القصيدة العصماء في مدح سيّد الشّهداء (ع)
السيد عبدالصاحب الهاشمي
يَا مَن تَوحَّد في الفؤادِ هَواكَ=يَا عِلّةَ الإيجادِ بل لَولاكَ
لَولاكَ مَا بَرأ الإلهُ خَليقَةً=إذ كُنت غايتَهُ وكان مُنَاكَ
بضَريحكَ الفِردَوسُ حَلَّ وَإنَّهُ=قَد ضَمَّ في أكنافهِ الأفلاكا
أوَ ذَا مَزَارٌ أمْ يُطَافُ بكعبةٍ=وَدَّ الحطيمُ بأنْ يكونَ فِناكَ
هَذا ضَريحُكَ أمْ لِربِّك عَرشُه=سَبعُ الطّباق به غَبطْنَ ثَراكَ
وَبفضل قَبركَ كَربلاءُ تقدَّست=وَتعطَّرت كُلُّ البلادِ بذاكَ
وَعَلى العَوالم قَد وُهِبتَ ولايةً=تُعطي وتمنع ما تشاء يداكَ
مَا ضَرَّني قَولُ المقصِّرةِ الأُلى=عدّوا غلوّاً أن أجِلَّ ولاكَ
غَمَر الوَرى طُرَّاً نوالُك واغتدى=يَهمي غِياثاً منْ غَمام سمَاكَ
وخُلِقتَ من أزكى وأطيب طينةٍ=بيديه ربُّ العالمين براكَ
وعلَيكَ أغْدقَ من عميم عطائه=لم يُعطِهِ رُسلاً ولا أمْلاكا
يَا نورَ ربِّ العالمين وظِلَّه=مَنْ رَام يَنظرَ للإلهِ يَراكَ
ما لذّ لي فرضُ الصَّلاةِ أقيمُه=حتّى أعفِّرَ جبهتي بثراكَ
إني إذا حلَّ الصّيام وشهره=ما طاب لي لولا أذوقَ ظَماكَ
نَطقَت بفضلك ألسنٌ وتخرّست=أخرى تَودُّ إحاطةً بثَناكَ
قد غرّد الذّكر الحكيمُ بمدحكَ ال=سَّامي, وذا الشَّرف العظيمُ كفاكَ
يا تالي القرآنِ حقَّ تلاوةٍ=ببديع وصفٍ مَا تَلاهُ سِواكَ
فتَلوتَ من آياته في يوم أن=سارت برأسك في البلاد عِداكَ
ما فرَّقوك عن الكتاب وإنّما=قد فارقوه بسفكهم لِدِماكَ
فعليكَ طَرفي لا يملُّ من البُكا=والقلبُ في حُرَقٍ يديمُ عزاكَ
يا عُظْمَ رُزئكَ في السَّماء وحزنَهُ=فنعاك ربُّك والرَّسولُ بكاكَ
ما حالُ أمِّك فاطمٍ يومَ الّذي=جاءت وأنت مُضرَّجٌ لتراكَ
لطَمَتْ على الصَّدر المهشَّم ضلعُه=حين الّذي ذاك الأثيمُ عَلاكَ
فَجَمعتَ يومَ الطّفِ كُلَّ رزيّةٍ=فَورثتَ أُمَّكَ والوَصيَّ أبَاكَ
فبضلعها منك الأضالعُ كُسِّرت=والسّهم في وَضَح الجبين رماكَ
اللهُ ما صَنعَ المثلَّث وقعُه=فهويتَ إذ أوهى المصابُ قُواكَ
أرويت من دمك الطّفوف ورملَه=ليتَ الطّفوفَ من الفرات سقاكَ
أنا يا حسينُ بجودِ عطفكَ طامِعٌ=عبدٌ فَقيرٌ عَالقٌ برَجَاكَ
وإليك ارفع ذا المديحَ معطَّراً=كالمسك يعبق من أريج شذاكَ
أزكى السّلامِ عليك يا شمسَ الهُدى=وعلى بنيك الطّاهرين ضُحاكَ(1)