أأهنيك قائلا لك بشرى
ديوان السيد حيدر الحلي
أأُهنيك قائلاً لك بشرى=أم اُعزّيك قائلاً لك صبرا؟
فرحة اردفت بترحة ثكلٍ ساء=فيها الزمانُ ساعة َ سرّا
شفعت فيه أوبة ٌ بذهابٍ=فمنحنا سجلين نفعاً وضرّا
ملأا بالسرور للمجد شطراً=من حشاه وبالكآبة شطرا
زمنٌ آب بالسعود حميداً=بعدما أقلق الركائب عصرا
قلت ألقى العصا وما كنتُ=أدري أنَّ فيها له مآربَ أخرى
بينما تكتسى وجوهُ الليالي=رونقاً للسرور إذ عدن غبرا
خيرُ يومٍ بدا بحلَّة زهوٍ ما=له تحتها تأبَّط شَرا
يا خليليَّ والحديثُ شجونٌ=فأجيلا معي إلى الحزم فكرا
خبراني عن الصواب برشدٍ=إن تكونا أحطتما فيه خبرا
كان لي في الأمور قلبٌ و=لكن بمقاديم دهشتي طار ذعرا
قد وفدنا لكي نهنّي المعالي=فوجدنا العيونَ منهنَّ عبرى
فماذا أواجهُ الفخرَ أم في أيِّ=شيءٍ أخاطب المجدَ جهرا؟
أبنعيٍ فأنثر الشجوَ دمعاً؟ أم=اُحيِّ فانظم السعدَ شعرا
فالليالي أقررن للجود عيناً=وعلى النعيِّ منه أقذين أخرى
ومن المكرمات أبكين جفناً=بعدما للسعود أضحكن ثغرا
طبت يا أرضُ بين حيٍّ وميتٍ=بالشذا عطرّاك بطناً وظهرا
فعزاءً «لمصطفى » المجد عن مَن=خلت «بالمصطفى » أهنّيه بشرى
رحلت بالجواد أيامُ دهرٍ أين=مرَّت من بعده قيل عقرا
كان بالأمس أنظرَ الناس ربعاً=وهو اليوم أطيبُ الناس قبرا
يا بني "المصطفى " وبيتُ نداكم=قد بنى طائرُ الرجا فيه وكرا
شدتموه على التقى يهدمُ=الدهرَ ويبقى بناؤه مشمخرّا
لست أدري أأودعَ المجدُ=منكم بشراً فيه أم ملائك غرّا؟
خلَّد «المصطفى» به لكم=الفخرَ وزدتم «بالمصطفى» فخرا
أرجُ المجد لو تجسَّم نشراً=من شذاه لعطَّر الأرضَ نشرا
ولودَّت أترابُها الغيدُ أن قد=جعلته على الترائب عطرا
بسط الكفَّ بالسماح فقلنا:=أرسلت نوءَها الثريّا فدرِّا
ملكٌ في يديه عشرُ بنانٍ=نشأت للورى سحائبَ عشرا
زاد في قدره التواضعُ حتى=عاد عنه الزمانُ يصعر قدرا
فهو قلبُ العُلى وأيُّ مكانٍ=حلَّ فيه تواضعاً كان صدرا
بل هو العقدُ زانها وكذا=العقدُ يزين الفتاة َ جيداً ونحرا
لو تحكُّ النجومُ في عاتقيها=أخمصيه لقيل حسبُك فخراً
أطبقت ظلمة ُ الخطوب و=لكن بأخيه من ليلها شقًّ فجرا
فأرانا شمساً بوجه أبي "الهادي»=وشمنا به ولا ليلَ بدرا
ذاكَ مَن أزهرت مزايا عُلاه=فبدت والكواكبُ الزهر زهرا
جاء محضَ النجار أملسَ عرضٍ=فيه طابت حواضنُ المجد حجرا
عبقَ الجيب طاهرَ الردن و=الأذيال عفَّ الأزار سرّاً وجهرا
قد حلتْ لي أخلاقه في زمانٍ=قلتُ لمّا طعمته ما أمّرا
علمتني هي النظام إلى أن=قيل لي أنتَ أشعرُ الناس طرا
وأداروا لي المدامة منها=ثم قالوا تحبُّها قلتُ بهرا
ماجدٌ تطرب المسامعُ منه=من رقيق الثناء ما كان حرا
وإذا مرَّ في العطا ودَّ فيه=مجلسُ الجود لم يزل مستمرا
لا كمن إن تكلَّف الرفدَ يوماً=أكلتْ كفَّه الندامة ُ دهراً
ففداءاً لشبره باع قومٍ لم=تقس في ذراعها منه فترا
مدَّ لكن يداً صناع العطايا=طرَّزت بردتيه حمداً وشكرا
لا تفاخر به المجرَّة إلا إن=ترد تكسب المجرة َ فخرا
فهو بحرٌ ويقذف الدرَّ جوداً=وهي نهرٌ وليس يقذف درّا
وهو والمصطفى بنادي العُلى=شفعٌ وكلُّ يقوم في القوم وترا
حفظا حوزَة السماح وكلٌّ=دونها للعذول كم سدَّ ثغرا
فدمُ المكرمات لو لم=يجيئا لنعته يتائمُ الشعر هدرا
قد غرسنا فأثمر النظمُ=حمداً وسقيتم فأينع الجودُ وفرا
لسواه يا عاصراً حلبَ=الفكر بكفِّ الخسار تعصر خمرا
أيها الطيبون معقدَ أزرٍ=لكم الله شدَّ بالنصر أزرا
ذكركم بالجميل سار و=لكن كمسير الرياح براً وبحرا
قرّت الأرضُ بالجبال و=كانت هي والراسياتُ فيكم أقرّا
هاكموها بكرَ القريض وعنها=سائلاها هل مثلها افتضَّ بكرا؟
بسوى السحر لم تعب أي و=عيب البابليات إنه كان سحرا
مزجت راحة َ السرور بضرٍّ=فأذاقت طعمين حلواً ومرا
همت في عفرها وما كلُّ من=هام بوادي القريض يصطاد عفرا
زان تحبيرُها الطروسَ ففتّش=ما عداها تجده طرساً وحبرا