الفقرة الأولى - غريب أمرها الكوفة هاذي
بل هُم أحياء
الفقرة الأولى
عبدالطاهر الشهابي
عاهدنا بالدم=وكتبنا فوق الرايات
بشعار محرم=نصرخ للذلة هيهات !
لبيك يا حسين ..
لبيك يا حسين ..
غريبٌ أمرها الكوفة هاذي=غدرت بالوحي والذكرِ
بأمسٍ بايعت للسبط ليلاً=وتنافى العهدُ بالفجرِ
وقالت يا حسين الآن أقدم=سترانا جيشك الثوري
ألوفٌ قد جُمعنا لك جنداً=كتبٌ تغرق بالحبرِ
موالون .. حسيناً=لا شمرٍ أو يزيدِ
ولا نعطي .. بأيدينا=كإعطاءِ العبيدِ
حسينٌ .. طُف ولا=تأتي لوعدٍ كالوعيدِ
نفوسٌ .. زائفاتٌ=همها جمع النقودِ
سفير السبط جاء اليوم طوعاً=داخلاً في كوفة الغدرِ
وهذا مسلمٌ وابن عقيلٍ=ثقةٌ ينبع بالطهر ِ
فما إن جمع الآلاف حتى=فُرقت عنه على ذعر ِ
لقد كان يصلي بالجموع=غارقاً في لجة الذكر ِ
وشيئاً .. ثم شيئاً=صار نقصٌ في الصفوفِ
غدا ينظر .. في المسجد=في وضعٍ مخيفِ
فقامَ .. الفرد يسترجع=في تلك الظروفِ
فلا فردٌ .. بقى يهديه=في الدربِ المخيفِ
إذ بالوحيدِ مسلمٍ في بابِ طوعة ..
امرأة ٌ لكن من الإيمان قطعة ..
حتى أتت من بابها ليلاً بشمعة ..
فشاهدته جالساً والعين دمعة ..
من ترى أنت لما تجلس في الظلم
عند باب الدار ما هذا من القيم
قال يا أختاه خطبٌ بي هنا ألمّ
هل بماءٍ لي فقلبي بالظما احتدم
جاءته بالماء وعادت باعتذارِ ..
لما رأته جالساً والدمع جاري ..
قالت له ماذا الوقوف عند داري ..
اذهب إلى أهلك هيا والديارِ ..
رح بعيداَ يا أخي إن كنت مسلما
قد رويْتَ القلب من حرٍ ومن ظما
لك صوتٌ مثل من بالمسجد هما
هل تكون ابن عقيلٍ ذاك مسلما !
ما شربتَ الماء قل لي لمَ الانتظارُ
قل أخي من أنتَ فكري فيك كم يَحارُ
قال يا أختاه أهلٌ ليس لي ودارُ
أنا يا أخت غريبٌ ليس لي قرارُ
أنا مسلمٌ واعذروني=أنا إبن عم الحسينِ
بأمسٍ لقد بايعوني=وذا اليوم قد فارقوني
لطمت رأساً وقالت آه خجلتاه
قم تفضل سفير السبط يا أخاه
سوف تلقى ها هنا ما لم تطق تراه
قم لداري أنت ضيفٌ واجب حماه
فجاء ابنها قال إني=لأسمعُ صوت الذليلِ
فقالت له هاك سراً=هنا مسلم بن عقيلِ
فمضى صباحاً طائراً فردا
مخبراً زياداً يطلب الوعدا
قال إن أمي تحفظ الأعدا
قبل أن يولي فارسل الجندا
جاءته جند زيادٍ تحارب ..
فز الشجاع يرد الكتائب ..
ألقوا عليه كشوف اللواهب ..
وهو وحيدٌ ولا من مصاحب ..
بطل شجاعٌ من بني هاشم
كان في الأعادي صارماً قاسم
أسدٌ وصقرٌ في الفضا حاتم
يفرم الجسومَ بسيفٍ وصارم
كَرّ كحيدر فصاروا طرائد ..
لكن تهاوى بشر المكائد ..
قادوه قسراً لقصر المعاند ..
ماذا يعاني وماذا يكابد ..
إلى قصر العدا بالقيد قادوه
ومن أعلاه للتربان ذبوه
وبالأسياف قد كانوا يآذوه
وفي الأسواق بعد القتل جروه
يا للجديلِ .. ابن عقيلِ=أجري عليه .. دمع العويلِ
يا للغريب .. يا للقتيلِ=جروه سلخاً .. جند الضلولِ
وراحت عنه للمظلوم أخبارُ
وقالوا غاله طاغٍ وغدارُ
وفي البيداء كان الركب سيارُ
فضج الركب والدمعات أنهارُ
كانت لمسلم .. بنتٌ صغيرة=حست بيتم ٍ .. بين العشيرة
قال الحسين .. كوني صبورة=للحزن لا لا .. تبقي أسيرة