المرء بالسيف يوم الذل ينتصر
المَرءُ بالسَّيفِ يَومَ الذُلِّ يَنتَصِرُ=و راغِبُ المَجدِ ثَوبَ النَّقعِ يَأْتَزِرُ
و لا تُنالُ العُلا إلا بِمُرهَفةٍ=عن شَفرَتَيها قَوامُ الضَّيمِ يَنكَسِرُ
فَأْخُذ أبا صالِحٍ عَنْ قَلْبِ مُستَعِرٍ=قَولاً تَكادُ لَهُ الأَسماعُ تَسْتَعِرُ
هذا المُحَرَّمُ قد وافاكَ مُنْتَدِباً=يدعو فمالَكَ يا مَوْلايَ تَعتَذِرُ
يَدْعوكَ يا ثاَرَهُ فانْهَضْ بِرايَتِهِ=إذ لم يَجِدْ غَيرَكُم لِلثَّأرِ مُنتَصِرُ
هذا الحُسَينُ و قد جَدَّ المَسيرُ بهِ=بِمَركَبٍ يَعتَليهِ الصَّوْنُ و الخَفَرُ
تُحيطُهُ مِن ذُرى الآسادِ كَوْكَبةٌ=مِنْ بَأْسِها غُرَّةُ الجَوزاءِ تَنكَدِرُ
مُعَلِّمونَ الوَغى أسيافُهُم بَرَقَتْ=ساروا و أَضحَت مناياهُم لها صِوَرُ
حتى إذا أطنَبوا في كربلا عَلِمَتْ=أعداؤُهم أنَّهُم بالمَوتِ قد حَضَروا
هناك سَعَّرَتِ الهَيجاءُ بادِرةً=فسَعَّرَ القَومُ في المَيدانِ ما بَدَروا
أُسدٌ أغاروا بِأسيافِ الرَّدى فَلَهُم=أُنسٌ لِرَنَّتِها عن غَيرِها وَقِرُ
كلٌّ ترى حاسِراً بالمَوتِ مُدَّرِعاً=مِن دونِ مَقدَمِهِ البَيداءُ تَنفَطِرُ
هناك يَومٌ يُريحُ المَوتُ صاحِبَهُ=إذ لا تَقيهِ سِوى الأكفانُ و الحُفَرُ
حتى إذا أَوفَوِا العَلْياءَ ما رَغِبَتْ=مِنْهُم ترى أنجُماً في الرَّملِ تَعتَفِرُ
كلا إذا وَقَعَتْ في الطَّفِّ واقِعَةٌ=فالأرضُ راجِفةٌ و الطَّودُ مُنتَثِرُ
هناك أجهَضَتِ البَوْغاءُ ما حَمَلَتْ=عَن صَيحَةٍ بُرِّزَتْ مِن أجلِها سَقَرُ
عباسُ هذا إذا ما كَرَّ مُغتَضِباً=يَحيضُ عَن وَجَلٍ من صَوتِهِ الذَّكَرُ
يَسطوا على أدْهَمٍ كالطَّودِ حافِرُهُ=ذو مِرَّةٍ في يَدَيهِ يَربِضُ القَدَرُ
لم يَقتَحِم غازِياً إلا تَقَدَّمَهُ جَيْشٌ=مِنَ الرُّعبِ في الأحشاءِ يَنتَشِرُ
لَيثُ العَرينِ الَّذي أطرافُهُ غُسِلَتْ=بالدَّمِ إذْ حارِساهُ الرُّعبُ و الخَطَرُ
يَكِرُّ عَن مَبسَمٍ كاللَّيثِ مُبتَسِمٍ=عَن لَفظِ مُقْلَتِهِ الأقرانُ تَنقَهِرُ
يَهوي عَلَيهِم بِصِلٍّ كالظَّلامِ له=حَدٌّ مِنَ الفَجرِ في الهاماتِ يَنْزَجِرُ
لَهُ ذُبالٌ فُؤادُ المَوتِ غارِبُهُ=على نَجائِدِهِ الآجالُ تَنْتَظِرُ
و طاعِنٌ تُتَّقى بالمَوْتِ طَعْنَتُهُ=و غامِرٌ في الوَغى في اللهِ مُنغَمِرُ
لِسانُ صارِمِهِ آيَ العَذابِ تَلا=وَعظاً لِمَن كانَ في البَأساءِ يَدَّكِرُ
و كَيفَ لا يَطْحَنُ الفُرسانَ صارِمُهُ=و زينبٌ خَرَجَتْ بالثَّوبِ تَعتَثِرُ
تَدعوهُ يا كافِلي رَوِّ السِّقاءَ لنا=فإنَّ أطفالَكُم لِلْمَوتِ تَحْتَضِرُ
فقالَ يا زينبٌ تَشكونَ مِن ظَمَأٍ=و طَوعُ سَيفي عُيونُ الماءِ تَنفَجِرُ
و اللهِ لو سّدَّ ذو القَرنَينِ شاطِئَها=و الوَحْشُ مِنْ بَعدِهِ و الجِنُّ و البَشَرُ
و ساقَ عِزريلُ ظَعْنَ المَوتِ يَتْبَعُهُ=جَيشٌ لِشَدّادَ دون الماءِ قد أُمِروا
لَأحمِلَنَّ عَلَيهِم غَيْرَ مُكتَرِثٍ=و أقرَعَنَّ بِهم حتى و إنْ كَثُروا
و أُنزِلُ البأسَ فيهم بَأْسَ مُقتَدِرٍ=حتى يَظُنَّ المَلا بأنَّهُم حُشِروا
و أُشبِعَنَّ القنا طَعْناً بِوارِدِهِم=و أسقِيَنَّ الظُّبا فَتكاً إذا صَدَروا
و أُسمِعَنَّ صَليلَ السَّيفِ واقِرَهُم=حتى إذا صارَ مَن في الشّامِ يَحتَضِرُ
يا زَينبٌ إنَّني شِبلُ الذي ذُعِرَت=مِنْ حَدِّ صارِمِهِ الأَيامُ و العُصُرُ
لأجلِبَنَّ فُراتَ الماءِ عِندَكُم=أو أجعَلَنَّ فُراتَ الدَّمِّ يَنهَمِرُ
هذا أبا صالِحٍ عَن عَمِّكُم خَبَرٌ=إذْ أنتَ تَعلمُ حقاً ما هُوَ الخَبَرُ
فَلَستُ أرثيهِ في حُزنِ القَصيدِ و هَلْ=يُرثى بحالِ الَّذي أفعالُهُ الدُّرَرُ
فالقَتلُ عادَتُكُم و الله أكرَمَكُم=شهادةً في سنا الأمجادِ تَزْدَهِرُ
لكِنَّهُ سَيِّدي هل أنَّ عادَتَكُم=تُسبى نِساؤُكُم بالكَفِّ تَسْتَتِرُ
يَسوقُ ناقَتها العَجفاءَ ضارِبُها=و ذاكَ شاتِمُها مِن حالِها سَخِروا
أهَل رَضيتُم لها شمرٌ يُعَنِّفُها=و هل قَبِلْتُم بِسَوطِ الزَّجرِ تَنْزَجِرُ
لم أنسَ لا زينباً و هيَ الوَقورُ مَشَت=بينَ العِدا و العِدا لِشَخْصِها نَظَروا
تَدعو لُيوثَ الوغى و هم بِمَصرَعِهم=هذا على وجهِهِ و ذاك مُعتَفِرُ
و ذاك مِن دونِ رأسٍ غُسْلُهُ دَمُهُ=و ذاك مِن دونِ كَفٍّ رأسَهُ فَطَروا
يا صاحِبَ الأمرِ عُذراً فالحَدِثُ جَوىً=و لا تَلُمني إذا ما مَنطِقي وَعِرُ
مُصابُكُم قَد بَكَت كُلُّ العُيونِ له=و كلُّ قَلبٍ له بالهَمٍّ يَعتَصِرُ
فَحَقَّ أن نَرْتَدي سودَ الثِّيابِ له=و حَقَّ أن يَرتَوي مِن دَمعِنا الحَجَرُ
إلى متى الصَّبرُ يا مَولايَ في عَجَلٍ=أقدِم فقد مَسَّنا في بُعدِكَ الضَّررُ
إلى متى الصَّبرُ و الإسلامُ مُغتَصَبٌ=و صارَ يَحكُمُهُ الكَذّابُ و الأَشِرُ
مَوْلايَ أعلَمُ أنَّ الذَّنبَ ساتِرُنا=عَنكُم فَجِئنا بِكُم للهِ نَعتَذِرُ
فاغفر لنا يا رجانا ذَنبَنا فَبِكُم=الفَضلُ و الجودُ و الإحسانُ يَنحَصِرُ
بِحَقِّ مَن أسقَطوا في البابِ مُحسِنها=بِحَقِّ مَن ضِلعَها ظُلماً لها كَسَروا
عُذراً أبا صالِحٍ أسرَفتُ مجتهِداً=مَقولةً يَحتويها السَّمعُ و البَصرُ
و لَعنَةُ اللهِ دَوماً في الزَّمانِ على=مَن أجحدوا حقَّ آلِ البَيْتِ أو نَكروا
صلى الإله عَلَيكُم سيدي أبداً=ما لاح نَجمُ السُّهى أو أشرقَ القَمَرُ
محمد عبد الرضا الحرزي