درس في الجهاد - المجد غرس ما رواه سوى الطلا
محمد الشيخ جعفر النقدي
درس في الجهاد
محمد الشيخ جعفر النقدي
المجد غرس ما رواه سوى الطلا(1)
حيِّ الشهيدَ وخذ بسيف نضاله=وتعلَّم الإخلاص من أبطاله
الرافعين إلى التحرُّر مشعلاً=فاق الضحى بسنائه ومناله
الآسرين لدى الخصومة باطلاً=المطلقين الحق من أغلاله
المنزلين على العدوَّ صواعقاً=لا يحفلون بخيله ورجاله
الساهرين حماية لإبائهم=وهدى النبيِّ وصحبه وعياله
المفتدين كرامة بدمائهم=الظامئين إلى الرَّوى(2)
اللابثين مع الحقوب وذكرهمْ=يُتلى ومجدُهمُ يُرى بكماله
لاتبكِ لا يجدي البكاء باُمّةٍ=ثكلى ولكن سر على منواله
رام الخلود بأن يقوَّم اُمة=ولو اَنّ نيل مرامه بقتاله
إنّ الخلود لمَن يذود عن الحمى=بدمائه وبولده وبماله
والمجد غرس ما رواه سوى الطلا=من لا يجود به لقطف نواله
قسماً بأرض الطفَِّ والدم نير=والدمع منتشر على أطلاله
وصوارم حمراء عند اُسوده=باتت مؤرقة على أشباله
وزفير أرملة يروح إلى السما=يشكو عتوَّ محرّم لهلاله
قسماً تصدقه الدماء بكربلا=ويعيده التأريخ في أجياله
ما طهّر الإسلام من خذّاله=إلاّ نجيعٍ سال فوق رماله
متدفَّقاً كالسيل في أرجائه=يسقي الحقائق في نفوس رجاله
حيّ الشهيد مرتّلاً آياتك ال=غرا تحيَّة معجب بنضاله
وقم احتفاءً بالدماء فإنها=عنوان مجد خطَّ في أسماله
وسل القرون المبصرات فهل رأت=كأبي الحسين وهل رأت كمثاله
من ذا يخاطب حتفه بيمينه=ويهزُّ سيفاً مصلتاً بشماله
(إن كان دين محمّد لم يستقم=إلاّ بقتلي) فليعد لمآله
أنا لست ممَّن يغرمون لسلطةٍ=كلا ولا أنا للنضار بواله
لكنّ لي جنباً حملت به الهوى=حباً إلى نيل العلا ووصاله
لم يخشَ عدَّة خصمه وعديدَه=ويعيذه الإيمان من أهواله
والمرء بالإيمان يدرك غاية=كبرى ويبلغ منتهى آماله
ذكرى الحسين تطلّعي بجهاده=فالدهر قد ألقى نقاب خياله
فوحي علينا كالزهور ونوَّري=كالشمس أو فاسمي كغرِّ فعاله
صبَّي الجهاد من السماء فكلّنا=صديانُ منتظرٌ سنا إقباله
محلت رياضُ المجد بعد ربيعهِ=وتساقطت أوراقُها بزواله
أين الفتوح وأين زهو رجاله=والملك تيّاهٌ ببرد جلاله
وعزائم كالخيل مسرعة بهم=صوب الردى فرحين لاستقباله
وشرائع ركعت (أثينة) عندها=ورنا لها (سقراط) من تمثاله
مثلٌ سرت والذكريات تعيدها=أملاً يخادعنا الزمان بآله(3)
شعَّ التمدُّن في البلاد ولم يزل=وطني يسير على بعيد خياله
الغرب أدرك في سنا أسحارِه=قصداً وضلَّ الشرقُ في آصاله
والغرب جرّد سيفه وبموطني=غمدَ اليراع صيانة لضلاله
والغرب قد بلغ السماء مجاهداً=في حين لم تبلغ ظهور جباله
حتّامَ نلبث حائرين بضلة=والكل يعلم ما يجول بباله
طمعٌ يطوف على الممالك متلفاً=زرع الشعوب مخرّباً لظلاله
هذي شهيدَ الحق نفثة شاعرٍ=يرثي لحال بلاده ولحاله
ألقى بذكراك الشجية أنة ال=قلب الشجي محرّداً بعقاله
سيم الشقاء بفكرة وقّادة=تأبى لرفعتها على استغلاله
كم وقفة فيها صرخت باُمتَّي=صوتاً أهزَّ الجيل من زلزاله
يا قوم قد جار الغريب بأرضكم=فحذارِ من أشراكه وحباله
يبدو بسربال الصديق إليكمُ=والكيد مرسوم على سرباله
أبديتم وهناً فراح يقودكم=ويخوض وهنكمُ إلى آماله
ما (القدس) نأسوه الجراح أليمة=إلاّ ضحية رشقة لنباله
وضحية الأرباب بين جواره ال=مقتفين خطاه في أعماله
واللاغطين إذا تفوَّه مصلحٌ=يرمي لفكَّ الحرَّ من أغلاله
من ذا يروق له السكوت بمعشرٍ=أضحى يعربد من طلى جهّاله
حمماً عليه من الفؤاد صببتها=أيروم يخمدها أخٌ بجداله
دعه يجدَّ إلى المحال بخطبه=أو هل ينال المرء بعض محاله
لا بدَّ للبركان فترةُ غمضةٍ=ويعود بعد زوالها بوباله
قل للشباب وقد تهاون عزمه=واليأس عوَّده على إهماله
واستبدل الخلق القويم بغيره=ويد الغريب سعت إلى إبداله
لذ بالحسين وخذ لنفسك منهلاً=من خُلْقه الزاكي وطيب خلاله
وليرتوِ العقل الغليل برشفةٍ=ما دام ظمآناً إلى سلساله
الدين والقسطاس سرُّ نقائه=والعلم والأخلاق رمز جماله
ما جلَّ للأقطار صرحُ مفاخر=إلاّ وكان العلم اُسُّ جلاله
وبسلّم الأخلاق يُرفع موطنٌ=وبدونه يهوي لأسوأ حاله
واربأ بنفسك أن تكون مسالماً=لمن اعتدى بل فانصرف لنزاله
سر في النضال فتلك خيرُ وسيلةٍ=للمرء تبلغه مدى استقلاله
فهو الذي يسدي البلاد أمانها=ويعيد حقَّ الفرد من خذاله
* * *
محمّد النقدي العمارة