يوم الدماء
كاظم محمود الصائب
يوم الدماء
كاظم محمود الصائب
خطبٌ تواتر موصولاً به الألمُ=فيه النحيب أسىً فيه البكاءُ دمُ
فيه الفضيلةُ ثكلى وهي نادبةٌ=فيه الكرامة لم يحفظ لها ذممُ
قد جلّ بين رعاة الحقَّ منصدعاً=به الفؤادُ وندّابٌ عليه فمُ
جرحٌ نمت عن صديد الوخزِ طعنتُه=فأزمنت من قديم العهد تلتهمُ
له الإعادةُ أنّى جاء محتدماً=بمظهرٍ لم يضارع قبله الضرمُ
فكلَّما فاض حزناً عن جوانبِه=تعلّقت بمبادي قدسه الهممُ
وكلّما قدّم العهد المقدس من=قرآنه رسخت منه له قدمُ
سرٌّ تقمّص تحليلَ الحقيقة في=سموَّه عجبت من آيه الاُممُ
لم يغنِ أعداءه ما قد رموه من ال=سجف السميك على الحقَّ الذي علموا
شمسُ الحقيقة تبدو في محاسنِها=مهما تلبَّدت الأجواء والديمُ
يابنَ النبيِّ فكم كافحت في شرفٍ=يا بن الوصي لقد جاهدت يا علمُ
يابن الصفيِّ فكم ناضلتهم ولك ال=حقُّ الجليُّ بها والحقُّ مُهتضمُ
أعظم بها نهضةً قد أنزلت علماً=نفاقُه الركن من إرهابه الدعمُ
قد استبدّوا فخالوا العدل مهزلةً=فطاش سهمٌ له(1) زلّت بهم قدمُ
يأبى الهوانَ همامٌ عزّ مطلبُهُ=يزينه اثنان قلبٌ باسل وفمُ
حرَّية الفكر اُسُّ الاجتماع فإن=أودى بها الحُكم زال الحُكْم والحَكَمُ
وما السياسة إلاّ العدل قائمة=صروحه بذرا الجوزاء تصطدمُ
وما الدعائم في اُسَّ البلاد سوى=حرَّيةٍ حدَّ في توطيدها القلمُ
ما إن طغت موجةُ الإرهاب في وطنٍ=إلا تردّى وساد الظلمُ والظُلَمُ
زأرت في يدك البتارُ ملتمعاً=فخضب الأرض ذاك الصارم الخذمُ
كرٌّ وصول وإثخان وهول وغى=عواصف زلزلوا فيها وقد وجموا
حتى تنكَّست الأعلام طاوية=جموعها وكماة الروع تزدحمُ
وآب كل فتًى والرعب يلحقه=وأنت بين قراع الطعن تبتسمُ
لا غرو أن شيم دور كان يعهده=عِداك في صولة (الكرار) متّسمُ
فرع رعته سجايا الأصل وهي به=جديرة إن وفى أولم يفِ الحكمُ
نفس تقمصت العلياء بغيتها=فالعيش عند اعتساف ظالم عدمُ
وما التحرُّر إلا للصلاح قوًى=وللتقدُّم ضوء ملؤه نظمُ
وذاك نهج إلى العلياء لاحبه=يشوق كلَّ فتًى في أنفه شممُ
وفتية دلفوا لمّا الوغى استعرت=فأضرموا هولها لما همُ هجموا
قد كافحوا عن حياض الحق جهدهمُ=فلم يملْ بهمُ الإرهاب إذ صدموا
أبدى أبو الفضل في الميدان معجزة=مادت لها الأرض وارتاعت لها النسمُ
هزّ اللواء فصال الحق منتصراً=وجال فيهم فولّوا عنه وانهزموا
هو ابن هازم جيش الشرك منفرداً=لا غرو أن ماس في كفَّ له علمُ
من الذمام صدوف القوم عن رشف=من الزلال لطفل وهو يضطرمُ
ذبحُ الرضيع من الإسلام مبدؤه=حاشا فقد شرعوا بدءاً وقد ظلموا
سلبُ العقائل من بيت النبي هدًى=وذاك ما يزدريه العرب والعجمُ
وأخذُهن سبايا فوق أظهرها=مرحلات وهن البيت والحرمُ
شرّ الفعال فعال لا مناط له=من الفضيلة فهو الدهر ما يصمُ
جاؤوا بما ابتدعوا شنعاء صارخةً=بها قد ابتدؤوا الإسفاف واختتموا
أبا الأئمة باسم الحق تضحية=جاءت لتسمع اُذناً دأبها الصممُ
أبا الأئمة باسم الله تضحية=جاءت لتدعم صرحاً كاد ينهدمُ
أبا الأئمة باسم العدل تضحية=قامت لتهدم عسفاً كاد ينسجمُ
أكربلا بك أبطال الهدى رقدوا=تيهي علا فقد امتاروك واحترموا
سموت في شرف القوم الذين همُ=قد شرَّف الملأَ الأعلى مقامُهمُ
إني اُبارك في يوم الدماء ثرىً=مازال منسكباً منها عليه دمُ
مضَوا فسنوا طريق المجد واضحةً=أكرم بما خلفوا أعظم بما ارتسموا
* * *
كاظم محمود الصائب البصرة