غاية الليل في الزمان النهارُ=فالدياجي تذيبها الأنوارُ
وإذا الليل طال طالت هموم=الصب فيه وملَّه السمارُ
والرياض الخضراء قد يعتريها=لافحٌ منه تذبل الأزهارُ
قد يعيش الإنسان حلماً لذيذاً=هو في واقع الحياة بخارُ
ضاعت الناس بين زيدٍ وعمروٍ=لا تقل زيد لفظه مستعارُ
فتتبع لما أقول ففيهِ=عجبٌ غير أنه أشعارُ
فلتة الدهر سيدٌ هاشميٌ=قد نفته عن دارهِ الأشرارُ
بشّرتنا به الأئمة فيما=قد روته الأخبارُ والآثارُ
حلَّ ضيفاً على أبيه عليٍ=فحواه من الغري الجوارُ
واستقرتْ به الديار ولكن=ما لليثٍ في غابهِ استقرارُ
وسكون السفين والبحر رهو=وثبة قد يكون فيها الدمارُ
واذا الريح صفقت كل صوب=سوف يأتي من بعدها اعصارُ
ضاق وادي العراق بالليث ذرعاً=وأبت أن تضمه الأقطارُ
فهو قد أشعل الفتيل بإيران=فمدت لسانها فيه نارُ
ان عرش الطاووس فيه زنيم=فاتكٌ في فعاله جبارُ
والحبارى تخاف فتك صقور=لا يبالي فعلا فبئس الجارُ
ودَّع القائد الخمينيُ أرضاً=لحسينٍ وودعته الديارُ
غادر الأرض وهي تبكي عليهِ=وبكاء الجماد فيهِ اعتبارُ
وتولى الإمام شطر (فرنسا)=وعليه مهابة ووقارُ
قائد أخرس العقول فحارتْ=عبقرياتها التي لا تحارُ
بين كفيهِ سبحةٌ تتهاوى=شامخات الجبال حين تدارُ
فهي سرٌّ من الإله خفيٌ=لا تقل كيف تودع الأسرارُ
ينصر اللهُ كل من ينصر اللهَ=بعزٍ إن عزّتِ الأنصارُ
هكذا يصنع الزمان رجالاً=هي في هامةِ الزمانِ شِعارُ
وتوالى رفع ونصب وخفض=كل حين تبثه الأخبارُ
كل يوم على الوزارة عزل=هل سيرضى بذلك الثوارُ
وتولى وزارة الشاه جهرا=في ظروف عصيبة (بختيارُ)
فرح القائد الجديد وأعمته=الأماني وغره الدولارُ
لكن الثائرون يأبون إلا=شرعة الحق ، فهي نعم الشعارُ
مطلب يصعب التحدث فيه=فهو للظالمين فيه الدمارُ
ثقة القائدين عند المقودين=تشد الجميع أن ينهاروا
وتوالت مؤامرات وذابت=كغيوم تذيبها الأقمارُ
قال للشاه أنت تخرج كيما=تخمد النار فهي فيها استعارُ
وأنا من علمت نار تلظى=غاية النار في اللهيب احمرارُ
يخدع المرء نفسه من غرور=حين يغويه خادع مكارُ
تتراءى الأحلام للمرء ليلاً=ويلاشي رؤى الليالي النهارُ
غادر الموكب المشرد طهران=عليه مذلة وانكسارُ
حل ضيفاً أرض الكنانة والضيف=ثقيل تحوطه الأخطارُ
وتوالى النقد المرير لمصرٍ=فوجود الطريد في مصر عارُ
لكن الشاه زار خلاً حميماً=قد رمته بنبلها الأقدارُ
وتلاقى الإثنين جمع الخطايا=كذباب تضمه الأقذارُ
رب جمع قد فرّق الجمع دهراً=واعتراه بالإجتماع انشطارُ
يجمع الشمل بالنهى ان تدانت=لاحتمال الأعباء وهي مرارُ
وثب الليث وثبة كان فيها=لجميع المستضعفين انتصارُ
وأهاج الأشبال شبل علي=يالجمع في راحتيه يدارُ
يعطف الجمع بالإشارة طوعاً=مثلما تعطف اليمين اليسارُ
وتراءى لبختيار لهيب=يحرق الشمس حره اذ يثارُ
وتخطت حواجزاً من حديد=وتداعت أمامها الأسوارُ
غير أن الجيش اللهام مكين=يخمد النار مدفع هدارُ
غاية المرء في الحياة كمال=وكذا غاية اللهيب استعارُ
ينبت المجد في ظلال المواضي=حيث يحميه صارم بتارُ
ظلم فردٍ فرداً يهون ولكن=ظلم شعب ٍ يعود وهو انفجارُ
أعلن القائد الرحيل لإيران=فطاشت لذلك الأفكارُ
وتراءى للناس وهم كبير=فالخميني هازل ثرثارُ
كيف يمشي والأرض شوك قتاد=يلهب الرجل من سناه أوارُ
طرق السير أغلقت واستعدت=قاذفات الردى وسُدّ المطارُ
ليواسي بنفسه كل فردٍ=أرعبت قلبه خطوب كبارُ
كي يقود الجميع للنصر فالأحداث=أمست وليس فيها انتظارُ
واستقل الإمام طائرة الموت=عليها قد حلق الإنتصارُ
ورأى (بختيار) أمراً مهولاً=لا تسل كيف حاله (بختيارُ)
حاصر الأرض والسماء بنار=ورصاص فما أفاد الحصارُ
ورأى الناس بالملايين خفّت=فهي في مهمهِ الفلا تيّارُ
ورآه ولات حين مناص=أن سيندكّ حصنها المنهارُ
شرعة الغاب فعل كل غبي=فقد العز فاعتراه البوارُ
حلق النسر ثم حط على الأرض=ففرّت من خوفه الأطيارُ
ثم سار الركب المهيب رويداً=مثل ما سار كوكب سيّارُ
لضحايا الإسلام في جنة الزهراء=فنعم المزور والزوارُ
وقف القائد العظيم كطودٍ=وعليه من الأسى آثارُ
كوقوف الحسين حين تهاوت=في ثرى الطف كلها الأنصارُ
من يشابه أباه ليس ظلوماً=أبواه الحسين والكرارُ
غير أن الظروف تأبى جموداً=فهي سودٌ وان علاها اصفرارُ
وهناك الزعيم أعلن أن النصر آت=سيروا إليه فساروا
وتهاوت تلك القلاع تباعاً=كهشيمٍ يعلو عليه الغبارُ
وتوارى العدو خلف ستورٍ=هشةٍ ما عسى يدوم الستارُ
مزّق الستر والحصون تداعت=واستكان العريف والطيارُ
وتهادى النصر المبين لشعب=نصف قرنٍ يسوسه استعمارُ
وتوالت فيالق الجيش طوعاً=انما الجيش للبلاد جدارُ
جسّدت ثورة الحسين كرام=فسواء هزيمة وانتصارُ
حقق النصر قائد ومقودٌ=عمرك الله هذه الأحرارُ
هو نصر الإسلام في كل أرض=فاعتبره فإن ذاك اعتبارُ