هل يطربنّك يا زمان نعائي؟
ديوان السيد حيدر الحلي
هل يطربنَّك يا زمانُ نعائي؟=أم أنكَ استعذبت ماءَ بكائي؟
في كل يومِ منك ألقى شدة ً=ولأنت يوماً شدَّة ٍ ورخاء
لازلت ملحمَ غارة الأرزاء=أو حاشداً جيشاً من النكباء
حتى أصبتَ صميمَ قلبي=بغتة ً وطرقتني بفجيعة ٍ صماء
لم تُبقِ لي جلداً، وكنتُ=أخالني جِلداً بكل ملَّة ِ دهياء
ومعنفٍ طرب المسامع ما=رمى عينيه صرفُ الدهر بالأقذاء
قد لامني وحشاه بين ضلوعه=والأرضُ مطبقة على أحشائي
أمعيبَ حزني لو ملكتُ تجلدي=ما بتٌّ أمزجُ أدمعي ببكائي
أبنيَّ لو خُلِع البقاءُ على=امرىء لخلعتُ من شغفٍ عليك بقائي
مُغفٍ قد امتلأت ردى ً بدل=الكرى عيناك فاقدَ لذة الإغفاء
داءٌ ترحَّل فيك عنّي معقبٌ=في مهجتي للوجد أقتل داء
لهفى عليكَ بكلُ حين أبتغي=فيه لقاكَ ولاتَ حين لقاء
ولئن حُجبتَ بحيث أنت من=الثرى عن ناظريَّ فأنت في أحشائي
قُربتْ بك الذكرى وفيك نأى=الردى نفسي فداؤك من قريبٍ ناء
لو متُّ من أسفي عليك فلم=يكن عجباً، ولكن العجيب بقائي
لازال قبرٌ ضمَّ جسمك تربُه=متنسّماً بلطائم الأنداء
ولئن أبت حيث استقلَّ بك الردى=أن تستهلَّ حوافلُ الأنواء
فحدت إليك على البعاد مدامعي=غيثاً جنوبُ تنفّس الصعداء