"مع الزينبيّات..الحاملات إرث زينب"
حسن آل حطيط العاملي
"مع الزينبيّات..الحاملات إرث زينب"
إلى كل الزينبيّات اللواتي صبرن و صمدن و قاومن الحصار و الظلم و العدوان و الإحتلال.
د. حسن آل حطيط ألعاملي
1
"صامدة...في ليل الحصار"
نسي القمر أن ينام
حين رآكِ!
خبّأ سرّه بالغمام
و ترامى كطير يمام
خلف خطاكِ!
نسي القمر أن ينام
حين رآكِ!
دفن الهمّ و الأوهام
حضن الجرح و الآلام
ليظلّ
يرقب في الظلام
سحر صداكِ!
رفض القمرأن ينام
حين اعتراكِ
قصف اللئام
و رحتِ تطوفينَ
حول الحطام
لتنقبينَ
عن قلب طريح!
و تبحثينَ
عن طفل جريح!
و تجددين العهد
فوق الركام!
نوى القمر أن لا ينام
حين رآكِ
تغرزين
رايات العنفوان
فوق ثراكِ
وتضمدين
جرح السنديان
عند ذراكِ
و تعتقين
روح الأقحوان
لتنصبّ صبراً
و تنقضّ نصراً
طول مداكِ
نسي القمر..أن ينام..
حين رآكِ
تنيرين أحزان الظلام
أمام عِداكِ
مات عشقاً
شهيد غرام
لأجل
هواكِ!
2
"تمتمات طفلٍ شهيد... في حضن أمِّ شهيدة!"
سليني يا دموع الفجر.. عن عينيها
سليني يا جراح البحر.. عن شفتيها
..عن القمر المكبّل في راحتيها
..عن الأسرار..
تأسرها السنونُ
في خدَّيها
..عن الأفكار..
ترميها الظنونُ
بين يديها
..عن الأقدار..
تحملها المنونُ
لمقلتيها
سليني عن التعب الذي ما سئم
يزهو
في ساعديها
سليني عن كل ما لديها
لكن..لا تسأليني عنها!
فأنا..انطلقت منها
حيث ما راحت..أروح
و أنا انشققت منها..
كلّما باحت..أبوح
و انتشرت عطراً
حيث ما دُفنت.. أفوح!
خذيني يا هموم الغيوم
و اتركيني
حيث ما هامت أمّي
دعيني!
خذيني يا غموم النجوم
واهجريني
حيث ما وقعت أمّي
دعيني!
و اسلبي دمعي و دمّي
لكن
من قبرها لا تسلبيني
فأنا..
خلعتُ سكوني!
و أنا..
سلختُ شجوني!
و كلّ ما التحم بهمّي
لأنام في حضن أمّي..
وتنام على حرِّ أنيني!
مثل بركانٍ..يثور و ينطفىء
مثل زلزالٍ..يمور و ينكفىء
فأنام!
و على صمتي تنام
يهدهد نومنا جنح الظلام
يدغدغ سمعنا صوت القيام:
"ألجنَّةُ.. أمّي..
..ملتقانا
و على الأرض السلام"
3
"قدسية العينين"
بريق عينيكِ..
يزرع في القلب مآذن!
يسافر في الصدى
و يحمل للورى
كل المحاسن!
بريق عينيكِ..
في عيون الأرض كامن!
يهدهد الوجع القديم
يدغدغ الجرح السقيم
و ينثر الياسمينَ
على صدر المدافن!
بريق عينيكِ..
يهبّ هبوب الريحِ
حول المرافئ
يخترق أسوار السكونِ
يجتاح أسرار المخابئ
يسيطر في المدى..
يهيمن في المبادئ
ليجود بالحسنات
و يعتقل المساوئ
بريق عينيك شراعٌ..
جريحُ القلب حائر
يغازل النجم الحزين..
يصاحب الصبر المكابر
يشد عزم الصامدين..
بعمق الليل ساهر
بريق عينيك نداءٌ..
عظيمُ الوجد ساحر
بريق عينيك يقرُّ
عينيّ المعذبتين
يجمّع الأنفاسَ
في رئتيّ الممزقتين
و يعتقني بريقاً
و يبعثني رحيقاً
بريق عينيك دواءٌ..
يا قدسية العينين!
4
"وصية...تحت الأنقاض"
نزيفٌ هي الأيامُ
كحدّ السيف يسفك عمري!
و نارٌ هي الأوهامُ
كموج البحر تسحل قهري!
تعبتُ و هاج الجمر في دمّي
تعبتُ..
تعبتُ و هام الليل في همّي
و رحتُ..
أحمل الأثقال و الآمال في لحمي
و تهتُ..
حيث الرحى تدور من حولي و تفري
عظميَ البالي
و قلبيَ الخالي
و نحري!
حريقٌ هي الأحلامُ
كليل الموت يحبس دهري!
و جمرٌ هي الآلامُ
كلؤم الصخر يسحق صدري!
نزحتُ و ذابت الآفاق في قهري
ورحتُ..
أحمل الأقمار على ظهري
و تهتُ..
حيث الزمان يدور من حولي ويهوي!
صمدت و حارت الدنيا بصمتي!
أطفأت كل الثواني
شمعةً شمعةً
و دفنت كل الأماني
دمعةً دمعةً
و أسكنت كل الجراح بصوتي!
..لتحملني كل أسرار العيون
و أظل خلف أجفان السكون
أشدووأشيدُ بقلبيَ بيتي!
حملتُ بعضي على بعضي
سحابا يسحق القلب ظنونًا
نجوما تفطم الألم عيونًا
و تحرق الأسرار
في عينَيّ
في شفتَيّ
في خدَيّ
في جلدي!..
لأعود من حيث بدأت زفيرًا
و أبحر في الهموم صفيرًا
منذ ما قبلي
و بعدي!..
أقبّل الترب الذي
صار أحلامًا
صار تاريخا
بأرضي!