُّ منتصر والفضل جذلانُ
والظلم مندحر والفسق منخذلٌ=والمكر في ذلَّة والغدر خزيانُ
فقد أطلَّ على الدنيا فنوَّرها=وجه بنور الهدى والرشد مزدانُ
وجه الحسين ومذ لاحت بشائره=تدفَّق الخير يهمي وهو هتّانُ
عزَّت بمولدك الأحرار قاطبة=والظالمون وأهل البغي قد هانوا
واستبشر الحقُّ مزهوّاً بناصره=ومَن به رسخت للحقِّ أركانُ
أتيت تدفع عنه العابثين به=المفسدين بما شادوا وما دانوا
القاسطين سواء في ضلالتهم=شيب قد اختبروا الدنيا وشبّانُ
من كلِّ مَن ملك الشيطانُ مهجته=فعاش وهو شقيُّ النفس شيطانُ
من كلِّ ذي سفه بالفسق مشتهر=يقضي الحياة خليعاً وهو سكرانُ
عصابةٌ مُلئت خزياً ومنقصةً=وما لها غير إفساد الورى شانُ
شعارها أن تذيق العالمين أذىً=وخيرُ فعالها زورٌ وبهتانُ
تيهي (اُميَّة) واختالي مفاخرةً=فمن سراتك للشيطان أعوانُ
هيهات يصلح قوم ساد بينهمُ=يزيدُ يفعل ما يهوى ومروانُ
فذا إلى الخمر والفحشاء منصرفٌ=وذا بظلم بني الزهراء ولهانُ
ذئب على الأرض من لؤمٍ بعنصره=ومن خبائثه صِلُّ وثعبانُ
لا يفلح الناس فوضى لا رشادَ لهم=وذو الرئاسة فيهم همه الحانُ
والحاكمون إذا كانوا ذوي عمه=فشأن أتباعهم ذلٌّ وخسرانُ
والحكم إن لم يكن عدلاً ومنفعةً=فإنه لنفوس الناس أدرانُ
فلا تدوم مع الإرهاق مملكةٌ=ولا يقوم على الإذلال سلطانُ
لمّا رأيت ربوع المسلمين غدت=فوضى وليس لها راع وريّانُ
سوى شراذم ما نال الأنامَ بها=إلاّ همومٌ وآلامٌ وأحزانُ
تثار من أجل أطماعٍ هنا وهنا=مجازر تُهلك الدنيا ونيرانُ
فثرت ثورة جبّار فراعهمُ=من أشجع الناس إقدام وإيمانُ
تذبُّ عن حرمات الدين في شممٍ=ما إن حواه ولا يحويه إنسانُ
أقمت في كربلاء المعجزات بما=لم يستطع فعله إنسٌ ولا جانُ
أكرم بيومك يوم الطفِّ منزلةً=لها على الدهر مهما طال رجحانُ
يوم به رنَّ صوت الحقِّ منطلقاً=وأدرك الشرَّ إذلال وخذلانُ
كانت حياتك نوراً يستضاء به=ولم تزل وهي أفضال وإحسانُ
ظلَّت مخلَّدة تُهدى إلى اُممٍ=إلى العلا وتنال المجد أوطانُ
* * * *
كاظم مكّي حسن