شعلة الطفّ التي لن تنطفئ
أحمد بدران
شعلة الطفِّ التي لن تنطفئ
أحمد بدران
أفديك في الطفَّ بين البيض منحورا=مكفّناً بدماء أشرقت نورا
موسّداً جمرة الرمضاء ذا كبدٍ=مقرورةٍ وفؤادٍ بات مسرورا
يا كاتباً أحرف الإيمان في دمه=حتّى بزغن فلم يبقين ديجورا
حملت شعلة نور الحقَّ منصرعاً=وسرت تهدي بها الأجيال مقبورا
قد قبّلتك المواضي وهي خاشعةٌ=لما تراجع عنك الموت مذعورا
رآك فكرة حقَّ لم تزل أبداً=يسمو بها العقل تمحيصاً وتفكيرا
يا من إذا صال فالهيجاء مائجةٌ=موج الخضمِّ الَّذي لاقى الأعاصيرا
نار لحربك قد أجَّت فبات لها=نورٌ غدا يوسع الأذهان تنويرا
وتلك ملحمةٌ ضاع القياس بها=كأنها عالمٌ قد بات مسحورا
فالقاتل النذل قد أضحى القتيلَ بها=ومن طوته المنايا بات منشورا
وبات في حكمها المغلوب منتصراً=وذلك الغالب المغرور مقهورا
وقفتُ في الطفَّ أستوحي فوارسَها=ليثاً فليثاً ونحريراً فنحريرا
يلوح طيفك يابن المصطفى فأرى=وجه الحقيقة مرئيّاً ومنظورا
ياليت تبصر كيف الدهر خاتلنا=وكيف أبدل صفو العيش تكديرا
وكيف باتت فلسطين تعيث بها=ذئابُ (صهيون) لا تخشى المغاويرا
وكيف تُطرد هذي العرب من بلدٍ=لولا جدودهمُ ما كان مذكورا
أرى العروبةَ لم تقتصّ من فئةٍ=داست كرامتها ظلماً وتحقيرا
وأنت نازلت جيش البغي في نفرٍ=حتّى سقطت على البوغاء منحورا
يابن النبي يودُّ البدر من جزعٍ=لو عفَّر الخدَّ في مثواك تعفيرا
وودّت الشمس لو ترثيك باكيةً=مع الكواكب تعظيماً وتقديرا
هيهات ذكرك تمحوه السنون فذا=مصوَّرٌ أبداً في الكون تصويرا
ما لاح ذا الشفق المحمرُّ جانبه=إلا وذكَّر أهل الأرض تذكيرا
وما ارتدى الليلُ أثواب الحداد سدىً=لكن ليظهر حزناً كان مستورا
وليس تلك نجوم الليل نبصرها=بل تلك ذكرك فيه بات مسطورا
لا زال ذكرك يابن المصطفى أبداً=يروي مآثر سعي بات مشكورا
أحمد بدران