مطلعي في الختام {مجراة دعبل الخزاعي في حق الامام الرضا(ع)} الشیخ مهدی بن عبد الواحد الساری
أتيتُ وما بالكفِّ مِن حسناتِ=إليك سوی الآهاتِ والخطواتِ
أأسكُبُ دمعي مثلَ كفّك إن سخت=لحبّيكَ أمْ أبغي علی الوجناتِ
إذا انا أسبلتُ الدموعَ صبابةً=فمَنْ لي بضوءِ العينِ في الظلماتِ
وإن أنا لم أُهرِقْ فمَن لي بعاذرٍ=يری العينَ مثلَ الأمِّ للعبراتِ
أتيتُك مثلَ الظل شئٌ كمُعدَمٍ =وان هو راق العينَ والنظراتِ
أتيتُ وخلّفتُ الأنا وسطَ غابةٍ=وجئتُ طليقاً مِن أناي و ذاتي
إذا كنتُ مزكوماً فكيف أشمّ ما =حواه الربيعُ الطَّلْق مِن نفحاتِ
ولولاكَ في أمري لكنتُ مضيَّعاً=كما الحبرُ مسكوباً علی الوَرَقاتِ
ولولاك في قلبي لكنتُ مُذبذَباً=وعادتْ سواءً ضِلّتي وصلاتي
و عشتُ متاهاً أو فراغاً مُدبلَجاً=بإسمِ رُقيّ أو تطوّرِ آتِ
ضلالاً لعذّالي وتعساً لرأيهم =رأوا حبّيَ الأسمی إليكَ مناتي
و لو أنّهم جاؤوا بعينِ تجرّدٍ =و أفئدةٍ بالنَّصفِ مُتِّسماتِ
لقالوا مقالي أو غلَوا و تزيّلوا= فبائوا بشرِّ الإثم والتَبعاتِ
وما لي و مَن يعشو عن الذكر معرضا=إذا قيل لي في آل أحمدَ هاتِ
دعِ الغيرَ في وادي المتاه يروقُه =حديثُ البخاري أو هوی القَذِراتِ
وخُذْ في حديثِ الوُدِّ يا قلبُ وﭐغتنمْ =سُوَيعةَ وصلٍ فالزّمانُ مُواتي
أبا حسنٍ مولاي جائك دعبلٌ=وكان طليقَ القول في الحلباتِ
فأنْشَدَ ما يزدادُ حسناً وبهجةً = مدارسَ آياتٍ مدی السنواتِ
و جئتُك أقفو إثرَه متلهّفاً=أقول علی ﭐسم الله والبركاتِ
مدارسُ آياتٍ بها الذكرُ معتليٍ =وإن غالها بالجورِ بطشُ طغاةِ
مدارسُ وحي الله أنّی يطيحُها=بليدٌ توخّاها برميِ حصاةِ
تكفّلَ ربُّ العالمين برفعها=علی رغمِ شانيكم وكلِّ عداةِ
ديارُ عليّ في القلوب توطّدت=و دارُ أبي الأحرارِ رمزُ ثباتِ
ديارٌ سمَتْ مِن أن تُنالَ بوصمةٍ=كما نيلت الزرقاءُ بالوصماتِ
ديارٌ بها تُطوی الليالي تهجّداً=تُعَطَّرُ بالآياتِ لا النغماتِ
ولا زالَ في الآفاق صوتٌ مدوّياً=صحيفتُه مخطوطةُ الثفناتِ
و أين ديارُ الجائرين عليكمُ =بلاقعُ أطلالٌ ورهنُ شتاتِ
أبا حسنٍ ما جئتُ في العيد راثياً=شموخاً تحدّی السيفَ والذَرِباتِ
ولا جئتُ أشكو أنّنا في مضائقٍ=فشيعتُكم لا شكَّ في اللزباتِ
ولكنّني مولاي جئتُك مُهدِيا=هديةَ قلبٍ خافقِ النبضاتِ
مديحاً علی قدري مشوباً بلوعةٍ=لعلّك ترضاه نتاجَ حياةِ
فأنت الذي نوّرت دربي فلم أرُحْ=أسيرَ زمانٍ مُوِحشِ الخَطَراتِ
و أنت الّذي عنونتَ دنياي فٱغتدت=عناوينُها غنّاءَ مُزدهراتِ
و لمّا أتيتُ الكونَ أرنو جمالَه=وجدتُك فيه باهرَ السُّبُحاتِ
فأُبْتُ إلی نفسي بذهنٍ مشوَّشٍ=و غِيلَ الكلامُ الطَلْقُ بالشَّرَقاتِ
و ما زدتُ إلا أن وقفتُ مُحيَّراً=وخيرُ ختامٍ حيرةُ الكلماتِ