لبست من الدهر ثوبا قشيبا
ديوان السيد حيدر الحلي
لبستُ من الدهر ثوباً قشيبا=ورحتُ بكفيه منه سليبا
وأصبح كلى له مقتلاً فحيث=رمى كان سهماً مصيبا
رماني بصمّاء توهى القوى=وقال إليك توقَّ الخطوبا
فشأنك ما بعد أمَّ الخطوب=بقلبي تحدثُ وسماً غريبا
وقائلة ٍ قد أصابَ الحمام=سواك، وذلك قلبي أصيبا
فنهنه من الوجد ما قد يعيبُ=وكفكفْ من العين دمعاً سكوبا
فقلتُ، وقلبي أنفاسه من=الوجد توري بصدري لهيبا
ألائمي أن أصيب المزاد بما=فيه لابد من أن يصوبا
أطيلي العويلَ معي والنحيبا=وإلا دعيني أقاسي الكروبا
خذي اليوم عن جميل العزاء=فقد ملأ الوجدُ قلبي وجيبا
أتأملُ نفسي إذن ليتها أصيبت=بسهم الردى أن تطيبا
وبالأمس قد وسّدت خدَّه=ترابُ القبور فأمسى تريبا
ويا صاحبيَّ قفا بي عليه نعط=القلوب أسى ً لا الجيوبا
واعقر قلبي لدى قبره بسيف=الشجا لا جياداً ونيبا
وأنضح من دم قلبي عليه=جفوني دماً ليس دمعاً مشوبا
وأدعوه وهو وراء الصعيد و=إن كنت أعلم أن لن يجيبا
أغصناً ولم أجن منه الثمارَ=جنته يدُ الموت غصناً رطيبا
ونجماً له أشرقت مقلتاي=بغربهما يوم أبدي غروبا
عجبت، وما زال هذا الزمانُ=يريني في كل يومٍ عجيبا
تموتُ فتحرم شمَّ النسيم و=أحيا أشم الصبا والجنوبا
وتنزل في موحش مجدبٍ و=أنزل ربعاً أنيساً خصيبا
وتسكن أنت بضيق اللحود و=أسكن هذا الفضاءَ الرحيبا
كفاني بهذا جوى ً ما بقيتُ=يجدد في القلب جرحاً رغيبا