أجل من على ما خلت يرقاه فادح
ديوان السيد حيدر الحلي
أجل من عُلى ً ما خلتُ يرقاه فادحُ=هلالُ المعالى طوحتّه الطوائحُ
ومن حيث لا تعلو يدُ الدهر أهبطت=إلى اللحد نجمَ الفخر فالدهر كالح
تناوله من أفق مجدٍ لعزَّة ٍ قد=انحسرت عنها العيونُ الطوامح
فمطلعه في مشرق المجد مظلمٌ=ومغربه في موضع اللحد واضح
لحى الله يوماً قد أراني صباحه=تباريحَ وجدٍ للحشا لا تبارحُ
به صاح ناعيه فأشغلت مسمعي و=قد مضَّ في قعر الحشا منه صائحُ
وهمَّت جفوني بالبكا فملكتها على=الدمع أرجو الكذب والصدق لائح
وقلتُ لمن ينعاه إذ جدَّ باسمه=بنوح تبيَّن باسم من أنت نائح
بفيك الثرى لا تُسم في النعى جعفراً=فيوشك أن تجتاحَ نفسي الجوائح
فلما أبى إلا التي تشعبُ الحشا=وإلا التي تبيضُّ منها المسائح
جمعتُ فؤادي وانطويتُ على الجوى=على حرقٍ ضاقت بهنَّ الجوانح
أعاذلتي عنّى خذي اللومَ جانباً=فلا أدمعي ترقى ولا الوجدُ بارح
فلم ينسفح من عيني الدمعُ وحده=ولكنَّ كليِّ مدمعٌ منه سافح
أصبراً وذا إنسانُ عينيَ أطبقت=على شخصه أجفانهنَّ الضرايح
قد استلَّه من عيني الدهر بعدما=تخيلتُ أن الدهر لي عنه صافح
بكفٍ له مدَّت إلى َّ بهيئة ٍ بدت=وهي فيها كفُّ خلٍ يصافح
ومرَّت على وجهى فقدَّرتُ=أنه يلاطفني في مَرِّها ويمازح
وما خلتُه يا شلَّها الله أنه=بها لسواد العين منّي ماسح
فأطبقتُ عيني وهي بيضاءُ من عمىً=وإنسانها حيث اشتهى الدهرُ طائح
بمن عن ضياء العين يعتاض=طرفها فيغدو عليه وهو للجفن فاتح
لتجرِ الليالي حيث شاءت بنحسها=فما عندها فوق الذي أنا نائح
وماذا تريني بعدَها في مُدى الأسى=يداً لفؤادي سعدُها وهو ذابح
أقول لركبٍ أجمعوا السيرَ موهناً=وقد نشطت للكرخ فيهم طلايح
أقيموا فواقي ناقة ٍ من صدورها=لاودعكم ما استحفظته الجوانح
خذوا مهجتي ثم انضحوها عقيرة ً=على جدثٍ دمعُ البلى فيه ناضح
وقولوا لأيدٍ أحدرت فيه جعفراً=ولم تدرِ ماذا قد طوته الصفائح
لأحدرت من قلب المكارم فلذة ً=قد انتزعتها من حشاها الفوادح
فغير جميلٍ بعده الصبرُ للورى و=لا عيشهم لولا محمدُ صالح
فتى الحلم لا مستثقلاً لعظيمة ٍ=تخفُ لها الأحلامُ وهي رواجح
تدرَّع من نسج البصيرة قلبه=أضاة أسى ً لم تدّرعها الجحاجح
وصابرها دهياء في فقد جعفرٍ=يكافح منها قلبُه ما يكافح
ونهنه فيه زفرة عدن فوقها=حوانيَ من عبد الكريم الجوانح
تعرّض فيها حادثُ الدهر منهما=لصليَّن من نابيهما السمُّ راشح
ونصلين لا تمضى بيوم كريهة ٍ=مضاءهما يومَ الخصام الصفائح
ورمحين سل قلبَ الكواشح عنهما=بما منهما في القلب تلقى الكواشح
تجده كليماً وهو أعدلُ شاهدٍ على=جرحه والجرحُ لاشك فادح
تسربلتها يا دهرُ شنعاءَ وسمها=لوجهك ما عمَّرت بالخزي فاضح
عمى ً لك هل عينٌ تبيتُ وطرفها=لإنسانها بالشر أزرقُ لامح؟
أفق أيَّ وقتٍ فيه منك لجعفرٍ=تُفرغُ كفٌّ ليته منك طائح
وقد شغلت في كلِّ لمحة ناظرٍ=يديك جميعاً من أبيه المنائح
فتى ً يجد الساري على نوره هدى ً=ولو ضمَّه فجٌّ من الأرض نازح
كأنَّ المحيّا منه والليل جانحٌ=«سهيل» لأبصار المهبّينَ لائح
تجاوز "هادى " مجده كاهل السهى=إلى حيث ما لحظ الكواكب طائح
وأمسى حسيناً وجه جدواه للورى على=حين وجه الدهر في الخلق كالح
وأصبح معنى فخره مصطفى=العلى وكلٌّ لأن يقفو محمدَ صالح
فتى في صريح المجد يُنمى=لمعشرٍ أكفُّهم أنواءُ عرف دوالح
مضيئون ضوء الأنجم الشهب للورى=فأزجههم والشهب كلٌّ مصابح
على أول الدهر استهل نداهم=فسالت به قبل الغيوث الأباطح
ومدَّ أبو المهديَّ فيه أناملاً=رواضعها صيد الملوك الجحاجح
جرت بالنمير العذب عشر بحارها=وكل بحار الأرض عذب ومالح
فما للندى في آخر الدهر خاتم=سواه ولا في أول الدهر فاتح